الغرب يبحث عن العمالة الإفريقية رغم العقبات السياسية ضد الهجرة
الأربعاء 30 أبريل 2025 - 06:49 ص

إفريقيا تشهد حركة نزوح دائم، حيث يعيش ما لا يقل عن 20 مليون مهاجر خارج القارة، وهذا يعادل زيادة بثلاثة أضعاف منذ عام 1990.
هذا العدد من المهاجرين الأفارقة أكبر من عدد المهاجرين الهنود أو الصينيين خارج بلدهم الأصل.
أوروبا تستضيف نحو نصف المهاجرين الأفارقة خارج إفريقيا، لكن حصتها انخفضت منذ 1990، بينما ارتفع عدد الأفارقة في أمريكا والصين وتركيا بشكل ملحوظ.
من غير المألوف التنبؤ باستمرار هذا التوجه بالنظر إلى المعارضة الكبيرة للهجرة عبر الغرب، إلا أن الواقع يدحض ذلك.
الهجرة الإفريقية قوة لا يمكن إيقافها، وهي مستمرة رغم السياسات المعاصرة المناهضة لها.
الديموغرافيا أحد الأسباب وراء ذلك، حيث سينخفض عدد الأشخاص في سن العمل في الدول المتقدمة.
بينما الدول الناشئة التي تصدر العمالة مثل المكسيك والفلبين ستتقدم في العمر وتزداد ثراء، ما يعزز قلة عدد المهاجرين منها في المستقبل.
بالمقابل، من المتوقع أن يزيد عدد السكان في سن العمل في إفريقيا إلى 700 مليون بحلول عام 2050.
الاقتصاد يعد سببًا آخر، فالدول الإفريقية التي تتقدم في النمو مازال أهلها يعانون من الفقر ويفضلون الهجرة.
لكن مع تحسن أوضاعهم الاقتصادية يزيد لديهم القدرة على الاغتراب لمسافات طويلة خارج أوطانهم.
تخلق الدول الإفريقية جزءًا بسيطًا من الوظائف الرسمية اللازمة لاستيعاب قواها العاملة المتزايدة.
هناك جدل حول تأثير الهجرة على إفريقيا وبقية العالم، ويتجسد هذا في النقاش حول هجرة الأدمغة.
معظم الأفارقة يستفيدون من الهجرة ويكسبون أضعاف ما كانوا يكسبون في بلادهم، والهجرة طريقة للخروج من الفقر.
إلا أن هناك قلقاً حول الآثار السياسية والاقتصادية لهذه الهجرة على الدول الإفريقية.
عندما يغادر الأكفاء والأذكياء، تبقى القلة الغير مؤهلة لقيادة البلاد، وقد تتضرر البلدان الصغيرة بشكل خاص من هذه الظاهرة.
تستمر الأنظمة الاستبدادية جزئياً بسبب هجرة الطبقة الوسطى التي تفضل المغادرة عن الاحتجاج.
رغم ذلك، هناك إمكانيات حل لمشكلات الهجرة، فالمهاجرون يرسلون تحويلات مالية تفوق قيمة الاستثمار الأجنبي ومساعدات التنمية.
إذا تحسنت المهارات عن طريق الهجرة وارتفع عدد المتعلمين، فإن البعض قد يبقى والبعض قد يعود بخبرات جديدة تفيد الوطن.
التحويلات المالية تدعم الاقتصادات وتضعف من الحاجة للاعتماد على الحكومة، وفي بعض الحالات تعزز الديمقراطية.
ينبغي على الحكومات الإفريقية تعزيز الهجرة كأداة للنمو وتطوير المهارات وتحقيق الفائدة الاقتصادية والاجتماعية.
مثال ذلك اتفاقية كينيا مع ألمانيا لتسريع إبعاد المهاجرين غير الشرعيين وتوظيف العمالة المحلية مقابل دعم المهارات اللغوية والتدريب.
إفريقيا يمكنها الاستفادة من تجربة الهند في تشجيع عودة المهنيين المدربين في الخارج والمساهمة بتطوير الاقتصاد.
وبالمثل، الفلبين استغلت هجرة الممرضات لتحويل الأموال زادت عدد المدربين المحليين.
سؤال جدلي آخر هو ما إذا كان سيستقبل العالم المزيد من المهاجرين الأفارقة، في حين الرؤية الحالية تبدو مغايرة.
بعض القادة العالميين مثل الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب أظهروا معارضة قوية للهجرة من إفريقيا.
في أوروبا، سادت سياسات الحد من الهجرة غير الشرعية كأولوية للتعامل مع إفريقيا.
لكن الضغوط الديموغرافية والحوافز الاقتصادية ستثبت قوتها، سواء استمر العداء تجاه المهاجرين أم لا.
لأن الدول الغنية بحاجة إلى عمالة، ستظل الهجرة من إفريقيا حلاً مطلوباً رغم القيود المفروضة حاليًا.
بشائر الأمل تظهر في قطاعات مثل القطاع الصحي البريطاني الذي يرحب بالعمالة الأفريقية المؤهلة.
وفي أميركا، يعتبر الأفارقة غالباً كالأقلية الجديدة النموذجية بسبب تعليميهم الجيد ودعمهم للقيم الأمريكية.
السياسات المناهضة للهجرة قد تتغير مع تغير الواقع السكاني والاقتصادي وضغوط السوق الدولي.
جورجيا ميلوني اتبعت سياسة مغايرة في إيطاليا حول الهجرة الإفريقية وسياسة التأشيرات.
ارتفعت في إيطاليا تأشيرات العمل للعمالة من خارج الاتحاد الأوروبي، مما يبرز الحاجة المستمرة للعمال المهاجرين.
في بريطانيا، أيضاً ارتفع صافي الهجرة رغم سياساتها الأخيرة تجاه الخروج من الاتحاد الأوروبي.
وبذلك من المنطقي أن نستنتج أن الحاجة لعمالة ماهرة ستأتي من إفريقيا عاجلاً أم آجلاً.
مواد متعلقة
المضافة حديثا