جيل زد يزحف نحو الأسواق الآسيوية ويهجر الأسهم الأمريكية؟

جيل زد ليس فقط يقوم بتغيير الأعراف الاجتماعية وثقافة العمل، بل إنه يعيد صياغة قواعد الاستثمار أيضًا. مزيد من الشباب المستثمرين في العشرينات من أعمارهم يتجاوزون الأسهم الأمريكية التقليدية ويوجهون اهتمامهم، وأموالهم، نحو الأسواق الناشئة في آسيا.

وليس هذا مجرد توجه عابر. إنهم يتابعون إشارات الاقتصاد الكلي ويتبنون التكنولوجيا، ويضعون أنفسهم مبكرًا في مناطق ذات إمكانات نمو طويلة الأجل. وبينما يتمسك وول ستريت بمؤشر S&P 500، يتسائل جيل زد: ماذا لو كانت الفرصة الحقيقية في مكان آخر؟

لنقم بتحليل ما وراء هذا التغيير الجيلي، إلى أين تتدفق الأموال، وهل هذه الاستراتيجية تصمد عند التقييم؟ لماذا ينظر جيل زد إلى ما بعد السوق الأمريكية.

جيل زد يدخل عالم الاستثمار في بيئة مالية غير مسبوقة. يتم تشكيل وعيه بفعل عدم الاستقرار الاقتصادي، والديون الطلابية، ومنظور عالمي مترابط رقميًا. وهو يشكك في الاعتقاد السائد بأن الأسواق الأمريكية يجب أن تكون محور كل محفظة استثمارية.

بدلاً من اتباع النماذج التقليدية، يبحث الكثيرون منهم عن أسهم للشراء في اقتصادات سريعة النمو في الخارج، على أمل تحقيق قيمة أفضل، وعوائد طويلة الأجل أقوى، وتوافق أكبر مع رؤيتهم للعالم. من أبرز الأسهم التي يفضلها هذا الجيل.

يشعر العديد من مستثمري جيل زد أن الأسهم الأمريكية مبالغ في تقييمها. أسماء التكنولوجيا الكبرى مثل Apple وNvidia وMicrosoft تهيمن على المؤشرات ولكن نسب السعر إلى الأرباح فيها مرتفعة تاريخيًا. الاستثمار في هذه الشركات في عام 2025 يشبه الوصول متأخرًا إلى الحفلة.

المستثمرون الشباب، الذين يعانون بالفعل من ارتفاع تكاليف المعيشة والتضخم، يبحثون عن أماكن يمكن أن تمتد فيها أموالهم أبعد. السوق الأمريكية، بأسعار دخولها المرتفعة، لا توفر هذا الإحساس بالفرصة.

على عكس الأجيال الأكبر، يركز جيل زد على التنويع العالمي. إذ أن جيل زد رقمي وواعٍ بالعالم، وأكثر راحة مع الاستثمار عبر الحدود وأقل ارتباطًا عاطفيًا بالعلامات التجارية الأمريكية.

تقدم تطبيقات مثل Interactive Brokers وWebull وRevolut، وصولاً سهلاً إلى صناديق ETFs الأجنبية، وسندات الأسواق الناشئة، والمؤشرات الإقليمية. لم يعد الاستثمار في الخارج يبدو محفوفًا بالمخاطر أو غريبًا، بل هو مجرد تبويب إضافي على لوحة القيادة.

الهند تجذب اهتمام جيل زد لأسباب وجيهة: حقق سوق الأسهم الهندي أعلى مستوياته في عام 2024 ويواصل الارتفاع بدافع الطلب المحلي. قطاعات مثل التكنولوجيا المالية، والمدفوعات الرقمية، والبنية التحتية تتوسع بسرعة. سجل مؤشر Nifty 50 متوسط عائد 12% سنويًا على مدى السنوات العشر الماضية.

ETFs التي تتعقب الأسهم الهندية الكبرى أو تلك التي تركز على التكنولوجيا مثل iShares MSCI India محل اهتمام المستثمرين تحت سن 30، وفقًا لبيانات من Fidelity وCharles Schwab.

فيتنام ظهرت كمركز رئيسي لأنها تُعتبر الوجهة المقبلة للشركات التي تتجه لتنويع سلاسل التوريد بعيدًا عن الصين. يشهد الاستثمار الأجنبي المباشر نموًا ملحوظًا، مع تحقيق بورصة مدينة هو تشي منه عوائد مزدوجة الرقم باستمرار في السنوات الأخيرة.

يراهن المستثمرون الشباب على توسيع البنية التحتية، نمو العقارات في المدن الثانوية، وصناديق الأسهم في قطاعي الخدمات اللوجستية والتصنيع.

تجذب إندونيسيا والفلبين اهتمام جيل زد بالفرص الجديدة. إندونيسيا، كبلد ذو عدد سكان كبير يزيد عن 270 مليون نسمة، أصبحت ميدان اختبار للتكنولوجيا المالية. في حين تبرز الفلبين باقتصاد رقمي مزدهر واستقرار مالي مدعوم بتحويلات العاملين بالخارج.

صناديق الاستثمار منخفضة التكلفة والصناديق الموضوعية التي تركز على التكنولوجيا الاستهلاكية، والخدمات المصرفية عبر الهاتف، والتنمية الحضرية تحظى بشعبية متزايدة بين المستثمرين الواعين اجتماعيًا على منصات مثل eToro وTrading 212.

جيل زد يتجاهل الأسهم الأمريكية لصالح الأسواق الآسيوية الناشئة؟ تلعب هذه الاستراتيجية دورًا كبيرًا في تغيير الصورة النمطية للاستثمار.

نمت الأسواق الآسيوية الناشئة بفضل النمو الاقتصادي الذي يتجاوز 5% سنويًا مقارنة بمتوسط أقل من 2% في الاقتصادات المتقدمة. التركيبة السكانية والشباب توفرون دورات طلب وريادة استهلاك متزايدة.

في المقابل، توجد مخاطر العملات، حيث أن تقلبات العملات يمكن أن تؤثر بشكل كبير في العوائد عند تحويل الأرباح إلى الدولار. لا تزال هناك عقبات في بعض الأسواق مثل فيتنام والهند بسبب ضوابط على رأس المال.

لهذا، يتقبل العديد من مستثمري جيل زد هذه المخاطر كجزء من استراتيجية موزونة تجمع بين صناديق ETFs الأمريكية والأسهم الممتازة مع مراكز نمو عالية في الأسواق الدولية.

تقدم المنصات التكنولوجية المالية إمكانية وصول ديمقراطي للأسواق الناشئة، مثل Interactive Brokers وWebull التي تتيح شراء أجزاء من صناديق ETFs العالمية. من ناحية أخرى، توسع SoFi وPublic نطاق التعرض للأسواق الناشئة من خلال محافظ موضوعية.

أسواق الناشئة أصبحت أكثر سهولة بفضل التطبيقات التي تتيح للمستخدمين الاحتفاظ بأرصدة بعملات متعددة، تسهل التعامل مع تحويل العملات.

قد يراهن جيل زد جغرافيًا أكثر، لكنه يهدف على المدى الطويل. هم يراهنون على العقد أو العِقدين التاليين من النمو العالمي والتوسع الحضري. بينما يرى المستثمرون الأكبر أن الأسواق الناشئة مقامرة، يراها جيل زد كحتمية.

من المتوقع أن تبقى السوق الأمريكية مهيمنة بطرق عديدة ولكن بالنسبة لجيل زد، أصبحت آسيا قوة تتصدر الأولويات ومتوقعة الازدهار.