المياه والتغير المناخي: تحديات مستقبلية في إنتاج الغذاء

الأحد 07 سبتمبر 2025 - 05:35 ص

المياه والتغير المناخي: تحديات مستقبلية في إنتاج الغذاء

سعيد المنهالى

تعمل هيئة البيئة في أبوظبي على مواجهة التحديات الناجمة عن التغير المناخي، وذلك عن طريق التخفيف من تأثيراته أو التكيف معها. تتضمن الجهود تركيزاً على ثلاثة عناصر مهمة تتأثر بشكل خاص بالتغير المناخي: المياه الجوفية، إنتاج الغذاء، وتحلية مياه البحر. إن فهم تأثير التغير المناخي على هذه العناصر يساهم في الاستعداد للمستقبل وتخفيف التحديات المتوقعة.

تشكل قضية التغير المناخي مسألة متعددة الأوجه، تؤثر على جوانب عديدة من الحياة. وتتعرض ثلاثة عناصر رئيسة في أبوظبي لتأثيراتها بشكل خاص: المياه الجوفية، إنتاج الغذاء، وتحلية مياه البحر. مصادر المياه في الإمارة تتوزع بنسبة 55% مياه جوفية، 34% مياه محلاة، و11% مياه معاد تدويرها.

تهدف خطة التكيف مع التغير المناخي في أبوظبي إلى حماية استدامة البيئة على المدى الطويل، وهو ما يعد أساسياً لضمان الأمن الغذائي والمائي وسلامة البيئة والازدهار الاقتصادي والاجتماعي. تتضمن الأهداف التعرف على نقاط الضعف في البيئة جراء التغير المناخي، وتنفيذ استراتيجيات ومبادرات للتكيف مع التغيرات المتوقعة وضمان وظائف النظم البيئية.

وصفت الأمين العام للهيئة، د. شيخة الظاهري، خطة التكيف بأنها تجسد رؤية استشرافية، وتعد إطارًا محوريًا لمواجهة التحديات المتزايدة التي يفرضها تغير المناخ. وشددت الظاهري على أن المستقبل لن تتحكم فيه التحديات، بل الشجاعة التي نتحلى بها لتجاوزها.

توضح خطة التكيف أن مياه البحر المحلاة تمثل المصدر الرئيس لمياه الشرب في إمارة أبوظبي، حيث تلبي 100% من احتياجات الإمارة من المياه الصالحة للشرب. أما المياه الجوفية فتستخدم لري الزراعة والحراجة والحدائق، إلا أنها مصدر محدود يتم استنزافه بوتيرة تفوق وتيرة تجدده.

بلغ إجمالي المياه الجوفية المستخرجة في 2024 حوالي 1830 مليون متر مكعب، بينما بلغ إنتاج المياه المعاد تدويرها 350 مليون متر مكعب في 2023. تخطط الحكومة لاستخدام المياه المعاد تدويرها في الري لتحل محل المياه المحلاة والمياه الجوفية.

تواجه إمارة أبوظبي مشكلة ندرة الموارد المائية نظرًا لموقعها في حزام المناطق الجافة الذي يشهد قلة في معدلات تجدد المياه الجوفية، إذ لا تتجاوز معدلات هطول الأمطار 140 مليون متر مكعب سنويًا. تشير الدراسات إلى أن معظم احتياطيات المياه الجوفية هي شديدة ومتوسطة الملوحة.

تقدر الهيئة إجمالي موارد المياه الجوفية بـ 606 كيلومترات مكعبة، بينما تستحوذ المياه العذبة على 18 كيلومترًا مكعبًا. تتسبب معدلات الملوحة العالية في تقييد استخدامات المياه الجوفية في الأنشطة الزراعية، مما يستدعي الحاجة لمصادر مياه بديلة أو زراعة محاصيل مقاومة للملوحة.

تشكل المياه الجوفية نحو 58% من إجمالي الموارد المائية المستعملة في الإمارة، في حين تمثل المياه المحلاة 33% والمياه المعاد تدويرها 9%. يتم تخصيص حوالي 65% من الموارد المائية للري في الزراعة والحدائق والمتنزهات.

تزداد الحاجة لمياه البحر المحلاة للشرب والري والاستخدام الصناعي مع شح مصادر المياه العذبة. لكن عملية تحلية المياه تستهلك كميات كبيرة من الطاقة، وقد يؤثر تصريف المياه المالحة بشكل سلبي على النظم البيئية البحرية إذا لم يتم ضبطه بشكل صحيح.

قد تؤدي درجات الحرارة المتزايدة إلى ارتفاع ملوحة المياه البحرية، مما يزيد من معدل التبخر ويقلل دوران المياه في الخليج العربي. يؤثر هذا على كفاءة التحلية وزيادة استهلاك الطاقة، مما يؤدي إلى ارتفاع انبعاثات الكربون.

حذرت الهيئة من تراجع الإنتاج الزراعي بسبب التغيرات في أنماط الطقس التي تشمل الجفاف والفيضانات وارتفاع الحرارة، مما يهدد الأمن الغذائي وتقلب الأسعار. يسهم ارتفاع الحرارة وتغير معدلات هطول الأمطار في انتشار الآفات والأمراض.

يزيد الطلب على تحلية المياه نتيجة ندرتها، مما يضع ضغطًا إضافيًا على موارد الطاقة وارتفاع تكاليفها. تعاني الإمارة من زيادة معدلات ضخ المياه الجوفية بسبب التوسع الزراعي والطلب المتزايد على المياه، حيث بلغ الاستهلاك 1870 مليون متر مكعب سنويًا في 2023.

من المتوقع أن يزداد الطلب على مياه البحر المحلاة للأغراض المختلفة، ما لم تتم معالجة تحديات تحلية المياه بشكل فعال. تعتبر الزيادة المتوقعة في درجات الحرارة واحدة من التحديات، حيث قد تؤدي إلى ارتفاع ملوحة البحار والذي بدوره يؤثر سلبًا على النظم البيئية البحرية.

تشدد الهيئة على ضرورة النظر إلى التحديات المرتبطة بالمياه والغذاء والطاقة كعناصر مترابطة، حيث أن استنفاد المياه الجوفية وزيادة ملوحتها يؤثر على الإنتاج الغذائي. هذه العوامل يمكن أن تترك تبعات خطيرة على الصحة البشرية والاقتصادات.

تؤكد الهيئة على أهمية الاستدامة البيئية وضرورة التكيف مع التغيرات المناخية لضمان مستقبل آمن ومزدهر، والعمل على تعزيز الوعي بأهمية التغير المناخي وآثاره، والعمل بصورة جماعية لمواجهة التحديات البيئية.


مواد متعلقة