الدكتوراه تُمنح لنادية بعد وفاتها في حادث سير أليم
الإثنين 16 يونيو 2025 - 02:03 ص

في الحفل، وقفت والدة (نادية) مكان ابنتها، لتتسلم شهادة ابنتها وسط تصفيق ودموع امتزج فيها الألم والفخر. كانت اللحظة مشحونة بمشاعر مختلطة؛ فخر النجاح ومرارة الغياب، وحلم تحقق من دون أن تشهده صاحبته.
قامت صحيفة الإمارات اليوم بزيارة منزل عائلة الدكتورة نادية أيمن ناصيف، حيث كانت الذكريات تحاول مقاومة غياب صاحبتها بصور وابتسامات خجولة، فيما الحزن ما يزال يغلف الزوايا.
تحدثت المهندسة فرح عبدالرحيم الحصني، والدة (نادية)، عن اللحظة التي تلقت فيها شهادة ابنتها، قائلة: دخلت قاعة التخرج حفيدة بالذكريات، لكنها هذه المرة كانت وحيدة. شعرت بروح (نادية) تهمس لي أن أظل متماسكة وأفرح لها، رغم الألم الداخلي.
أضافت أنها أغمضت عينيها مستحضرة ذكرى الله، وسمعت اسم (نادية) يُنادى بين الخريجين، فتقدمت بثبات، رغم أن الشوق والألم كانا يغليان في داخلها. شعرت أن بكل فخامة كانت (نادية) حاضرة، وإن غاب الجسد.
وأوضحت أنها تركت القاعة وهي تسمع ترحمات الناس، والدعاء (نادية)، ما أكد لها أن هذه الغائبة كانت لا تزال تزرع الحب والدعاء في القلوب.
تحدثت والدة (نادية) عن إنسانة استثنائية لم تكتف بالاجتهاد فقط، بل حملت في نفسها شغفاً بالعلم منذ طفولتها. كانت مصرة على إكمال أطروحتها رغم مسؤوليات الزواج والأمومة ووظيفتها.
وأكدت أنها تشعر بالفخر كونها تعلمت من ابنتها التي كانت مثالاً للنضج والوعي والرحمة، وأكدت أن (نادية) لم ترحل، لأن الأثر لا يموت وعلمها وقيمها ما تزال حاضرة.
وأوصت كل أم وأب بالصبر والاحتساب، مؤكدة أن الفقد مؤلم لكنه يحمل رحمة لا يدركها إلا قلب مؤمن، و(نادية) كانت لديها إيمان عميق بالله الذي أكرمها في حياتها وحتى بعد رحيلها.
أما والد (نادية) أيمن وليد ناصيف، فقال إن شعوره كان مختلطاً، بين الفخر غير الموصوف والألم الذي لا يحتمل، حين علم أن ابنته ستكرّم بعد وفاتها، وأن والدتها ستتسلم شهادة الدكتوراه نيابة عنها.
وقال إن (نادية) كانت شغوفة بالعلم منذ البداية، وقد تابعها في كل مراحلها الدراسية، مؤكداً أنها كانت تجمع بين التفوق الأكاديمي والإنساني، وبين أدوارها كزوجة وأم وطالبة دكتوراه.
وحث الشباب على عدم الاكتفاء بالقليل، مشدداً على أن الطموح لا حدود له، والنجاح يتطلب اجتهاداً وصبراً، مستشهداً بابنته التي أكملت دراستها رغم مسؤولياتها.
شقيقة (نادية)، الإعلامية شهد ناصيف، وصفت شعور الفقد، مؤكدة أن (نادية) كانت بالنسبة للجميع صمام الأمان وعماد العائلة، إذ كانت مرجعاً وصديقة وشقيقة كبرى.
وأوضحت أن (نادية) أسهمت في تربيتها وتعليمها، وكانت السبب وراء حبها للعلم والتفوق، مشيرةً إلى أنها كانت تشجيعاً دائماً وتبني الثقة في نفوس من حولها.
بعد وفاتها، شعرت شهد بأن ثقل المسؤولية قد انتقل إليها، وتعمل جاهدة لتكون كما كانت شقيقتها: قوية، محبة، ومسؤولة. ووجهت رسالة لـ(نادية) قائلة: أنتِ قدوة لي ولكل من يريد إكمال دراسته.
وقالت إنها تحث الجميع على حسن الظن بالله وجبر الخواطر، لأن هذا الطريق يؤدي إلى الرضا والسكينة والتوازن.
أما المهندس محمد ناصيف، شقيق الدكتورة الراحلة، فتحدث عن مرارة الفقد وفخر التكريم، مؤكدًا أن (نادية) كانت تنتظر يوم التتويج بشغف، وجعلت كل الأسرة تستعد لهذا اليوم كما لو كان عيداً.
وأعرب عن امتنانه للحاضرين في الحفل الذين وقفوا احتراماً وتقديراً للموقف، مؤكدًا أن اللحظة ستبقى محفورة في ذاكرته مدى حياته.
ووجه محمد رسالة مؤثرة لأخته الراحلة، مؤكدًا أن تكريمها لم يتوقف بعد رحيلها، بل امتد لأنها تستحق هذا وأكثر.. رحمها الله ورفع قدرها.
رغم الرحيل المفاجئ، تركت نادية ناصيف خلفها طفلاً صغيراً لا يتجاوز ثلاث سنوات، يحمل في عينيه سر الفقد، بينما يتردد صوت والدته في ضحكته وخطواته الأولى نحو الحياة.
كانت الدكتورة نادية أيمن ناصيف باحثة متميزة في مجال الهندسة الإنشائية. حصلت على درجات البكالوريوس والماجستير والدكتوراه مع مرتبة الشرف من جامعة الشارقة، بعد مسيرة أكاديمية امتدت لـ12 عاماً من التفوق والاجتهاد.
تخصصت في الهندسة الإنشائية التحليلية، مركزة أبحاثها على الخرسانة المسلحة بالألياف، وأنظمة الخرسانة المسلحة بألياف البوليمر، ودمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في مراقبة وسلامة المنشآت الإنشائية.
ورغم حداثتها بالتخرج، أنجزت في خمس سنوات للتحضير للدكتوراه ما يستغرق عقوداً من العمل الأكاديمي. نُشر لها 12 بحثاً علمياً ضمن قاعدة Scopus، أُدرج ثمانية منها ضمن مجلات مصنّفة في الربع الأول عالمياً.
حققت معدل تأثير استشهادات بنسبة 1.74، وهو أكثر من المعدل العالمي، وكانت تستعد لقيادة أبحاث مبتكرة في مجال الذكاء الاصطناعي لمراقبة الهياكل.
في منزل عائلة الدكتورة نادية.. الحزن يغلف الزوايا والذكريات تحاول المقاومة بصور وابتسامات خجولة.
والد نادية أشار إلى أن شعوره يوم الحفل كان مختلطاً بين الفخر الذي لا يوصف والألم الذي يصعب احتماله، فيما أكدت والدتها أنها لم تغادر، لأن الأثر لا يموت وعلمها وقيمها باقية وممتدة.
مواد متعلقة
المضافة حديثا