فرنسا تبحث عن قادة جدد لانتخابات الرئاسة 2027

السبت 05 يوليو 2025 - 09:48 ص

فرنسا تبحث عن قادة جدد لانتخابات الرئاسة 2027

ناصر البادى

شهدت الانتخابات الرئاسية الخمسة أو الستة الأخيرة في فرنسا مفاجآت وتقلبات في الأحداث، لكن هذه المرة يختلف الوضع بوضوح. السباق الرئاسي لعام 2027 يشهد منافسة شرسة وغير متوقعة، بسبب العديد من العوامل أبرزها الاستياء العام من السياسة.

الانقسام التقليدي بين اليسار واليمين يبدو قد تقلّص، خاصة مع ضعف الرئيس الحالي إيمانويل ماكرون الذي لا يستطيع الترشح مرة أخرى ولا يملك القوة الكافية للتأثير على خليفته. هذا بجانب حالة عدم اليقين السياسي والاقتصادي عالمياً، الناجمة عن السياسات السابقة للرئيس الأميركي دونالد ترامب.

تزداد المنافسة تعقيداً هذه المرة بسبب عدم وضوح المرشحين. تيار الوسط الخاص بماكرون يعاني انقسامات حادة، مما يؤثر على قدرته على تقديم مرشح موحد. حتى الشهر الماضي، كانت المنافسة مقتصرة على اثنين من رؤساء وزرائه السابقين.

إدوارد فيليب، زعيم حزب "آفاق" اليميني الوسطي، وغابرييل أتال، زعيم حزب "النهضة" الذي ينتمي لماكرون، كانا المرشحين الرئيسيين حتى وقت قريب. إلا أن الصراعات السياسية والمنافسات زادت في الأسابيع الأخيرة، بعد أن اختلف كلاهما مع الرئيس.

يسعى كل من فيليب وأتال للابتعاد عن سجل الرئيس الحالي وخلق قاعدة داعمة خاصة بهما، من دون أن يكونا مرتبطين بماكرون بشكل مباشر. في هذا السياق، تشير استطلاعات الرأي إلى تقدم فيليب في السباق حيث تجاوزت نسبة تأييده 21% في الجولة الأولى.

من ناحية أخرى، يهدد ترشح وزير الداخلية المتشدد برونو ريتيلو بتحويل المنافسة إلى صراع ثلاثي. يبدو ريتيلو واثقاً من ترشيح حزبه الجمهوريين اليميني الوسطي السابق، ما يضعه في منافسة مباشرة مع فيليب وأتال.

فقد الرئيس الفرنسي نفوذه المحلي تقريباً منذ الانتخابات البرلمانية المبكرة الفاشلة العام الماضي. لذا، من غير المرجح أن يكون سهلاً على ماكرون أو أي من داعميه السابقين إنقاذ موقفه السياسي في هذا السباق.

أما على اليسار، فالمشهد أكثر ازدحاماً مع تقدم المرشح اليساري المتشدد جان لوك ميلينشون بنسبة تجاوزت 13% رغم كونه أحد أكثر الشخصيات كراهية في السياسة الفرنسية. بالطبع، وجود ميلينشون يجعل من الصعب لأي مرشح يساري جديد الظهور.

لكن عضو البرلمان الأوروبي رافائيل غلوكسمان يبدو الأوفر حظاً على جناح اليسار المعتدل، حيث يقدم نفسه كمرشح مؤيد لأوروبا. رغم اختلافاته مع ميلينشون، كلاهما استبعد المشاركة في أي انتخابات تمهيدية يسارية.

الحزب الاشتراكي يتراجع في التمثيل السياسي، لكنه لا يزال منقسماً بين الجناح الراديكالي استعداداً للمشاركة في الانتخابات المقبلة. يأمل السكرتير الأول للحزب أوليفييه فور أن يكون مرشح الحزب في السباق الرئاسي القادم.

ومع ذلك، يواجه فور تحديات من شخصيات معتدلة صاعدة مثل كارول ديغا وكريم بومران، ما يزيد من تعقيد الأمور داخل الحزب. من الواضح أننا سنشهد ما يصل إلى ثمانية مرشحين يساريين على الساحة في السباق الرئاسي القادم.

على اليمين، تبقى استطلاعات الرأي لصالح حزب التجمع الوطني رغم صدور حكم محكمة بمنع زعيمته مارين لوبان من الترشح. تشير الاستطلاعات إلى أن لديها ونائبها جوردان بارديلا أكثر من 30% من تأييد الجولة الأولى.

لوبان وبارديلا يتمتعان بدعم قوي، لكن نسب تأييدهما السلبية قد تعرقل إمكانية الفوز في جولة الإعادة. رغم توتر العلاقات بينهما، إلا أن الشعبية المشتركة لا تزال قوية وتعزز من موقفهم في المنافسة.

بصفة عامة، يبدو أن السباق الرئاسي القادم في فرنسا يحمل الكثير من الغموض والتحديات، مع تراجع النفوذ السياسي للرئيس الحالي واستمرار الصراع الحزبي والشخصي في مختلف الأوساط السياسية.


مواد متعلقة