ميونغ رئيسًا: كوريا الجنوبية تقترب أم تبتعد عن حلفائها؟

الأربعاء 18 يونيو 2025 - 09:26 م

ميونغ رئيسًا: كوريا الجنوبية تقترب أم تبتعد عن حلفائها؟

ناصر البادى

يُعتبر الرئيس الكوري الجنوبي الجديد، لي جاي ميونغ، شخصية ذات توجهات يسارية بارزة منذ بداية مسيرته السياسية، وقد انعكست هذه التوجهات على مواقفه المؤيدة لكل من الصين وكوريا الشمالية، وموقفه الملتبس تجاه الولايات المتحدة.

وقد أثارت بعض تصريحاته السابقة جدلاً واسعًا، مثل وصفه للوجود العسكري الأمريكي في كوريا الجنوبية بـ"الاحتلال"، إلى جانب تأكيده على حق الصين في اتخاذ قراراتها الخاصة تايوان.

وتحيط بميونغ شبهات تتعلق بتحويل مبلغ يقدر بثمانية ملايين دولار إلى كوريا الشمالية، أثناء فترة توليه منصب حاكم مقاطعة جيونغي، وهي تهمة أُدين بها نائبه آنذاك.

وفي سياق آخر، فقد أعرب ميونغ خلال حملته الانتخابية الأخيرة عن دعمه للتحالف مع الولايات المتحدة، مؤكدًا على أهمية التعاون الأمني الثلاثي بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة واليابان، ما دفع ببعض المراقبين الأمريكيين إلى تصنيفه كسياسي "براغماتي" ذو توجه وسطي.

لكن هذا التفاؤل قد يكون تعبيرًا عن رغبة سياسية أكثر منه رؤية واقعية لمواقفه الحقيقية، حيث طُرحت توقعات مماثلة حول زعماء سياسيين آخرين، ثم أثبتت التجربة أن هذه التوقعات كانت غير دقيقة، ويرى البعض أن خطاب ميونغ خلال حملته الانتخابية قد لا يكون مؤشرًا حقيقيًا على سياساته الفعلية.

ويثير تعيين ميونغ، لكيم مين سوك في منصب رئيس الوزراء بعض القلق، حيث يتمتع سوك بتاريخ سياسي مثير للجدل، وكان ناشطًا متشددًا في الثمانينات، وشارك في حركات احتجاجية ضد الولايات المتحدة أدت إلى سجنه. وقد رفض منحه تأشيرة دخول أمريكية مرة بسبب مواقفه هذه.

ويسيطر حزب ميونغ الديمقراطي على الأغلبية في الجمعية الوطنية، مما يمنحه قدرة كبيرة على تنفيذ سياساته. ويدعو ميونغ إلى "إصلاح النظام الديمقراطي" وتوحيد الشعب، رغم أن منتقديه يعتبرون هذه الدعوات تمهيدًا لترسيخ سلطة الحزب الواحد، وتقاربًا أكبر مع الصين وكوريا الشمالية وروسيا.

تثير هذه التغيرات مخاوف من أن تؤدي إلى تراجع التحالف التاريخي بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة، خصوصًا إذا سادت في كوريا الجنوبية توجهات سياسية ترى في واشنطن خصمًا، وتفضل التعاون مع منافسيها الاستراتيجيين.

ورغم هذه المخاوف، أكد البيت الأبيض التزامه بالتحالف مع كوريا الجنوبية، واصفًا الانتخابات الأخيرة بأنها "حرة ونزيهة"، معربًا عن قلقه من تدخل الصين في العمليات الديمقراطية هناك.

في المقابل، أعرب نشطاء كوريون جنوبيون عن وجود مخالفات انتخابية كما حدث في انتخابات سابقة، غير أن هذه الادعاءات لم تلق اهتمامًا كافيًا من الجهات الأمريكية أو الصحافة الأجنبية، التي تعاملت مع تلك المزاعم كأنها بلا أساس.

في ظل التعقيدات السياسية الراهنة، قد تجد الولايات المتحدة نفسها أمام واقع سياسي جديد في كوريا الجنوبية، التي تعد أحد أبرز حلفائها في المنطقة، بينما تواجه تحديات متزايدة من الصين في شمال شرق آسيا. إذا كانت واشنطن معنية بالحفاظ على هذا التحالف، فقد يكون من الضروري إعادة النظر في استراتيجيتها لدعم التعددية السياسية والمؤسسات الديمقراطية في كوريا الجنوبية.

في النهاية، قد تحتاج واشنطن إلى التأكيد على بقاء العلاقات متينة ومستقرة بين البلدين لضمان استمرار التعاون بينهما في مواجهة التحديات الإقليمية المستقبلية.


مواد متعلقة