الأطعمة الدنماركية التقليدية تحل محلها الحبوب الكاملة في الوجبات اليومية

الثلاثاء 13 مايو 2025 - 06:55 ص

الأطعمة الدنماركية التقليدية تحل محلها الحبوب الكاملة في الوجبات اليومية

منى شاهين

استطاعت الدنمارك تغيير العادات الغذائية لشعبها، وجعله يتناول أغذية مكونة بالكامل من الحبوب، لما لها من فوائد صحية كبيرة، أهمها محاربة السمنة ومكافحة السرطان.

وجاءت هذه المبادرة من قِبل شراكة بين الحكومة وجهات غير رسمية، تحت اسم "الغذاء المكون بالكامل من الحبوب"، تسعى إلى جعل الدنماركيين أكثر صحة مع كل شريحة خبز من الحبوب يتناولونها.

وتضمّ هذه الشراكة أعضاء من الحكومة ومنظمات دنماركية غير حكومية تُعنى بالصحة، مثل جمعية السرطان ومؤسسة القلب وجمعية السكري، وقطاع الصناعة مثل الخبازون وشركات الأغذية والمتاجر الكبرى، وقد حققت نجاحاً ملحوظاً.

فعندما بدأت هذه الشراكة عام 2008، كان متوسط استهلاك الدنماركيين من الغذاء المكون بالكامل من الحبوب 36 غراماً يومياً للفرد، وبحلول عام 2019 وصل هذا المعدل إلى 82 غراماً، وهو أعلى معدل استهلاك في أوروبا.

وفي المقابل، يتناول البريطاني الواحد 20 غراماً يومياً من الغذاء المكون من الحبوب، فيما لا يتناول واحدٌ من كل خمسة أشخاص أي غذاء مكون بالكامل من الحبوب.

وفي الولايات المتحدة لا تتجاوز نسبة استهلاك الحبوب الكاملة 15% من إجمالي استهلاك الحبوب، في حين توصي الإرشادات الغذائية بنسبة 50% على الأقل.

وقالت الباحثة في جمعية القلب الدنماركية، ناتاشا سيلبرغ: "يساعد تناول الغذاء المكون بكامله من الحبوب على تقليل خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية والسرطان وداء السكري من النوع الثاني وارتفاع ضغط الدم".

وأضافت أن الطعام المكون من الحبوب يساعد على خفض مستوى الكوليسترول، يثبت مستويات الغلوكوز في الدم، ويحسن صحة ميكروبات الأمعاء.

من جهتها، قالت قائدة المبادرة، ريكي نيس، إن "الغذاء المكون بالكامل من الحبوب يُشعرك بالشبع، وبالتالي يُساعد في الوقاية من السمنة"، مشيرة إلى أن الدنمارك تعتبر من بين الدول ذات المعدلات الأدنى في السمنة بأوروبا.

وأضافت: "الحبوب تُضفي قواماً مميزاً على طعامك، كما تضفي عليه مذاقاً رائعاً".

وأوضحت نيس أنه يوجد في الدنمارك تسعة أنواع من الحبوب: القمح، والحنطة، والشعير، والأرز، والجاودار، والشوفان، والدخن، والذرة، والذرة الرفيعة.

وأشارت إلى أنها قد تتوسع قريباً لتشمل أشباه الحبوب مثل الكينوا، والأمارانث، والحنطة السوداء.

وبيّنت أن تناول وجبة كاملة من الحبوب، بما في ذلك النخالة والسويداء، يعني الاستفادة من جميع أجزاءها المفيدة، مثل الألياف والفيتامينات والمعادن.

وأضافت أن مبادرة الغذاء المكون من الحبوب بدأت بفضل حمية أتكينز المنخفضة الكربوهيدرات، التي كانت شائعة جداً في الدنمارك.

وفي هذا السياق، ذكرت أن إحدى الخطوات الأولى للمبادرة كانت إنشاء شعار برتقالي للمنتجات الغنية بالحبوب الكاملة.

وفي عام 2010، اشتمل هذا الشعار على 190 منتجاً، وبحلول عام 2019، وصل العدد إلى 1097 منتجاً، مما سهل على المستهلكين اختيار الحبوب الكاملة.

تلقينا استجابة إيجابية للغاية من قطاع الصناعة، حيث أن الشعار يمنح المنتجين ميزة تنافسية كما يشجع على تطوير منتجات صحية.

دعمت الحكومة الدنماركية هذه المبادرة من خلال تحديث الإرشادات الغذائية الرسمية، وفي عام 2009، أوصت بتناول أربع حصص يومياً من الغذاء المكون بكامله من الحبوب.

وفي عام 2013، حددت المبادرة هدفاً يتمثل في تناول 75 غراماً على الأقل يومياً من هذه الأغذية، وفي يونيو من العام الماضي، ارتفع هذا الهدف إلى 90 غراماً.

وأفادت نيس بأن "خبز الجاودار جزءٌ لا يتجزأ من ثقافتنا منذ ألف عام، لكن الشباب يفضلون بشكل متزايد الخبز الأبيض واللفائف وخبز البرغر على خبز الجاودار المستطيل القديم".

استجابةً لذلك، يتم تقديم هذا الخبر في أشكال وأحجام جديدة تناسب الشباب، مما يُسهم في استمرار تلك التقاليد الغذائية.

تسعى مبادرة "الغذاء المكون بالكامل من الحبوب" إلى نشر مفهوم الغذاء المكون بكامله من الحبوب خارج حدود الدنمارك، من خلال تحالف غذاء الحبوب.

وقالت ريكي نيس: "نحن جزء من تحالف غذاء الحبوب، وهو مشروع يهدف إلى زيادة استهلاك الأغذية المكونة بالكامل من الحبوب في إفريقيا وأماكن أخرى".

لدينا أيضاً شراكات في ألمانيا واليابان، وقد أطلقنا أخيراً شراكة مع السويد، لدعم هذه المبادرة حول العالم.

وفي وقت سابق من الشهر الجاري، انعقدت القمة الدولية للغذاء المكون بالكامل من الحبوب في ديتمولد بألمانيا، داعيةً إلى استبدال الحبوب المكررة بالحبوب الكاملة.

تعتقد نيس أن الدول الأخرى يمكن أن تحذو حذو الدنمارك، مشيرة إلى ضرورة التدرج في زيادة كمية الحبوب الكاملة من 3% إلى 5% في الأغذية.

مبادرة "الغذاء المكون بالكامل من الحبوب" تم إطلاقها بالشراكة بين الحكومة وجهات غير رسمية، ما يجعلها تجربة مميزة في تحسين العادات الغذائية لشعوب العالم.


مواد متعلقة