صراع أكاديمي مستجد: مواجهة أمريكية - صينية تلوح بالأفق

الأربعاء 04 يونيو 2025 - 03:15 م

صراع أكاديمي مستجد: مواجهة أمريكية - صينية تلوح بالأفق

منى شاهين

هددت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإلغاء تأشيرات العديد من الطلاب الصينيين البالغ عددهم نحو 277 ألف طالب في الولايات المتحدة، وإخضاع المتقدمين مستقبلاً من الصين - بما في ذلك هونغ كونغ - لتدقيق إضافي.

وقد توقفت سفن الشحن المحملة بالبضائع من الصين عن الوصول إلى الموانئ الأمريكية في وقت سابق من ربيع هذا العام، مع تصعيد ترامب حربه التجارية ضد بكين.

كما علّقت إدارة ترامب مبيعات بعض التقنيات الأمريكية المهمة إلى الصين، بما في ذلك تلك المتعلقة بمحركات الطائرات، وأشباه الموصلات، وبعض المواد الكيميائية والآلات.

وبشكل عام، تعتبر إجراءات إدارة ترامب بمثابة حملة شديدة لفصل الولايات المتحدة عن الصين في مساع تهدف لقطع العلاقات التجارية الوثيقة بين أكبر اقتصادين في العالم.

ومن وجهة نظر ترامب ومساعديه، فإن فك الارتباط الجاد سيعزز الأمن الأمريكي ويسهم في تسريع اتجاه القوى لترسيخ نفوذها الإقليمي.

وقد تحدث مسؤولون في الإدارة الأولى لترامب عن ضرورة فك الارتباط مع الصين، باعتبار أن الروابط الاقتصادية والتعليمية في العديد من المجالات تشكل تهديداً للأمن القومي الأمريكي.

ورغم أن تلك الجهود أعادت صياغة العلاقة كعلاقة تنافس بدلاً من التعاون، ظل حجم التجارة مرتفعاً حتى خلال الجائحة، وهي الآن تشهد تجديدا في عهد ترامب الثاني.

الإجراءات الجديدة بدأت تُحدث آثار وخيمة على البلدين وبقية العالم، فلمس الملايين تقلبات السوق في الأسابيع الأخيرة، ولكن من السابق لأوانه الجزم بما إذا كانت الإدارة ستحقق نتائج ملموسة.

مدير مبادرة الصين الجديدة في مجلس العلاقات الخارجية، راش دوشي، صرح بأن فك الارتباط يحتاج أكثر بكثير من مجرد قيود التجارة والتأشيرات.

ويرى بعض المحللين أن هناك جوانب سلبية محتملة منها ارتفاع معدل التضخم للأمريكيين، ودفع الباحثين الموهوبين نحو الحكومة الصينية أو بلدان أخرى، وفقدان الحكومة الأمريكية إمكانية الوصول إلى مواطنين صينيين على دراية كبيرة ببلدهم.

رئيس جامعة ويسليان، مايكل إس روث، عبر عن صعوبة فهم سبب منع الطلاب الصينيين من ولوج الثقافة والتعليم الأمريكي، مشيراً إلى أن هناك العديد منهم يرغبون في تذوق الثقافة الأمريكية.

وأضاف روث: "يتوجب علينا فهم المنافسة مع الصناعة والعلوم الصينية بشكل جيد وعدم عزل أنفسنا".

لكن كبار المسؤولين في إدارة ترامب يرون أن فوائد التعامل لا تفوق مخاطر وجود مئات الآلاف من الطلاب الصينيين، خصوصاً الذين يعملون في العلوم الفيزيائية أو التقنيات المتقدمة في الولايات المتحدة.

وفي إعلانه الموجز، أشار روبيو إلى أن العديد من الطلاب يشكلون تهديدات محتملة وقال إن الطلاب الذين ستلغى تأشيراتهم هم من لديهم صلات بالحزب الشيوعي الصيني.

ولم يحدد روبيو عدد الأشخاص المتأثرين ولم يعرّف المجالات الحيوية أو أنواع العلاقات مع الحزب التي ستعتبر مثيرة للمخاطر.

الباحث جون دوغلاس يشير إلى أن القومية التي يتبناها ترامب تترجم إلى حرب باردة أكاديمية جديدة تضم قيودا غير ضرورية على الطلاب الدوليين وأعضاء هيئة التدريس.

الإجراءات الجديدة ستحفز الصين على إبقاء مواهبها قرب الوطن، خاصة في ظل محاولات الولايات المتحدة عرقلة تقدم الصين في مجالات الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة.

وتواصل حفنة من الجامعات الأمريكية إدارة فروع أو فصول دراسية في الصين، لكن هذه الجهود تصبح أكثر هشاشة مع كل تصاعد جديد في الصراع بين الولايات المتحدة والصين.

باعتبار الحرب التجارية هي المصدر الأكبر للخلاف، فرض ترامب رسومًا جمركية بنسبة 145% وقللها إلى 30% بعد هدنة مؤقتة مع الصين.

استفاد الأمريكيون من السلع الصينية الرخيصة إلا أن ترامب روبيو وآخرون يرون في رسوم مرتفعه وسيلة لإحياء قطاع التصنيع في الولايات المتحدة بالرغم من عدم وجود مؤشرات على نية الشركات إنشاء مصانع جديدة بأعداد كبيرة.

راش دوشي يرى ضرورة العمل مع حلفاء واشنطن في نقل مواقع التصنيع وتغيير سلاسل التوريد لتحقيق فصل صناعي فعال.

واضاف ان الفصل الفعلي قد يتحقق من ضوابط تصدير التكنولوجيا والموارد الطبيعية الحيوية.

إدارة بايدن السابقة قدمت سياسات للحد من صادرات رقائق أشباه الموصلات لمنع الصين من تقدمها في الذكاء الاصطناعي.

ووصفت أورسولا فون دير لاين، تلك السياسات بـ"إزالة المخاطر" وهو مصطلح تبناه مساعدو بايدن.

الصين مستعدة للعبة حيث أنها قررت في أبريل حظر تصدير معادن أساسية كرد على تصعيد ترامب للرسوم الجمركية.

الصناعات الأمريكية تعتمد على تلك المعادن في إنتاج منتجات واسعة بما فيها الطائرات والأسلحة.

إدارة ترامب أعلنت ضوابط تصدير جديدة للحماية من "حرب سلاسل توريد" محتملة من الطرفين رغم مخاوف فقدان التفاهم المتبادل بين القوى والذي قد يقود للصراع.

روث يلفت النظر لأهمية الحوار مع الطلاب الصينيين حول الثقافة الامريكية وتعزز الحرية كعامل أصيل في حياة الطلاب.

الصين قد تعيد توجيه طلابها لدول أخرى وقلتاعزيز التعليم العالي المحلي لتقليل الاعتماد على المؤسسات الأمريكية.

الرئيس الصيني، شي جينبينغ، أبدى رغبة في استقبال 50 ألف طالب أمريكي خلال خمس سنوات في مخاطبته خلال زيارته للولايات المتحدة في نوفمبر 2023.


مواد متعلقة