موظفون يتفاعلون بتقلص الأداء بسبب التغاضي ونقص التقدير
الأحد 27 يوليو 2025 - 07:26 ص

العديد من الناس يشبّهون "الانسحاب الهادئ" من العمل بـ "الاستقالة غير المعلنة" أو "الاستقالة النفسية"، إذ يكون الموظف منفصل ذهنياً عن محيطه المهني، رغم استمرار وجوده في مكان العمل، ويقوم فقط بالحد الأدنى المطلوب منه حفاظاً على دخله المادي.
يتصف الموظف الذي يصل إلى هذا الحد من الانسحاب بفقدان الحماس والتركيز على أداء الواجبات الأساسية فقط، دون بذل جهد إضافي أو إظهار أي مبادرات جديدة.
موظفون عانوا من هذه الحالة يردون ما مروا به من خمول إلى غياب العدالة وعدم التقدير وتقلص المبادرات.
من جهة أخرى، أكد مختصان أن "الانسحاب الهادئ" حالة تتطلب دعماً نفسياً واجتماعياً، موضحين أن هؤلاء الأشخاص يبحثون عن ذاتهم وسط عواصف نفسية متواصلة، مما يجعل الدعم ضرورياً لاستعادة التفاعل الاجتماعي الصحي.
تحدثت الموظفة فاطمة أحمد عن كيف تذوب جهودها الفردية داخل العمل الجماعي حيث يُنسب النجاح بالتساوي للجميع، ما يجعلها تشعر بالظلم ويفقدها الحماس للتقدم.
وقالت إن أهم مسببات الإحباط والانسحاب الصامت في بيئة العمل هي غياب العدالة في توزيع المهام وتراكم المسؤوليات، إضافة للشعور بعدم وجود فرص للنمو والترقية.
الاحتراق الوظيفي يعد سبباً رئيسياً للانسحاب الصامت، إذ يؤدي الإرهاق النفسي والجسدي وضغط العمل المستمر وغياب التقدير إلى تبني الانسحاب التدريجي كآلية دفاعية.
وترى أن من أهم الحلول لدعم الموظفين نفسياً هي بناء ثقافة التقدير والمكافآت الرمزية والتوزيع العادل للمهام، بجانب توفير برامج الدعم النفسي والاستشارات المهنية.
يبدو أن ثقافة الثناء والشكر تشكل جزءاً مهماً من معالجة شعور الموظفين بالانسحاب، وذلك من خلال تعزيز شعورهم بالانتماء.
وقالت الموظفة حمدة عبدالله إنها شعرت في لحظات كثيرة بالرغبة في الانسحاب نتيجة الإرهاق وضغط العمل، لكنها كانت تعالج الشعور بالحوار الداخلي.
وأشارت إلى أن غياب التقدير وكلمات الشكر والضغط المستمر وضعف التواصل مع الإدارة تدفع الموظف للانسحاب تدريجياً من محيطه المهني.
دور بيئة العمل في الصحة النفسية أساسي؛ إذ يمكن للإدارة الداعمة تحويل ضغط العمل إلى تحدٍ إيجابي، بينما تؤدي الإدارة غير الداعمة إلى شعور بالعزلة.
أشادت بأهمية التقدير والاعتراف بالجهود لبناء علاقة ثقة وتعزيز الانتماء، وأن دمج الموظفين في اتخاذ القرار يعزز التفاعل الإيجابي.
يستطيع دعم الموظف نفسياً أن يحميه من الانسحاب الهادئ، وذلك عبر اعتماد ثقافة توازن بين الحياة والعمل وتوفير برامج دعم نفسي ومهني.
يرى الدكتور أحمد العموش أستاذ علم الاجتماع أن "الانسحاب الهادئ" خيار عقلاني يعكس بحث الفرد عن اهتمام الآخرين، ويُعد نوعاً من التواصل مع الذات في ظل فقدان التقدير.
يشكل الانسحاب الهادئ محاولة للبحث عن السكينة الذاتية وقرار بالابتعاد عن الآخرين من أجل إعادة الاتصال النفسي الداخلي.
يشدد العموش على أن الانسحاب يتطلب دعم الأصدقاء والعائلة لتعزيز تقدير الذات، وهو ليس مرضاً بل خيار لاستعادة الاتزان الشخصي.
تظهر هذه الحالة بنسب متفاوتة بين الفئات العمرية المختلفة من الأطفال إلى الكبار، ويصيب خاصةً من يشعر بغياب الاهتمام من محيطه.
توضح الأخصائية النفسية حصة الرئيس أن الانسحاب غالباً ما يكون بسبب تراكم مواقف صعبة، ما يدفع الفرد للانسحاب من الآخرين بحثاً عن السلام الداخلي.
قد يتمثل الانسحاب الهادئ في عزلة الشخص وعدم رغبته في المشاركة أو التعبير عن مشاعره، واعتماده على التجاهل كآلية للدفاع.
الضغوط البيئية داخل العمل أو المجتمع أو العلاقات هي عوامل رئيسية تدفع الفرد للعزلة والابتعاد عن المواجهة المباشرة، مما قد يؤدي إلى مشكلات نفسية معقدة.
يعتبر العلاج السلوكي المعرفي وسيلة فعالة لمساعدة الأفراد على تعديل شعورهم وسلوكهم الإيجابي لمنع تفاقم الحالة والشعور بالعزلة.
بينما لا تقتصر هذه الحالة النفسية على فئة معينة، فهي تعتمد على طبيعة الأوضاع التي يمر بها الفرد واستجابته لها.
يشعر العديد من الموظفين بصعوبة التكيف مع الأجواء السلبية في العمل أو تحمل الضغط والإرهاق، ولذا يفضلون الانسحاب العاطفي وترك التواصل.
وفق الخبراء، يجب العمل على فهم احتياجات الموظفين لتلبية توقعاتهم وتحسين بيئة العمل لجعلها أكثر إيجابية وتحفيزًا.
الإدارة الفعالة التي تدعم الموظفين تساهم في تعزيز الإيجابية والمنتجية، وهنا تكمن أهمية فهم الأسباب التي تدفع الموظفين للانسحاب، مثل الإرهاق وغياب التقدير.
مواد متعلقة
المضافة حديثا