فرنسا تواجه تحديات اقتصادية تزداد تعقيداً دون حلول واضحة

السبت 25 أكتوبر 2025 - 05:40 م

فرنسا تواجه تحديات اقتصادية تزداد تعقيداً دون حلول واضحة

منى شاهين

تعاني فرنسا من مشكلات اقتصادية غير قابلة للاستمرار، ويبدو أن باريس غير قادرة على مناقشة القضية، فضلاً عن اتخاذ أي خطوات لمعالجتها. بالرغم من التحديات الراهنة، كانت فرنسا قد بدأت مؤخراً محاولات لتحسين وضعها المالي، لكنها للأسف فشلت في تحقيق الأهداف المرجوة، والوضع يبدو قاتماً.

حين تولى إيمانويل ماكرون رئاسة فرنسا في 2018، حمل أجندة إصلاحية تطمح لحل المشاكل الاقتصادية والمالية. تضمنت خطواته المبكرة تغييرات في قوانين العمل والضرائب، مؤملاً أن تؤدي هذه التغييرات إلى اقتصاد أكثر صحة وثباتاً، وأن تكون نقطة انطلاق لترتيب الشؤون المالية.

ماكرون أجرى إصلاحات تاريخية عديدة فور توليه الرئاسة. سعياً لتحفيز الابتكار وجذب الاستثمارات، غيّرت حكومته النظام الضريبي إلى نسبة ثابتة تبلغ 30% على عوائد الاستثمار بعدما ألغى ضريبة الثروات غير العقارية.

في مجال العمل، أدخلت تغييرات جديدة تسمح للشركات الصغيرة والمتوسطة بإجراء مفاوضات مع النقابات المحلية، بالإضافة إلى منحها حرية أكبر في التوظيف والفصل. إذ كانت القوانين القديمة تجعل من شبه المستحيل فصل الموظفين لسبب وجيه.

التعديلات رغم احتجاج الفئات المختلفة، حظيت بموافقة وبدت مفيدة لفرنسا التي شهدت زيادة في النمو الاقتصادي من 0.8% في 2016 إلى 2% في 2019. كما تحسن سوق العمل، حيث تراجع معدل البطالة من 10% إلى 7.2% وانخفضت بطالة الشباب من 25% إلى 20% في 2019.

هذه الأرقام أكدت أهمية الإصلاحات رغم عدم كفايتها في بعض الدول، ففي السياق الفرنسي تعتبر تلك الأرقام إنجازاً ملموساً. أعرب ماكرون أن فرنسا تحتاج لمزيد من التغييرات لتحافظ على نمط حياتها السخي، بجانب إصلاحات مالية لضبط النفقات الحكومية.

لم يتبنى ماكرون العبارات الصريحة مثل المستشارة الألمانية المنتخبة حديثاً التي انتقدت الرعاية الاجتماعية بأنها غير مستدامة بألمانيا. لكنه أظهر قناعة أن فرنسا يجب أن تسير في نفس الاتجاه الإصلاحي لتصحيح المسار الاقتصادي.

مع هذا، تغيرت السياسة الفرنسية وفقدت قدرتها على تنفيذ أي إصلاحات أو اتخاذ خطوات جادة. تضاءلت نفوذ ماكرون الذي أصبح غير مؤثر كما كان، وبات البرلمان يُهيمن عليه اليسار الذي يناهض إصلاحاته منذ البداية، بالإضافة لجماعة لوبان التي تفضل تعزيز المواقف المتشددة.

في عامين فقط، اضطر ماكرون لتعيين خمسة رؤساء وزراء ولم يتمكن من دفع إصلاح متواضع يزيد سن التقاعد تدريجياً من 62 إلى 64 سنة، بالرغم من مدّته التي تقل عن المتوسط الأوروبي البالغ 65 عامًا.

نظراً لتركيبة المجلس الوطني، من الصعب جداً أن تجد فرنسا مخرجاً من أزمتها الاقتصادية على المدى القصير، خاصة مع الالتزامات الدفاعية المتزايدة التي تفاقم الضغوط المالية والاقتصادية...

هناك شعور إحباط بين المراقبين حول الشأن الفرنسي الذين يرون أن الأوضاع لن تتحسن إلا بعد الوصول إلى حافة السوء. لكن بالنظر لماكرون، الأمر يصاحب بخيبة أمل، إذ شهد تلاشي إصلاحاته وطموحه لفرنسا أقوى.

• قام ماكرون بإجراء إصلاحات تاريخية عديدة منذ توليه منصب الرئيس بهدف إنعاش الاقتصاد الفرنسي.

• تغيرت الحالة السياسية في فرنسا وعجزت عن اتخاذ خطوات إصلاحية فعالة.


مواد متعلقة