السياحة في أدغال الواقعية السحرية: رحلة إلى قلب «ماكوندو»
السبت 14 يونيو 2025 - 05:54 ص

رفض الكاتب الكولومبي غابرييل غارسيا ماركيز، الحائز على جائزة نوبل في الآداب، تحويل روايته "مائة عام من العزلة" إلى عمل سينمائي نظرًا لتعقيدها، حيث رأى أنه لا يمكن تعديلها بشكل يتناسب مع السينما.
تعتبر هذه الرواية واحدة من أعظم الروايات الأدبية على مر العصور، حيث بيع منها أكثر من 50 مليون نسخة في جميع أنحاء العالم، وبعد وفاته استطاعت شبكة "نتفليكس" إقناع أبناء الروائي العالمي بالحصول على حقوق تحويل الرواية إلى مسلسل تلفزيوني.
تحكي الرواية، الصادرة في عام 1967، قصة عائلة بوينديا والقرية التي أسسوها "ماكوندو" عبر مائة عام، وهي عمل أدبي معقد يروي قصة أجيال متعاقبة ويمزج بين الأحداث الحقيقية والتاريخ الكولومبي وبين الخيالات السريالية والفانتازية.
تعتبر الرواية اليوم نموذجاً فريداً للأسلوب الأدبي المعروف باسم "الواقعية السحرية"، ويعتقد الفنان ميلكين ميرشان، البالغ من العمر 27 عاماً، أن لفهم هذا العمل الأدبي يجب التعرف على الناس في منطقة غابرييل غارسيا ماركيز في البحر الكاريبي ومعرفة مشاعرهم وعاداتهم وتقاليدهم.
يمثل متحف التلغراف في أراكاتاكا مكانًا يعرض فيه الفنان ميرشان لوحاته الفنية التي تستلهم مشاهد وشخصيات من رواية "مائة عام من العزلة"، حيث يهدف إلى الرسم كما كان غابرييل غارسيا ماركيز يكتب، معتمداً على المزج بين الأحداث الواقعية والسريالية.
تقع مدينة أراكاتاكا على أطراف مزارع الموز وسلاسل جبال "سييرا نيفادا دي سانتا مارتا" في المناطق الرطبة الساحلية للبحر الكاريبي، وهي مسقط رأس الكاتب العالمي غابرييل غارسيا ماركيز، ويعتبرها الكثيرون نموذجًا لقرية "ماكوندو" السحرية.
يمكن للسياح زيارة منزل حيث ولد غابرييل غارسيا ماركيز في مدينة أراكاتاكا والكنيسة التي تم تعميده فيها والمدرسة التي تعلم فيها القراءة والكتابة، حيث قال الكاتب: "لقد تأثرت في كل روايتي تقريباً بطفولتي الأولى، وشخصية (ماكوندو) مستوحاة من إحدى مزارع الموز القريبة."
ومع ذلك، أوضح غابرييل غارسيا ماركيز أن قرية "ماكوندو" هي مكان خيالي يمكن العثور عليه في أماكن عديدة بمنطقة البحر الكاريبي في كولومبيا، واستخدم هذه القرية لتصوير مشاهد وأحداث من روايته الشهيرة.
سانتا كروز دي مومبوس، البلدة الصغيرة الساحرة الواقعة على نهر ماجدالينا، تشبه "ماكوندو"، حيث تبدو كما لو أنها توقفت في الزمن، وتعتبر جوهرة العمارة الاستعمارية الإسبانية وقد أدرجت في قائمة التراث العالمي.
كانت سانتا كروز دي مومبوس خلال الحقبة الاستعمارية مركزًا مهمًا لتجارة الذهب، وتحافظ حتى اليوم على العديد من ورش تصنيع الذهب، حتى إن تمائم السمكة الذهبية الشهيرة التي وردت في رواية ماركيز تعود إلى هذا المكان.
استخدمت شخصية العقيد أوريليانو في الرواية الأسماك الذهبية كناية عن الوحدة والعزلة، وذهب ماركيز إلى استخدام هذه الرموز بتأثير من زوجته مرسيدس بارشا التي تعلمت في مدرسة مومبوس، وقد ألهم سحر القرية العديد من أعماله.
تطل مدينة بارانكيا الساحلية على الجانب الآخر من البحيرة، وهي المكان الذي قضى فيه ماركيز فترة شبابه ودرس كصحفي في صحيفة إل هيرالدو، وهي إلى اليوم تُعرف بعاصمة الموسيقى والكرنفالات في كولومبيا.
عندما كان ماركيز في الثانية والعشرين من عمره، انضم إلى مجموعة من المثقفين الشبان المؤثرين، الذين كان لهم تأثير كبير على مسيرته الأدبية والإبداعية، حيث ساهمت هذه التجربة في تشكيل أسلوبه الأدبي الفريد.
مواد متعلقة
المضافة حديثا