ليلة مقتل تشيخوف: النص الذي يتجسد على الخشبة
الأربعاء 03 ديسمبر 2025 - 01:26 ص
تتركز سينوغرافيا المسرح على بساطة في التصميم تعتمد على وجود مكتبين وكنبة في المنتصف، بينما تساهم المؤثرات الصوتية والضوئية في نقلنا إلى أجواء عاصفة وممطرة. مع بدء عرض "ليلة مقتل تشيخوف"، الذي قدمته مجموعة "آرت بوكس"، يمضي بحضور لافت في اليوم الرابع من مهرجان دبي لمسرح الشباب.
تُقدّم الابتسامة على وجوه الممثلين انطباعًا خادعًا للوهلة الأولى بأن العرض سيكون كوميديًا. لكن سرعان ما نجد أنفسنا منتقلين إلى عوالم أخرى بالغة التعقيد. يظهر الممثل المُغرور باسيلي، الذي يأسره شهرة ماضية، وتلقّنه الأدوار الحياتية، بينما نيكيتا المدرب العجوز يحاول مساعدته في التغلب على مرض الزهايمر.
وسط جوّ نفسي يغلب عليه التوتّر، يُصاب المشاهد بتغيير مفاجئ في نسق العرض. نكتشف أن ما رأيناه لم يكن سوى بروفة بين كاتبين في شركة إنتاج يحاولان إكمال نص مسرحي، بينما يجتهدان للوصول إلى فكرة تليق بالمسرح المعاصر. هنا تبدأ لعبة المسرح داخل المسرح، حيث تكون العناصر المسرحية جزءً من القصة التي تكتب نفسها.
يقوم سيف، صاحب شركة الإنتاج الذي يجسد دوره جاسم البلوشي، بإضفاء روح الدعابة على العمل، حيث يبحث عن نص "ترند" يتماشى مع ما تريده السوق. من خلال هذا النزاع بين الكاتبين، عبده الذي يجسد دوره محمد قايد، وحمادة الذي يقوم بدوره مدحت مصطفى، يدفع العمل نحو الكوميديا الذكية.
بينما يحاولون تجاوز أزمة الخيال والكتابة، يُفرض واقع الاقتصاد الفني المحدود عليهم. بأداء يفوق النص والإخراج، لا تُطرح الأسئلة الكبيرة بصيغة مباشرة، ولكن تُحاكى عبر حوار ساخر يمزج بين الجدية والهزل. الكوميديا لا تأتي من الإسفاف بل من عمق الفكرة المطروحة.
تصل الدراما إلى ذروتها في المشهد الختامي، حين يواجه الكاتبان المنتج، الذي يحمل الطبلة ويستعين بها كإيقاع لمحور النزاع. يبدو أحد الكاتبين مستسلماً لأصوات العصر العصرية، بينما يتمسك الآخر بالنصوص المسرحية العميقة، تمامًا كنفس تشيخوف الأخيرة.
الطبل المستخدم في العرض يرمز للفوضى الثقافية والاجتماعية السائدة اليوم. حيث تُطرح تساؤلات حول من هو الضحية الحقيقية في "ليلة مقتل تشيخوف؟". هل هي تشيخوف كرمز ثقافي؟ أم أن المسرح نفسه أصبح ضحية الاستهلاك؟ أم أنه مخاوفنا التي فقدت تحديد الاتجاه الصحيح؟
يؤكد محمد قايد، أحد المشاركين في تقديم العرض، أن العمل كان محاولة للتطرق إلى قضية الكتابة في السوق الأوسع، خاصة في ظل حاجتها للإبداع الحقيقي مقابل الانتشار الجاهز. حواري مع "الإمارات اليوم" يعكس وجهات النظر المختلفة حول ما يعانيه الفن، مقدميًا الكوميديا بصيغة تقاوم الإسفاف.
وتحدث جاسم البلوشي عن مشاركته الأولى في مهرجان دبي لمسرح الشباب قائلاً: كانت فرصة رائعة لي للتقرّب من الجمهور وتطوير مهاراتي. التحضير للعرض استمر لقرابة الشهر، وكان مليئًا بالفرح والمتعة، فقد سمح لنا بالتفاعل مع موضوعات نعيشها يوميًا.
شهد مهرجان الفنون الأدائية الشبابية في دبي إبداعًا متجدداً بمشاركة العديد من المواهب الشابة في الموسيقى والغناء. على سبيل المثال، قدّمت كرسينس فرانشسكا، البالغة من العمر 16 عاماً، فقرة غنائية باللغة الإنجليزية. وعبّرت بأنها تجربتها الأولى في المهرجان وفيها فرصة لتقديم موهبتها للجمهور.
مواد متعلقة
المضافة حديثا