استعدادات عسكرية ونفسية مكثفة في السويد لمواجهة تهديد الروس

الأحد 26 أكتوبر 2025 - 03:51 ص

استعدادات عسكرية ونفسية مكثفة في السويد لمواجهة تهديد الروس

ناصر البادى

بدأت أوروبا في الوعي بأهمية الاستعداد للحرب مع روسيا والرد على هجمات موسكو الهجينة. يمثل هذا التحول إدراكاً متزايداً بأن عمليات روسيا الهجينة تؤكد تقييمات الاستخبارات الألمانية بشأن الاحتمالية العالية لنشوب صراع عسكري بين أوروبا وموسكو بحلول عام 2027.

في 19 أكتوبر 2025، وخلال مقابلة مع الإذاعة السويدية، أعلن وزير الدفاع السويدي، بول جونسون، أن تكثيف العمليات الروسية الهجينة يتطلب من الدول الأوروبية الرد بحزم، والاستعداد لسيناريو حرب محتملة.

ويعتقد جونسون أن الحفاظ على السلام في أوروبا يتطلب منا إعداء أنفسنا نفسياً وعسكرياً لاحتمال وقوع حرب. رغم أن معظم أعضاء حلف شمال الأطلسي يدركون طريق موسكو نحو التصعيد، إلا أنه ما زالوا غير مستعدين نفسياً للمواجهة أو التخطيط المنهجي لها.

رغم الدعوات المتزايدة في التلفزيون الرسمي الروسي لضرب باريس ولندن وبرلين، لا زالت الحكومات الغربية تعتمد على تقييمات حقبة الحرب الباردة لاحتمالية المواجهة. مع ذلك، بالنسبة لروسيا، فإن الاستعداد النفسي لها يرتفع بكثير من ما كان عليه في فترة الحرب الباردة.

الغرب، بتجاهله للهجمات الهجينة والتخريب وعمليات التأثير، يشجع فعلياً العدوان الروسي، وفقاً لمراقبين أوروبيين. خلال الحرب في أوكرانيا، أدرك الكرملين تأخره التنموي عن الدول الغربية، مما قوض دعاية موسكو حول ميزتها في الموارد الطبيعية.

واعتماد روسيا على الصين وإيران وكوريا الشمالية لم يترك لها خيار سوى الاستمرار في الحرب، مثل الهجمات على الإمبراطورية الرومانية. كما قال جونسون، يجب تغيير العقلية والانتقال إلى نمط الحرب للردع والدفاع والحفاظ على السلام.

وأوضح أن الحوادث الأخيرة التي شملت الطائرات بدون طيار تعد مؤشراً على استعداد روسيا للمخاطرة السياسية والعسكرية وتكثيف عملياتها الهجينة. لهذا، يجب اتخاذ خطوات عسكرية جديدة للرد والتصدي.

أكد جونسون على أن روسيا يجب أن تفهم بأن أي استفزاز سيُقابل برد حازم، مع الإشارة إلى أن 90% من السويديين يؤيدون زيادة الإنفاق الدفاعي والحفاظ أو توسيع المساعدات لأوكرانيا.

وأشار إلى أهمية زيادة شحنات الأسلحة لأوكرانيا وتشديد العقوبات على روسيا، مع استراتيجيات قديمة أثبتت كفاءتها في الماضي. روسيا تعتمد كلياً على مواردها الاقتصادية المحدودة ويفتقر إلى الإمكانات الصناعية السابقة.

وأشار جونسون إلى أهمية تشديد القيود على الطاقة الروسية واستخدام الأصول المجمدة لتمويل دفاع أوكرانيا. وأوضح أنه يجب أن يدرك بوتين أن هذه الحرب تهدد سلطته ولا يمكن كسبها.

هذه التصريحات تشير إلى إدراك متزايد من أوروبا بأن روسيا تشن حرباً هجينة ضد الغرب، مستخدمة أدوات متنوع بين الهجمات الإلكترونية والتضليل الإعلامي، وغيرها من الأساليب المبتكرة.

يرى جونسون أن الآن يجب أن يكون خط المواجهة حاضراً في قلب الغرب، وأن السويد يجب أن تتكيف سريعًا مع الواقع الجديد للأمن عبر الانضمام للناتو.

في هذا السياق، تصبح مساعدة أوكرانيا ليست فعلاً تضامنياً فقط، بل استثماراً في أمن أوروبا نفسها. حيث يدعو جونسون إلى إرسال رسالة واضحة لبوتين بأن العدوان سيثير رد فعل جماعي.

هناك تغيير في السويد، يعكس رغبة جديدة للإستعداد نحو الأمن المستقبلي، في وجه السعي الروسي لإعادة تكوين النظام العالمي بالقوة.

هذا الوعي يعكسه جونسون باعتباره مقاربة يفترض توجيهها للأعضاء الآخرين في الاتحاد الأوروبي والناتو الذين يرون أن الحفاظ على السلام يتطلب الاستعداد للفشل.

في صيف 2024، صنفت السويد روسيا بأنها أكبر تهديد لأمنها. بالنسبة لاستعداد روسيا للتصعيد العسكري، يُنظر إليها كمصدر قلق رئيسي.

وشهدت السويد في 2025، زيادة حادة في انقطاعات نظام التتبع العالمي، وعرّضت هذه الأفعال الطيران المدني والنقل للخطر، مما يعتبر جزءاً من العمليات الروسية الهجينة.

توضح هذه الحوادث نية روسيا لاختبار استجابة الناتو وسرعة رد حكومات الأقاليم الشمالية. رُصدت طائرتان مسيرتان فوق قاعدة بحرية بالسويد، مما يعكس استمرارًا للهجمات الروسية.

هذه العمليات دفعت استوكهولم لتحسين قدرتها الدفاعية، وقد تم الاتفاق على مشروع أوروبي لمواجهة هذه التهديدات. تناول الاستراتيجية الجديدة التي تعتمدها السويد لصناعة الدفاع في يونيو 2025، هدفها التحفيز والتعاون لزيادة الإنتاج والابتكار.

تهدف المبادرة إلى بناء قطاع دفاعي قوي يدعم أمن السويد والمساهمة في الجهد الدفاعي الأوروبي. تعتبر صناعة الدفاع دورًا محوريًا في إعادة التسليح وتقديم الدعم لأوكرانيا.

تُركز الاستراتيجية الدفاعية على الابتكار والتعاون، وتعتبر جزءاً من استراتيجية الأمن القومي. جونسون أشار إلى أن الاستثمار الكبير في التقنيات والدعم السويدي يعزز وضعها كشريك موثوق.

الاستراتيجية تتناغم مع اتجاه صناعي أوسع مدى لتجعل السويد أكثر مرونة أمام التهديدات ومواجهة التحديات المستقبلية بشكل مستقل.


مواد متعلقة