اتهامات ترامب لأوباما بالخيانة: انهيار معايير الخطاب السياسي في الولايات المتحدة

الأحد 27 يوليو 2025 - 07:05 ص

اتهامات ترامب لأوباما بالخيانة: انهيار معايير الخطاب السياسي في الولايات المتحدة

منى شاهين

يعتبر الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، أن الرئيس السابق، باراك أوباما، ارتكب جريمة الخيانة، وهي جريمة قد تكون عقوبتها الإعدام. بينما يحاول ترامب صرف الانتباه عن مشكلاته السياسية الحالية، يعمد إلى استجلاء قضية تعود إلى حوالي عقد مضى، تتعلق بتدخل روسيا في الانتخابات الأميركية عام 2016، التي انتصر فيها على منافسته الديمقراطية، هيلاري كلينتون.

لكن ترامب يخطئ في الحقائق والقانون. ادعاءاته المثيرة للجدل تشير إلى مدى تدهور النقاش السياسي في الولايات المتحدة. وأدان ترامب أوباما بعد طلب مديرة الأمن القومي، لوسي غابارد، من وزارة العدل، التحقيق في تزوير مزعوم يتعلق بمحاولة التدخل الروسي في انتخابات 2016.

عندما سُئل عن المستهدفين المحتملين في التحقيق خلال مؤتمر صحافي، أشار ترامب إلى أوباما باعتباره من بدأ في المؤامرة. وأدان أيضاً شخصيات أخرى مثل جو بايدن، جيمس كومي، جيمس كلابر، وجون برينان كمشاركين محتملين.

طالما تم تجاهل تصريحات ترامب المتطرفة، بالرغم من خطورتها، لكنه تجاوز هذه المرة كرئيس ورئيس مشرف على وزارة العدل. ولذلك، فإن إدانته العفوية لأوباما لها أهمية كبيرة ومقلقة في ذات الوقت.

شدّد ترامب على ضرورة التحقيق في «الخيانة». أعلنت المدعية العامة، بام بوندي، عن الجهود للتحقيق في الادعاءات ضد أوباما وآخرين. ودعا أعضاء من الكونغرس الجمهوريين لتعيين مستشار خاص للإشراف على التحقيق.

الخيانة هي الجريمة الوحيدة المعترف بها في الدستور، وهي تتعلق بتقديم المساعدة والراحة لأعداء الأمة. وتكررت سيدة الأمن القومي، لوسي غابارد، الادعاء بأن إدارة أوباما طلبت تحريف استخباراتي للتحقيق في التداخل الروسي الانتخابي المدعى.

ونفت غابارد أن الروس هاجموا البنية التحتية الانتخابية بهدف مساعدة ترامب. التحقيقات السابقة أظهرت أن القراصنة الروس استهدفوا حملة كلينتون، وهو ما كان ترامب يستند إليه في السابق.

اكتملت التحقيقات حول حملة 2016 بنفس النتائج. ظهرت أدلة قاطعة على التدخل الروسي، ولكن لم يكن ذلك يمثل جريمة، لا بل هو بيان واقعي حول ما جرى.

رفض متحدث باسم أوباما الاتهامات ووصفها بأنها عبثية، لكن التخطيط لهذه الاتهامات يخدم ترامب سياسياً، خاصة بعد أن أثارت بوندي أزمة بعد سوء إدارة الكشف عن معلومات متعلقة بشخصية جيفري إبستين.

بوندي في محاولة لجذب الانتباه بعيداً، فتحت ملفاتًا سرية زعمت أنها تحتوي على معلومات حاسمة، ولكن لم يكن ذلك في الواقع. قد تكون هذه الحملة محاولة لصرف انتباه الأميركيين عن قضية إبستين والتحقيقات المشبوهة.

عبث التحقيق يتضح في أنه لا يمكن ملاحقة أوباما قانونياً بسبب أعماله الرئاسية. المحكمة العليا حصنت الرؤساء السابقين من التعقب القضائي لأفعال رسمية قاموا بها أثناء وجودهم في مناصبهم.

لكن لتوضيح الأمور، يبدو أن أوباما محصن قانونياً بشكل فعّال، وطبيعة الرئيس السابقة فيها استلحاق للعدالة لأن أوباما لم يرتكب جريمة.

التصريحات الصادمة لترامب باتت مألوفة لدرجة أن كثيراً منها تم تجاوزه، لكن تصريحه الأخير عن الخيانة صدم كثيرين. هذه التصريحات تزيد من النكهات النقدية في البلاد، مانحة انتبها متغيراً خطيراً حول الخطابات السياسية.

على الرغم من فتح تحقيق رسمي، إلا أن اعتبار اتهام رسمي أعمق لا يزال بعيداً عن الواقع. الأخيرة تدل على فترة جديدة من التوتر والاحترام بين المعسكرات السياسية.


مواد متعلقة