ظاهرة غامضة بين فصيلة قرود تثير تساؤلات العلماء

الثلاثاء 20 مايو 2025 - 07:12 م

ظاهرة غامضة بين فصيلة قرود تثير تساؤلات العلماء

راشد مطر

تقوم ذكور قرود الكابوشين الصغيرة بالتخلص من مللها عبر تقليد غريب يتمثل في اختطاف صغار قرود العواء. وهذا التصرف يمثل أول حالة توثق فيها حيوانات تخطف صغار نوع آخر بلا سبب واضح. اندهش العلماء من هذه الظاهرة النادرة والمثيرة.

اكتشفت الطالبة زوي غولدسبورو هذه الظاهرة عام 2022 أثناء دراسة لقطات مصورة بكاميرات استشعار الحركة في جزيرة جيكارون قبالة سواحل بنما. ترى الباحثة في مشهد اختطاف صغار القرود حالة مدهشة أثارت اهتمام المجتمع العلمي.

تقول زوي غولدسبورو: "لقد شعرت بالصدمة" عندما رأت قرد الكابوشين بوجهه الأبيض يحمل قرد عواء صغيراً على ظهره. هذه الظاهرة جعلت الباحثين يعيدون النظر في تفاعلات الحيوانات الطبيعية والاجتماعية.

لاحظ العلماء قرد الكابوشين المعروف بالجوكر بسبب ندبة على فمه وهو يحمل أربعة صغار مختلفين من قرود العواء على مدى فترة قصيرة. يعكس هذا التصرف جهلنا ببعض سلوكيات الحيوانات في البرية.

بالرغم من القصة الجميلة عن قرد الكابوشين الذي يتبنى الصغار، رصدت كاميرات حالات مشابهة تشير إلى تكرار سلوك الاختطاف على مدى 15 شهراً. هذه الملاحظات الجديدة تفتح أبوابًا لفهم أعمق للعلاقات بين الحيوانات.

رُصدت قرود الكابوشين تخطف أشبال العواء بلا أذية أو لعب معها، ما يشير إلى نوع من التقليد الاجتماعي، وفق زوي غولدسبورو. هذه النتيجة تثير تساؤلات حول غموض سلوك القرود والهدف المفترض لهذا التقليد.

هذه الدراسة توثق للمرة الأولى ظاهرة اختطاف متكرر لصغار أنواع من قبل نوع آخر، وتواجه تكلفة كبيرة. فبينما تم رصد موت أربعة من صغار العواء، يظل مصير البقية غامضًا، ما يعكس تعقيد هذا السلوك.

تنشط قرود الكابوشين في التنزه بين أشجار متنزه كويبا الوطني، حيث تم تثبيت الكاميرات لرصد سلوكها الدقيق في بيئتها الطبيعية. يقدم ذلك فهماً أوسع لآليات تفاعلها مع محيطها.

تصف زوي غولدسبورو قدرة القرود على اختطاف صغار لا يتجاوز عمرها يومين دون إلحاق أذى، موضحة براعتهم في هذه المهمة رغم فرق الحجم بينها وصغار قرود العواء.

ظاهرة التقليد الاجتماعي ليست جديدة في عالم الحيوان. قبل عقد، رُصدت قرود الكابوشين في كوستاريكا تزيل القمل من النيص في تقليد غير مألوف.

في الثمانينات، بدأت حيتان قاتلة في وضع أسماك سلمون على رؤوسها، وهي سلوكيات عادت بعد عقود لتثير فضول العلماء حول دلالاتها.

أبدى الباحثون اهتماماً خاصاً بقرود الكابوشين بجزيرة جيكارون بسبب استخدامها للأدوات الحجرية في كسر الجوز والأصداف البحرية. مع غياب المهددات الطبيعية، تملك مجموعة متنوعة من السلوكيات الوقت للتطور.

تعتبر هذه الظروف فرصة لدراسة النقل الاجتماعي لعلوماً كاستخدام الأدوات، رغم سلوكيات تبدو عشوائية كتقليد اختطاف الصغار. يرى العلماء في ذلك انعكاساً للاكتفاء الغذائي وانعدام الأخطار.

أُبلغ عن حالة اختطاف واحدة أخرى على الأقل منذ انتهاء الدراسة في يوليو 2023، مما يشير إلى استمرار هذا السلوك الغريب رغم انخفاض أعداد العواء.

نقص عمليات اختطاف صغار العواء يعزى إلى ندرتهم، إذ إنها تُدرج ضمن الأنواع المهددة بالانقراض. يثير ذلك أسئلة حول تأثير الإنسان والطبيعة على هذه التفاعلات الحيوانية.


مواد متعلقة