تقليص المساعدات يضعف الدول الفقيرة في مواجهة تغيّر المناخ

الأربعاء 21 مايو 2025 - 10:13 ص

تقليص المساعدات يضعف الدول الفقيرة في مواجهة تغيّر المناخ

منى شاهين

مع استمرار ارتفاع درجات الحرارة على مستوى العالم وزيادة وتيرة الكوارث المرتبطة بالتغير المناخي، أصبحت الحاجة إلى التكيف مع تلك التغيرات أكثر إلحاحًا.

تبرز أهمية التكيف بدءًا من تعديل الممارسات الزراعية، مرورًا بتنويع مصادر الدخل، وصولًا إلى تعزيز البنية التحتية، وخاصة في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل التي تتعرض للأخطار المناخية مثل بنغلاديش، إثيوبيا، هايتي، وفيتنام.

وعلى الرغم من أن هذه الدول الفقيرة لم تسهم بشكل كبير في الانبعاثات التاريخية لغازات الاحتباس الحراري، إلا أنها تتحمل أثرها المدمر بشكل أكبر، ومع زيادة الحاجة إلى بناء القدرة على التكيف على المدى الطويل، تتجه أولويات المساعدات الدولية في اتجاه معاكس.

في السنوات الثلاث الأخيرة، قامت دول غنية بتقليص ميزانيات مساعداتها التنموية ووجهت الأموال للاستجابة الطارئة للأزمات، مما قد يؤثر على التزامات تمويل المناخ التي تهدف إلى جمع 300 مليار دولار سنويًا لدعم الدول النامية بحلول عام 2035.

ومع أن المساعدات الطارئة تعتبر مهمة في إنقاذ الأرواح خلال الكوارث مثل الجفاف والفيضانات، إلا أنها غالبًا ما تأتي متأخرة، بينما يركز التكيف مع المناخ على توقع المخاطر المستقبلية وتمكين المجتمعات من الاستعداد للبيئات المتغيرة.

التكيف يشمل تعزيز القدرة على التحول بعيدا عن القطاعات الهشة مثل الزراعة ويشمل أيضًا في بعض الأحيان مساعدة الأسر على الانتقال بأمان من مناطق الخطر بحيث يكون الخيار طوعياً.

على سبيل المثال، من خلال تمويلها لبرنامج الأمن الغذائي في إثيوبيا، تهدف الحكومة الأمريكية إلى تعزيز الصمود عبر التدريب والإدخار والمنح للأسر الفقيرة، وقد أظهرت الأبحاث أن هذا البرنامج يحسن الأمن الغذائي ويحافظ على الأصول خلال فترات الجفاف.

في نيكاراغوا، الأسر التي تلقت دعمًا ماليًا مع تدريب أو منح استثمارية كانت أفضل استعدادًا لمواجهة الجفاف، ودعمت نشاطها الزراعي بمصادر دخل إضافية مما خفف من الخسائر وساعدها على استقرار دخلها السنوي.

تُعرف هذه المبادرات ببرامج الأموال الإضافية، فهي تهيئ الظروف للأسر ليس فقط للتأقلم مع التغيرات المناخية بل لتحقيق الازدهار.

ومن الضروري توسيع نطاق جهود التكيف الاستباقي ليس فقط لتلبية الاحتياجات الفورية ولكن أيضًا لدعم التحولات طويلة الأجل، ويشمل ذلك الاستثمار في مصادر الدخل المستدامة وتدريب الأفراد وتمكين الأسر من الانتقال بأمان.

وقد أثبتت بعض المبادرات نجاحها في دعم الهجرة الموسمية من الريف إلى المدن، ففي بنغلاديش دعم بسيط بـ8.5 دولارات ساعد الأسر المتأثرة في تغطية نفقات السفر، مما زاد من معدلات العمل المؤقت وأسفر عن تحسين الأمن الغذائي للأسر الباقية في الريف.

برامج تسهل الانتقال من الريف إلى الحضر تتيح للأفراد تنقلًا بكرامة بدلاً من الهجرة اضطراراً نتيجة الأزمات، وتوسيع هذه المبادرات يتطلب التزامًا قويًا وحوكمة رشيدة.

وفي ظل عدم التخطيط والمساندة الفعالة، غالبًا ما تحدث الهجرة من الضرورة وليس عن خيار حر، وعادةً ما تكون داخلية وبين الدول لا عبر القارات كما يُصور أحياناً.

حيث أن 59% من النازحين قسرا يعيشون داخل بلدانهم، وفي نهاية عام 2023 بلغ عدد النازحين داخلياً مستوى غير مسبوق بـ75.9 مليون شخص في 116 دولة، زيادة بنسبة 51% خلال خمس سنوات بسبب تأثيرات التغير المناخي.

التاريخ يقدم أمثلة مثل جفاف الولايات المتحدة في الثلاثينات الذي أجبر الملايين على مغادرة منازلهم بسبب تدهور الأراضي الزراعية والأزمات الاقتصادية.

التكيف المجتمعات يتطلب تخطيطًا استباقيًا واستثمار حقيقي وشجاعة سياسية، ومع تصاعد التهديدات المناخية، لم تعد السياسات الطموحة خيارًا ترفيهيًا بل ضرورة حتمية.

دعم استراتيجيات طويلة الأمد يمكن الحكومات في الدول الغنية والمنظمات الإنسانية من تمكين المجتمعات الضعيفة من التكيف والتحرك بكرامة واختيار وليس بدافع الخوف واليأس. عن كونفرزيشن.


مواد متعلقة