الشارقة تضيء تاريخاً جديداً: الفاية تنضم للتراث العالمي في 2025

الأحد 13 يوليو 2025 - 07:49 م

الشارقة تضيء تاريخاً جديداً: الفاية تنضم للتراث العالمي في 2025

مريم صوفان

سجلت دولة الإمارات إنجازاً تاريخياً جديداً في مسيرتها لحماية التراث الثقافي، بعد أن اعتمدت لجنة التراث العالمي في دورتها الـ47 المنعقدة في باريس قراراً جماعياً بإدراج موقع "الفاية" في إمارة الشارقة ضمن قائمة "اليونسكو" للتراث العالمي.

حظي موقع "الفاية"، الذي يقع في المنطقة الوسطى من إمارة الشارقة، بهذا الاعتراف نظرًا لقيمته العالمية الاستثنائية، حيث يحتفظ بسجلات قديمة وطويلة لوجود الإنسان في البيئات الصحراوية تمتد لأكثر من 200 ألف عام.

تضم قائمة التراث العالمي حالياً ما مجموعه 1226 موقعاً ذا قيمة عالمية استثنائية، منها 955 موقعاً ثقافياً، و231 موقعاً طبيعياً، و40 موقعاً مختلطاً، تتوزع على 168 دولة. في حين أن الدول العربية تحتوي على 96 موقعاً من مواقع التراث العالمي موزعة على 18 دولة.

يُعتبر موقع "الفاية" نموذجاً متكاملاً يُعرف بمصطلح "المناظر الصحراوية"، حيث يمثل قدرة الإنسان على التكيف والاستيطان في الصحارى رغم الظروف البيئية الصعبة، مما أعطى لخطورته بين قائمة التراث العالمي بعداً علمياً وإنسانياً فريداً.

ضمن فئة "مواقع التراث الثقافي"، يعتبر "المشهد الثقافي لعصور ما قبل التاريخ بالفاحة" الترشيح العربي الوحيد بنظر لجنة التراث العالمي لهذا العام، ما يمنح هذا الإدراج أهمية لدولة الإمارات والشارقة والعالم العربي بأجمعه.

على مدى أكثر من 30 عاماً قادتها هيئة الشارقة للآثار بالتعاون مع فرق دولية، تم الكشف عن 18 طبقة جيولوجية متعاقبة في موقع الفاية، ما يوفر قيمة علمية استثنائية لتسليط الضوء على مسار تطور الإنسان في البيئات الجافة.

تعزز التعاون مع مؤسسات علمية دولية مثل جامعة توبنغن وجامعة أوكسفورد، الدراسات المتقدمة التي تطمح لفهم العوالم القديمة التي عاش فيها الإنسان الأوّل.

"الفاية" أصبح ثاني موقع في الإمارات يحصل على هذا الاعتراف العالمي بعد مواقع العين الثقافية في 2011، ما يوطد مكانة الشارقة كمهد للتاريخ البشري المبكر على الصعيد العالمي.

بصفته الموقع الصحراوي الأول الذي يُسجل حقبة العصر الحجري في قائمة التراث العالمي، تشكل "الفاية" علامة فارقة في فهم تطور الإنسان.

هذا الإدراج يدل على الجهود القوية للإمارات والشارقة في الحفاظ على التراث الإنساني، ويعزز دور الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي في دعم البحث العلمي وحفظ التراث الثقافي.

نيابة عن الإمارات والشارقة، أعربت الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي عن شكرها للجنة التراث العالمي على هذا الاعتراف التاريخي وأكدت أن قصة "الفاية" جزء من الحكاية الإنسانية المشتركة.

أبرزت بدور دور الشارقة في رحلة الإنسان للخروج من إفريقيا من خلال "الفاية"، حيث تُشكل الأدوات الحجرية التي تعود لأكثر من 200 ألف عام دليلاً على عمق التقاليد الثقافية في المنطقة.

أكدت بدور أنهم ملتزمون بحماية هذا الموقع لتكريمه كمصدر إلهام للأجيال في أنحاء العالم.

أكد عيسى يوسف مدير عام هيئة الشارقة للآثار أن مواقع التراث المدرجة على قائمة "اليونسكو" هي ملك للبشرية، مشيدًا بالقيم الانفتاحية والتبادل الثقافي والإنساني.

وأضاف عيسى أن إدراج "الفاية" هو قمة العمل الذي جمع البحث العلمي والدبلوماسية الدولية في إطار رؤية الشارقة الممتدة منذ 30 عاماً لدمج التراث والتعليم والتنمية المجتمعية.

اشار إلى أن الشارقة قدمت ملف ترشيح "الفاية" لليونسكو في فبراير 2024 بعد تحضير امتد لأكثر من 12 عاماً بدعم الأبحاث الأثرية والدراسات البيئية وخطط الحفظ المتكاملة.

التزمت الإمارات والشارقة بخطة إدارة وصون ممتدة حتى 2030 تركز على دعم البحث العلمي والتعليم وتنمية السياحة المستدامة في نموذج يعكس الدمج الفعال بين صون التراث والنشاط الاجتماعي.

ظل "الفاية" ضمن مواقع اليونسكو لبرنامج "HEADS" الحائز على اهتمام عالمي، مما يرسخ الدعم الدولي للبحث في علم الإنسان القديم.

مفهوم التراث العالمي شامل وذو توجه إنساني، فالمواقع لا تنتمي لدولة بعينها، بل هي ملك للبشرية جمعاء في جميع أنحاء العالم.

أوضحت بدور أن إدراج "الفاية" يعزز من إسهام الشارقة في كونها مهداً للتاريخ البشري ودليلاً على عمق جذور التقاليد الثقافية المنطقة.


مواد متعلقة