6 أعراض تكشف احتمالية الإصابة باكتئاب ما بعد الولادة

الأربعاء 02 يوليو 2025 - 06:07 ص

6 أعراض تكشف احتمالية الإصابة باكتئاب ما بعد الولادة

ياسر الحمادى

حذّر أطباء ومختصون من تجاهل التغيرات النفسية التي قد تصيب الأمهات بعد الولادة. وأكدوا أن اكتئاب وذهان ما بعد الولادة هما حالتان خطرتان تتطلبان تدخلاً عاجلاً، خاصة في الحالات التي تتضمن مشاعر إيذاء النفس أو الطفل. وتعتبر حالة ذهان ما بعد الولادة نادرة لكنها أكثر خطورة حيث تفقد الأم اتصالها بالواقع ويظهر عليها هلوسات وأوهام تهدد سلامتها وسلامة رضيعها.

وقال أطباء لـ«الإمارات اليوم» إن اكتئاب ما بعد الولادة يؤثر بشكل مباشر في الطفل إذ يعطل عملية التواصل الطبيعي بين الأم ورضيعها مما يؤدي لضعف ما يسمى بالارتباط الآمن ويؤثر في نمو الطفل النفسي والاجتماعي مما يعرضه لاحقًا لمشكلات في التركيز والعلاقات الاجتماعية والتحصيل الدراسي.

وهم شددوا على ضرورة التمييز بين الكآبة النفسية العابرة التي تصيب نحو 70 أو 80% من الأمهات خلال الأيام الأولى بعد الولادة واكتئاب ما بعد الولادة، موضحين أن هناك ستة أعراض تنذر باكتئاب ما بعد الولادة وتستوجب تدخلاً طبيًا عاجلاً، وتشمل: الحزن المستمر والبكاء المفرط وفقدان الاهتمام بالنشاطات اليومية واضطرابات النوم أو الشهية وصعوبة الارتباط بالطفل أو الشعور بالذنب تجاهه وأفكار إيذاء النفس أو الطفل. كما حددوا علامات مبكرة تظهر على الرضيع منها قلة التفاعل البصري وتأخر الابتسام واضطرابات في النوم أو البكاء والتي تستحق المتابعة الطبية.

واقترحوا أربعة حلول حديثة لدعم الأمهات تتضمن: تطبيقات رقمية لمتابعة الحالة النفسية وبرامج ذكاء اصطناعي تقدم دعماً فورياً وجلسات علاج عن بُعد إضافة إلى أدوات منزلية للعناية الذاتية مثل تمارين التنفس، مؤكدين أن الدعم الأسري والتدخل المبكر من العوامل الحاسمة في الشفاء واستقرار الأسرة.

وروت «هـ. س» تجربتها المؤلمة مع اكتئاب ما بعد الولادة، قائلة إن الأعراض بدأت في اليوم السابع من ولادة طفلها الثاني حيث شعرت بإرهاق شديد وانعدام تام للنوم وبكاء متواصل دون سبب واضح إضافة إلى ضغط الضيافة واستقبال الزوار ما زاد توترها النفسي والجسدي.

وقالت: «بدأت تراودني أفكار غريبة مثل أن أحداً سيأخذ أطفالي مني. لم أفهم لماذا أشعر بهذا الخوف لكنه كان يلازمني ليلاً ونهارًا وكنت أبكي بلا توقف». وفي أحد الأيام دخلت في نوبة شديدة من الاضطراب وتشاجرت مع زوجها لحظة مغادرته للعمل وصرخت في وجهه قائلة: «أنت تذهب وتتركني لأنني أنجبت أطفالا».

واجهت شعوراً بأن زوجها ينوي خطف أولادها، فطلبت منه أن يترك المنزل، لكنها في ذات الوقت كانت تستجديه ألا يتركها وحدها. وعلى الرغم من إدراكها ما تقوله وتفعله، لم تكن قادرة على التحكم في مشاعرها أو تصرفاتها.

وأضافت: «زوجي قرر أن يأخذ إجازة من عمله ليبقى إلى جانبي ويعتني بالأطفال وأهلي أحاطوني بدعم كبير، وشيئًا فشيئًا بدأت أتناول الطعام وأنام وأستعيد توازني ومع الوقت ومع هذا الدعم بدأت أتعافى تدريجيًا من اكتئاب ما بعد الولادة».

وقالت «م. أ»، «كنت أبتسم للجميع إلا طفلي، وشعرت بالغرابة تجاه مشاعري وبدأت أصدق أني لا أستحق أن أكون أماً وكنت أبكي بلا سبب وأشعر بالذنب طوال الوقت». وأضافت: «راودتني أفكار سوداء حتى لاحظ زوجي حالتي وأصرّ على اصطحابي لطبيبة نفسية وبعد علاج نفسي ودعم عائلي تعافيت تدريجيًا وعدت لأحب طفلي من أعماقي».

وفيما يتعلق بحالات نادرة، قال استشاري الأمراض النسائية والتوليد الدكتور مجاهد حمامي إن اكتئاب ما بعد الولادة هو اضطراب نفسي قد يظهر في صورة حزن مستمر وفقدان الشغف وشعور بالذنب وإرهاق شديد واضطرابات في النوم والشهية.

وأشار إلى حالة نادرة وأكثر خطورة تعرف بذهان ما بعد الولادة حيث تفقد الأم اتصالها بالواقع وقد تظهر عليها أعراض اضطراب فكري وحدسي مثل الهلوسة أو الأوهام مما يستدعي تدخلاً طبيًا عاجلاً للحفاظ على سلامتها وسلامة الطفل.

وذكر أن التغيرات الهرمونية الحادة التي تحدث بعد الولادة تعد من أبرز المحفزات لتلك الحالات النفسية، حيث تحدث تقلبات في مستويات الهرمونات مثل الأستروجين والبروجسترون وهي تؤدي إلى ظهور الأعراض النفسية.

وحدد تحليل بعض الدراسات أن نوع الولادة والمضاعفات المرتبطة بها مؤثران على الحالة النفسية للأم، فلا سيما إذا كانت الولادة قيصرية متوقعة بشكل غير جيد. وأضاف: «يمكن للمضاعفات الطبية مثل نزيف ما بعد الولادة أن تزيد من خطر الاكتئاب أو الذهان».

وأشار الدكتور حمامي إلى أهمية التقييم النفسي للأم أثناء الحمل وبعد الولادة من خلال ملاحظة الأعراض النفسية وطرح الأسئلة التقييمية وتقديم الإرشاد والدعم، وتحويل الحالات المحتملة إلى أخصائي الصحة النفسية لتفادي تفاقم الأعراض.

تحدث استشاري الطب النفسي الدكتور منصور عساف عن تأثير اكتئاب ما بعد الولادة على النمو النفسي والعاطفي للطفل مشيرًا إلى أن الارتباط العاطفي المبكر مع الأم هو أساس بناء الثقة والنمو الاجتماعي للطفل.

وأكد أن عدم استجابة الأم لإشارات الطفل يؤثر سلبًا، وقد يعاني الأطفال من مشكلات في التركيز والعلاقات الاجتماعية والتحصيل الدراسي لاحقًا. وأوضح أن غياب التفاعل العاطفي المبكر قد يقود إلى مشكلات مستقبلية مثل القلق.

وأشار إلى علامات مبكرة تظهر على الرضيع نتيجة غياب التفاعل تشمل قلة التفاعل البصري وتأخر الابتسام واضطرابات في النوم والتغذية. وشدد على أهمية المتابعة الطبية لهذه المؤشرات.

وأوضح الدكتور عساف أن الدعم العاطفي من الزوج والأسرة عامل حاسم في تحسن حالة الأم مشيرًا إلى أن توجه الأسرة للحصول على استشارة نفسية لا يعني بالضرورة وجود حالة حادة بل يستبقي الأمور من التفاقم.

وقال الدكتور شاجو جورج إن اكتئاب ما بعد الولادة يتطلب اهتمامًا لتميزه عن الكآبة النفاسية العابرة التي تصيب معظم الأمهات ولا تحتاج إلى علاج، مشيرًا إلى أهمية الدعم النفسي والعلاج الدوائي في الحالات الأشد.


مواد متعلقة