أوكرانيا تتأرجح بين الضغوط الأمريكية والتعنت الروسي في محاولات السلام
السبت 29 نوفمبر 2025 - 03:05 ص
في الـ19 من نوفمبر الجاري، تزايد الحديث حول تقارير تتعلق بـ«خطة سلام» أميركية-روسية. لكثيرين، بدت هذه المبادرة كأنها دعوة مبطنة لاستسلام أوكرانيا. ومع تتابع الأيام، احتشد ممثلون من أوروبا وأوكرانيا والولايات المتحدة بجنيف للنظر في إعادة صياغة المقترحات المطروحة.
وعلّق الخبراء المطلعون بأن المفاوضات بين الطرفين الأميركي والروسي، حول مسودة الخطة، لم تصل بعد إلى مرحلة الاستقرار. في الوقت ذاته، أعربت الأوساط الأوكرانية عن رضاها عن النسخة المحدثة من الوثيقة، رغم ترقب واسع لرفض روسيا لبعض بنودها.
المحادثات تميل لصالح ما تسعى إليه موسكو، حيث تتركز المفاوضات على محاولة التوفيق بين ما تطلبه روسيا وما يمكن أن تفرّغه أوكرانيا. المرجح أن القرار النهائي سيكون بيد الكرملين.
في كييف، ارتفع مستوى التفاؤل، حيث شهدت المحادثات تطورات إيجابية بإزالة النقاط المثيرة للجدل من المسودة الأصلية للخطة. هذه النسخة المعدلة من الوثيقة جاءت بعد ترشيد العدد الإجمالي للبنود ورفع القيود على الجيش الأوكراني.
في الوقت نفسه، أعطت النسخة الجديدة مرونة في بعض البنود المتعلقة بجرائم الحرب دون السماح بأي استفادة للولايات المتحدة من الأصول الروسية المجمدة. أما القضايا الأكثر تعقيداً فستُترك للنقاش بين الرئيسين ترامب وزيلينسكي.
ومن بين هذه القضايا مطالب روسيا بأراضٍ أوكرانية وغيرها من التعديلات الدستورية التي تستبعد احتمالية الانضمام إلى الناتو. كان مقرراً عقد لقاء بين القادة في البيت الأبيض في 27 نوفمبر، لكن تم تأجيله دون توضيح الأسباب.
المشروع الأهم في هذه العملية هو المفاوضات المستمرة، التي وصفها دبلوماسيون بأنها أكثر فعالية هذه المرة مقارنة بالفترات السابقة. الاتجاه الحالي يشير إلى تقدم ملحوظ في تقريب وجهات النظر الروسية والأوكرانية.
العملية قد تستمر لعدة أشهر، إذ تبقى مسألة كيفية تنازل روسيا ومتى، والمخاطر المترتبة على ذلك محل نقاش واسع. يظل السؤال الأهم: هل يمكن أن تجد موسكو نفسها في مواجهة ضغوط تجبرها على تعديل مطالبها؟
قد تكون الإدارة الأميركية قد تراجعت عن مطلبها بتوقيع أوكرانيا على الاتفاق قبل ديسمبر. غير أن الرؤية داخل الأوساط الأوكرانية تصب في أن روسيا لن تقدم تنازلات كبيرة قبل نهاية الشتاء، ما لم يتم ممارسة مزيد من الضغوط عليها.
من جهة أخرى، وعلى الصعيد الاقتصادي، تزداد الأمور تعقيداً، فالضغوط المتعاظمة بفعل انخفاض عائدات النفط تزيد من الحاجة للتدخل لتسوية الخلافات وتجنب الدخول في فصل جديد من الخلافات الاقتصادية.
مع ذلك، يبقى المشهد داخل الإدارات الأميركية غامضاً بعض الشيء، مع وجود أطراف تدعو لتعزيز موقف روسيا وتقديم مصالح أميركا التجارية في حين تحاول جهات أخرى العودة إلى سياسات تقليدية تدعم أوكرانيا.
في هذه السياق، اتخذت إحدى الجهات في البيت الأبيض بقيادة ماركو روبيو خطوة إيجابية مع دعم حلفائه الأوروبيين بهدف ضبط المسار الحالي للأمور. وقد رأى البعض في هذا تحركاً لصالح استقرار الأوضاع، لكن لم ينتهِ الصراع بعد.
وفي الجانب الآخر، شهدت الأسابيع الماضية تسريبات مثيرة للقلق تتعلق بمحادثات بين مستشارين أميركيين وروس، أثارحت علامات استفهام حول النوايا الحقيقية للجانبين. أحد التسجيلات أوضح محادثة تتعلق بتسهيلات أميركية للسيطرة على بعض الأقاليم المتنازع عليها.
التوتر الداخلي في الولايات المتحدة مرتبط أيضاً بالتحولات السياسية داخل البلاد، لكن الأهم هو ما يدور داخل أوكرانيا من فضائح فساد تهدد الاستقرار. شخصيات بارزة وأعضاء من الإدارة الأوكرانية كانوا محط اتهامات تتعلق بالفساد والاحتيال، ما يؤثر على المشهد العام.
وفي ساحة القتال، ورغم بعض التصعيدات، لم تنجح روسيا حتى الآن في تحقيق تقدم استراتيجي كبير على الأرض بفعل تكتيكات الجيش الأوكراني. القوات الأوكرانية قادرة على صد الهجمات، وإن كانت تواجه تحديات عدة.
من جانبها، تواصل روسيا تطوير أسلحتها وخاصة الطائرات المُسيّرة الهجومية، التي قد تشكل تهديداً لبعض المدن الأوكرانية. هذه التطورات تزيد من تعقيدات المشهد وتجعله مرهوناً بمزيد من التنسيق والدعم الأجنبي.
الكثيرون في أوكرانيا يعتقدون أنه من غير المحتمل أن يرضي أي اتفاق روسيا، ما لم تُوضع ضغوط جديدة. ومع استمرار الحرب، يبقى الأمل في استقرار الأوضاع رهيناً بالقدرة على توقع الخطوات الروسية ودفعها نحو التنازلات.
يعتقد الدبلوماسيون الأوكرانيون أن بلادهم تعتمد بشكل كبير على استمرار تدفقات التمويل الخارجية، التي تُعتبر الآن عنصراً حيوياً أكثر من ذي قبل لدعم قدراتها.
تنتهي ديسمبر بعقد قمة أوروبية قد تكون نقطة تحول، حيث يتوقع اتخاذ قرارات مؤثرة بشأن الأصول الروسية المجمدة. هذا بالتزامن مع الحفاظ على تدفق الدعم الغربي وتجنب صراع مفتوح مع الولايات المتحدة. يبقى الأمل في أن تحقق الضغوط الدولية الغايات المرجوة وتؤدي إلى صياغة حلول دائمة للأزمة المتعاقبة.
مواد متعلقة
المضافة حديثا