بكين تلجأ لاستخدام المعادن النادرة في صراعها مع إدارة ترامب

الأحد 26 أكتوبر 2025 - 09:27 ص

بكين تلجأ لاستخدام المعادن النادرة في صراعها مع إدارة ترامب

منى شاهين

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تحدث دائماً عن الصين بلهجة حادة، وعاد إلى البيت الأبيض في ولايته الثانية، مستعداً لحرب تجارية متجددة، ومطالباً بكين بقمع تجارة عقار الفنتانيل غير المشروعة، التي تسهم في وفاة عشرات الآلاف من الأميركيين سنوياً.

لكن فيما يبدو، لم يكن لديه خطة للرد الفعّال، إذ أن الصين تشدد نهجها تجاه إدارته. إذ أعلنت بكين في وقت سابق من الشهر الجاري أنها ستشدد ضوابط تصدير المعادن النادرة، حيث تُعتبر هذه العناصر أساسية لصناعة أشباه الموصلات وأنظمة الأسلحة المتطورة، وغيرها من المنتجات الحيوية للأمن القومي الأمريكي.

تُنتج الصين حوالي 90% من المعادن النادرة في العالم، ويمكن أن تحتاج بعض الشركات الأجنبية التي تستخدم هذه المعادن في منتجاتها إلى موافقة الحكومة الصينية لتصدير هذه المنتجات إلى الأسواق الخارجية، بما في ذلك العملاء الأمريكيون.

الصين بدأت في وقت سابق بتقليص صادرات المعادن النادرة إلى الولايات المتحدة في ذروة النزاع التجاري بين البلدين في أبريل الماضي. وكانت تركز مفاوضات ترامب على تأمين الإمدادات من هذه المعادن.

لكن خطوة هذا الشهر أثارت وضعاً دفاعياً جديداً لواشنطن، حيث قال ترامب: "لا أريدهم أن يلعبوا لعبة المعادن النادرة معنا". وقد أدت هذه الاعلانات إلى إجراءات صينية أخرى ضد صناعات أمريكية.

في نفس السياق، شنّت بكين حملة ضد صناعة بناء السفن الأمريكية. حيث خلص تحقيق حديث إلى أن الصين كانت تنخرط في ممارسات ترويج غير عادلة لشركات بناء سفنها الخاصة.

هذا الأسبوع، أعلنت الصين عقوبات جديدة تمنع الشركات والمواطنين الصينيين من التعامل مع شركات أمريكية مرتبطة بسلسلة التحقيقات الأمريكية ضدها.

التصعيد الصيني هذا جاء في أعقاب توقفها عن شراء فول الصويا الأمريكي في مايو الماضي، وهي خطوة أثرت بشدة على المزارعين الأمريكيين، الذين يشكلون قاعدة دعم انتخابية أساسية لترامب.

من جهة أخرى، يستعد ترامب للقاء الرئيس الصيني شي جين بينغ في نهاية الشهر في قمة التعاون الاقتصادي الآسيوي في كوريا الجنوبية. وقد تثير هذه اللقاءات مزيدًا من التوترات التجارية والتفاوض على مستويات جديدة من الرسوم الجمركية.

يبدو أن التوتر الحالي بين البلدين قد يشهد تقليلاً في الأيام القادمة، حيث من المتوقع أن يلتقي وزير الخزانة الأمريكي بنظيره الصيني في محاولة لتخفيف تصاعد التوتر. وقد أشار ترامب إلى عزمه على الاجتماع مع الرئيس الصيني على وسائل التواصل.

وعلى خلفية هذه التوترات، كانت دعوة المديرة العامة لمنظمة التجارة العالمية للتخفيف من الفجوة بين أكبر اقتصادين في العالم واضحة، محذرة من تراجع محتمل في الناتج المحلي العالمي بمقدار 7% على المدى الطويل.

على صعيد آخر، شددت الصين بداية أكتوبر الجاري ضوابطها على تصدير المعادن الأرضية النادرة، مع التركيز على التدقيق في مستخدمي شريحة أشباه الموصلات. تأتي هذه الإجراءات في إطار استعداد الصين للمحادثات مع الولايات المتحدة.

تعد الصين المنتج الأكبر لهذه المعادن في العالم، وقد أعلنت عن قواعد جديدة تطلب التزام منتجي المعادن الأرضية النادرة الأجانب بالامتثال للمواد الصينية المستخدمة. وأشار هذا إلى نية بكين في الحفاظ على سيطرتها على سلاسل إمدادات التكنولوجيا عالمياً.

الصين تمتلك حصة كبيرة من العناصر الأرضية النادرة مخصصة للاستخدام في الصناعات الحيوية مثل السيارات الكهربائية ومحركات الطائرات العسكرية. بينما دعا المشرعون الأمريكيون لفرض حظر على تصدير معدات تصنيع الرقائق إلى الصين.

المسار الحالي قد يؤدي إلى تغيير في ديناميكيات العلاقات الاقتصادية العالمية، حيث قد يسعى الشركاء التجاريون إلى استبعاد الصين من سلاسل التوريد إذا ما وجدوها غير موثوقة.

يبدو أن هذه المخاطرة ربما تكون بكين مستعدة لمواجهتها في عالم تحدده المنافسة بدلاً من التكامل. في النهاية، قد يجد ترامب أن إجراءات فرض الرسوم الجمركية التي يتخذها قد تكون لها تبعات غير متوقعة.


مواد متعلقة