الصين تتحدى أميركا في إفريقيا بإلغاء الحواجز الجمركية
الأربعاء 25 يونيو 2025 - 04:29 ص

في أروقة مركز التسوق الضخم في وسط كمبالا العاصمة الأوغندية، كانت روز أهورا تتجول بين السلع الصينية المتنوعة. وأثناء مشيها بين المناشف والمقالي الهوائية، لفت أحد السناجب الفيروزية الصغيرة انتباهها، فأضافته إلى عربة التسوق الخاصة بها.
بالنسبة لأهورا، يمثل المركز خياراً اقتصادياً مريحاً يغنيها عن الذهاب إلى المتاجر الصغيرة المتعددة. ولكن وراء هذه الصورة تكمن دلالات اقتصادية مهمة تُبرز التبادل التجاري المتنامي بين الصين وإفريقيا.
تُظهر الأرقام الحديثة أن التجارة بين الجانبين ارتفعت إلى 296 مليار دولار عام 2024، منها 179 مليار دولار لصالح الصين. هذا الوضع أزعج بعض السياسيين الأفارقة الذين يشككون في استمرار هيمنة الصين على الواردات والصادرات.
يرى بعض المحللين أن الدعم الحكومي الصيني لمصانعه أثر على التوازن التجاري، ما يعزز من مشكلات التبعية الاقتصادية للقارة السمراء. ومع الدعم الحكومي الجزئي للصناعة المحلية الصينية، من المتوقع أن تزيد الصادرات إلى إفريقيا بنسبة 12%.
رحب الكثيرون بإعلان الصين مؤخراً عن إعفاء جمركي كامل على منتجات الدول الإفريقية باستثناء إسواتيني، لكن التأثير المباشر للقرار يبدو ضئيلاً نسبياً. ومع ذلك، يُعتبر خطوة نحو تعزيز الاندماج الاقتصادي الأفريقي.
من الجانب الجيوسياسي، يَعتبر البعض أن الخطوة الصينية ذكية وبالغة الأهمية، خاصة في الوقت الذي تتراجع فيه الولايات المتحدة عن التزاماتها التجارية مع إفريقيا، مما يتيح للصين فرصة أفضل لتقديم نفسها كبديل اقتصادي موثوق.
خلال العقدين الماضيين، تطور التبادل التجاري بين الصين وإفريقيا بشكل كبير. ففي العام 2003، كانت 18 دولة فقط تفضل الصين على الولايات المتحدة كشريك تجاري، بينما اليوم يصل العدد إلى 52 دولة إفريقية.
لا يزال معظم الصادرات الإفريقية إلى الصين يتركز في المواد الخام، مثل النفط والمعادن، مع تركيز ضئيل جداً على المنتجات المصنعة والغذائية. وتشكل العقبات البنيوية أكبر التحديات للتجار الأفارقة.
أبرزت تصريحات أحد رواد الأعمال الأفارقة في مجال القهوة، أن إصلاح هذه العقبات مهم لضمان سهولة تصدير المنتجات الإفريقية، بينما يوفر الإعفاء الجمركي ميزة إضافية للصادرات.
تشير الخطوات الأخيرة إلى نية الصين دعم تصدير المنتجات المصنعة محلياً في إفريقيا، إلا أن النتائج لا تزال هزيلة بينما تتطلع إفريقيا لإعادة صياغة سياساتها لدخول سلاسل القيمة العالمية.
يرى محللون أن إعفاء الصين للدول الإفريقية من الجمركية سيعزز القدرة التنافسية لها في الأسواق العالمية، وأن زيادة اهتمام الصين بمصانع إنتاج البضائع في إفريقيا قد يساهم في تحقيق هذه الغاية.
من ناحية أخرى، يرى الباحثون أن إفريقيا بحاجة ماسة لسياسات متكاملة تتضمن دخول سلاسل القيمة العالمية لتعظيم الفائدة من الإعفاءات الجمركية الصينية الجديدة.
وقد قدمت الصين استراتيجية سياسية، وفق باحثين أميركيين، لتمييز نفسها عن سياسات واشنطن في عهد ترامب، والتي لم تكن تركز على معالجة الاختلالات التجارية.
وعلى الرغم من التوترات التجارية بين الولايات المتحدة وبعض الدول الإفريقية، فإن القارة لا تزال تسعى لتحسين علاقاتها مع الجانب الأميركي، بما في ذلك التعاون في مجالات التكنولوجيا والتعدين والهجرة.
قدم الأفارقة عروض لواشنطن، منها التعاون مع شركات أميركية كبرى، والاستثمار في قطاع التعدين والمعادن النادرة، حيث تسعى بلدان مثل الكونغو ومدغشقر وناميبيا لجذب المستثمرين الأميركيين.
إفريقيا باتت ساحة تتقاطع فيها اهتمام القوى الكبرى، حيث تتنافس فيها الصين وأميركا. وتحاول الدول الإفريقية الاستفادة من هذا التنافس لتعزيز قدراتها الاقتصادية، على الرغم من القيود الهيكلية التي تشكل عائقاً أمام تطورها الاقتصادي.
من المهم أن تدرك دول إفريقيا نقاط القوة والضعف في تعاملاتها الدولية لضمان أفضل استفادة من العلاقات التجارية مع كلاً من الصين والولايات المتحدة.
تُظهر تحركات القارة السمراء أنها تستغل التنافس الدولي لصالحها، وتسعى لتعزيز التعاون على نطاق واسع لدعم التنمية المستدامة فيها.
مواد متعلقة
المضافة حديثا