تراجع ملحوظ للدور الأوروبي في مواجهة نفوذ ترامب الدولي
الخميس 23 أكتوبر 2025 - 08:07 م
علقت أوروبا آمالها في الصيف الماضي على أن يمثل ظهور مارك روته، الأمين العام لحلف الناتو ورئيس وزراء هولندا السابق، لحظة تحول. كان روته يحمل رسالة تقدير واحترام للرئيس الأميركي دونالد ترامب، آملين في البحث عن أسلوب جديد للعمل في عالم يتسم بالتغيير.
شهدت السنة الأولى من الفترة الثانية لترامب لحظات تحدي عديدة. في يونيو، كان أعضاء حلف الناتو الأوروبيون يخشون خروج الولايات المتحدة عن مسارها. كانوا يعرفون أن أي تخلي من جانب أميركا عن الحلف سيكون ضربة مؤلمة لأمن الغرب على مدى حوالي ثمانية عقود.
في خطوة غير تقليدية، وضعت الشخصيات الأوروبية مثل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يدهم على ركبة ترامب، وفعلت العائلة المالكة البريطانية شيئاً مشابهاً عند زيارة ترامب الثانية غير المسبوقة إلى المملكة المتحدة.
لكن وراء هذه الطقوس الدبلوماسية والتودد، هل كان هناك شيء أعمق؟ تشير الأحداث الأخيرة في الشرق الأوسط إلى تراجع دور أوروبا. في شرم الشيخ، انتقد ترامب بشدة القادة الأوروبيين، بعد أن أطلق سراح 20 رهينة إسرائيلياً كجزء من اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة.
ووجه كلمات مستندة إلى السخرية تجاه قادة كأمثال رئيس الوزراء البريطاني وزعماء آخرون في العالم. وصفت رئيسة الوزراء الإيطالية بـ"الجميلة"، بينما سخر من ماكرون ورئيس الوزراء الكندي.
العديد يعتبرون تصريحات ترامب مجرد عبارات عاطفية. ومع ذلك، فإنها أكدت هيمنة ترامب. وإذا حصل على جائزة نوبل، سيكون قد نال الإعجاب الذي يبحث عنه، وهو أمر أعمق من الصفقات التجارية.
وفي مواجهة هذا الوضع، يظل زعماء أوروبا هادئين. يبدو أن الإجابة هي رباطة الجأش. يقرون سراً بأنهم قد لا يحظون باهتمام البيت الأبيض بقدر زعماء القوى المتوسطة الأخرى.
في عالم مليء بالمجاملات، يسعى ترامب لرؤى مشتركة، ليس فقط في السياسة الخارجية. سلط الضوء مؤخراً على رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة "أكسل سبرينغر"، ماتياس دوبفنر، الذي له آراء تتفق مع جانب من الأميركيين المحافظين.
وفقاً لدوبفنر، تفقد أوروبا أهميتها نتيجة نهج السياسات الحالية. السياسة الأوروبية تُفضل التنظيم والبيروقراطية على الابتكار، وتفتقر إلى الحضور القوي في التكنولوجيا.
بينما تتفق بعض التحليلات مع هذا الطرح، فإن إدارة ترامب ابتعدت عن المؤسسات المتعددة الأطراف، مشيرة إلى عدم جدوى التعامل مع البيروقراطية الأوروبية.
تركت أوروبا لتنظر لنفسها. تتسابق الدول على المشاركة في خطة ترامب للسلام بـ20 نقطة. تأمل بريطانيا بإثبات دورها في بناء السلام في الشرق الأوسط بناءً على تجربتها مع إيرلندا الشمالية.
أوكرانيا كانت الميدان الذي اعتقد الأوروبيون أنهم مارسوا فيه أكبر التأثير. زيادة الإنفاق الدفاعي هدأت بعض مخاوف ترامب. تعقد العلاقة مع روسيا والصراع الأوكراني دفع ترامب إلى التفكير في فهم الموقف الأوروبي.
قدم ترامب وعوداً للرئيس الأوكراني، لكن تصرفاته الأخيرة في البيت الأبيض أظهرت تقبله رؤى بوتين. أعلن عن قمة أميركية - روسية في المجر، البلد الذي يظهر تعاطفه مع روسيا.
المواقف المتذبذبة لترامب تثير الشكوك؛ إذ يبدو أنه يعتمد على شخصيته لحل النزاعات. تصريحات حول السيطرة على غرينلاند وكندا قد تم تأجيلها، مما يؤكد على ضرورة التكتيك الحذر.
رغم رفض كندا لأفكار ترامب ودفعها ثمنًا باهظًا، ظلت عزيمتها ثابتة. اعتراف فرنسا والمملكة المتحدة بدولة فلسطين أثار الغضب، لكن رد فعل ترامب كان أقل حدة، ربما مفتاح الحل يكمن هنا.
انتهت الحكم التقليدية بأن ترامب سيفقد اهتمامه بإعادة تشكيل العالم. لكن هذا لم يعد هو الحال، فقد نجح في ترسيخ فكرة "أميركا أولاً"، والاستراتيجية الأميركية الجديدة تظهر الثبات.
مواد متعلقة
المضافة حديثا