الذكاء الاصطناعي عاجز عن معالجة أزمات القوى الكبرى يقول الخبير الأمريكي

الجمعه 06 يونيو 2025 - 02:27 ص

الذكاء الاصطناعي عاجز عن معالجة أزمات القوى الكبرى يقول الخبير الأمريكي

ناصر البادى

قال العالم السياسي الأميركي والباحث في العلاقات الدولية، البروفيسور جون ميرشايمر، إن الذكاء الاصطناعي لا يحل مشكلات القوى العظمى، لأن المطلوب هو سلطة عليا في النظام الدولي قادرة على إنقاذ الدول.

جاء ذلك في مقابلة أجرتها صحيفة مع ميرشايمر، الذي نال شهرة واسعة بفضل كتابه الصادر عام 2001 بعنوان مأساة سياسات القوى العظمى، الذي يُجادل فيه بأن الصراع بين القوى العظمى أمرٌ لا مفر منه، حيث أثارت هذه النظرية جدلاً واسعاً حول علاقات القوى العظمى.

وفي ما يلي مقتطفات من المقابلة: في عام 2001 نشرتَ كتاب مأساة سياسات القوى العظمى، ووفقاً لنظريتك المعروفة في الأوساط الأكاديمية الواقعية العدائية، فإن التنافس والصراع بين الصين والولايات المتحدة أمرٌ لا مفر منه خلال صعود الصين، وستسعى الولايات المتحدة جاهدةً لاحتواء الصين.

تمتّعت الولايات المتحدة والصين بعلاقات ممتازة خلال فترة القطب الواحد، حيث انتهجت الولايات المتحدة سياسة المشاركة، وقد جادلتُ آنذاك بأنه بمجرد ازدهار الصين ازدهاراً حقيقياً، ستُترجم قوتها الاقتصادية إلى قوة عسكرية، وهو ما حدث بالفعل.

أنا لا أنتقد الصين، وستخشى الولايات المتحدة الصين، وستنشأ بينهما منافسة أمنية، وهذا ما يحدث فقط مع القوى العظمى، ويعتقد الكثير من الصينيين أن جذر المشكلة يكمن في السلوك الأميركي وهو أن الأميركيين هم الأشرار، بينما يعتقد الكثير من الأميركيين العكس، أي أن جذر المشكلة يكمن في أن الصينيين هم الأشرار، هذا ليس رأيي، هكذا تسير السياسة الدولية، فعندما تكون هناك دولتان قويتان جداً، سينتهي بهما الأمر إلى الخوف من بعضهما بعضاً، وسينتهي بهما الأمر إلى التنافس مع بعضهما بعضاً.

غيّر التقدم التكنولوجي مسار التاريخ البشري مراراً وتكراراً، وبدأ هنري كيسنجر، وهو من أبرز المفكرين الواقعيين، بالتركيز على تأثير الذكاء الاصطناعي في العلاقات الدولية في سنواته الأخيرة.. هل تعتقد أن الذكاء الاصطناعي أو غيره من التقنيات الناشئة قادر على تغيير مأساة سياسات القوى العظمى؟

لا أعتقد أن الذكاء الاصطناعي سيُغيّر مأساة سياسات القوى العظمى، لماذا نواجه هذه المأساة؟ السبب هو غياب سلطة عليا في النظام الدولي قادرة على إنقاذ دولة ما إذا واجهت مشكلة.

وفي الوقت نفسه، توجد دول قوية في النظام الدولي قد تكون نواياها سيئة تجاهنا أحياناً، الذكاء الاصطناعي لا يحل هذه المشكلة، وما نحتاج إليه هو سلطة عليا، إذ نحتاج حارساً ليلياً يحمينا. وما دامت السلطة العليا غائبة، فلا أهمية للذكاء الاصطناعي.

ويمكن للذكاء الاصطناعي أن يؤثر بشكل كبير في كيفية إدارة التنافس الأمني، وهذا ما فعلته الأسلحة النووية تحديداً، فالأسلحة النووية، بطريقة ما، كانت أسلحة ثورية.. إنها أسلحة دمار شامل.

لم نرَ قط أي شيء يُحدث دماراً بحجم الأسلحة النووية، وللأسلحة النووية عواقب وخيمة على كيفية تفاعل الدول مع بعضها بعضاً، ومع ذلك فإن الأسلحة النووية لا تُغير جوهر السياسة الدولية، فنحن نعيش اليوم في عالم نووي، لكن لدينا منافسة بين الصين والولايات المتحدة، تماماً كما كانت لدينا منافسة بين الولايات المتحدة واليابان في ثلاثينات وأوائل أربعينات القرن العشرين عندما لم تكن هناك أسلحة نووية.

ما توقعاتكم لمستقبل العلاقات الصينية الأميركية؟ لدينا بالفعل منافسة أمنية شديدة، وقد خفت حدتها إلى حد ما لأن الولايات المتحدة محاصرة في أوكرانيا والشرق الأوسط.

لو لم تكن الولايات المتحدة محاصرة في أوكرانيا والشرق الأوسط لاشتدت حدة المنافسة الأمنية في شرق آسيا. وفي المستقبل لن يختفي هذا التنافس الأمني، ومن المرجح أن نشهد أزمات كبرى في العقود المقبلة، لكن دعونا نأمل أن يتصرف قادة الصين والولايات المتحدة بذكاء ويجدوا حلولاً دبلوماسية للأزمات، وألا ينتهي بهم الأمر في حرب ضروس.

أريد فقط أن أكون واضحاً تماماً، لست سعيداً باعتقادي مأساة سياسات القوى العظمى. في ما يتعلق بالعلاقات الصينية الأميركية، آمل أن أكون مخطئاً، كما آمل أن تتوصل الولايات المتحدة والصين خلال السنوات الخمس المقبلة إلى علاقات متناغمة، وأن نعيش جميعاً في سعادة دائمة، لكنني لا أعتقد أن ذلك سيحدث.

عن غلوبال تايمز


مواد متعلقة