زيادة حرائق شبه الجزيرة الأيبيرية بسبب هجرة الأرياف وإهمال إدارة الغابات

الأحد 24 أغسطس 2025 - 05:21 ص

زيادة حرائق شبه الجزيرة الأيبيرية بسبب هجرة الأرياف وإهمال إدارة الغابات

منى شاهين

رجال إطفاء مرهقون ونازحون من قراهم المنكوبة مصدومون، حيث تمتد مشاهد النيران والدخان في الأفق. أصبحت صور الحرائق المأساوية التي تعصف بإسبانيا والبرتغال كل عام من مظاهر الصيف الأوروبي الحار، وتمثل رمزًا للتدمير الناتج عن التغيرات المناخية. ومع ذلك، لا يُعد الاحتباس الحراري السبب الوحيد وراء تلك الحرائق الكارثية.

رغم أن ارتفاع درجات الحرارة بسبب الاحتباس الحراري يُعزز اندلاع الحرائق، إلا أن هناك خطوات يمكن اتخاذها لتقليل الخسائر. يشير الخبراء إلى أن معظم هذه الأضرار قابلة للتجنب إذا تحركت السلطات بفاعلية على المستوى الإقليمي والوطني والأوروبي. ويوضح جوردي فيندريل، مدير مؤسسة "باو كوستا"، أن تغير المناخ ليس هو السبب الرئيس، ولا ينبغي أن يكون ذريعة لعدم اتخاذ الحكومات إجراءات فعالة للوقاية.

هذا الموسم من الحرائق هو الأكثر تدميراً حتى الآن، حيث ابتلعت النيران أكثر من مليون هكتار من الأراضي عبر الاتحاد الأوروبي، وهي مساحة تفوق مساحة قبرص. معظم هذه الأراضي احترقت في شبه الجزيرة الأيبيرية، حيث توفي ستة أشخاص على الأقل. أثار حجم كارثة هذا العام تساؤلات عديدة في إسبانيا والبرتغال حول الأسباب التي تجعل السكان معرضين كل سنة لهذا التهديد المميت.

جوزفينا فيدال، ذات 74 عامًا، عبرت عن غضبها في احتجاج بوسط إسبانيا، قائلة: "احترق منزلي وجيراني وبلدتي بأكملها بسبب عدم كفاءة السلطات". وفي البرتغال، حُظي رئيس الوزراء بموقف عدائي خلال جنازة رجل إطفاء. السياسيون من كلا البلدين يحاولون تجنب اللوم، مع إلقاء المسؤولية على تغير المناخ والعوامل الأخرى.

الخبراء يؤكدون أنه من الأسهل والأقل تكلفة منع الحرائق بدلًا من مكافحتها. تشير الظروف المسببة للحرائق إلى كيفية (أو عدم) إدارة الدول لأراضيها. التغير المناخي يلعب دورًا، حيث تُسهم درجات الحرارة المرتفعة في ازدياد خطر الحرائق وتُجفف التربة والنباتات، مما يجعلها قابلة للاشتعال.

العلماء يرون أن مواجهة الاحتباس الحراري أمر حاسم لتفادي موجات الحر، لكن يجب على الحكومات أيضًا السعي للحد من المخاطر الناجمة عن تغير المناخ. في حالة الحرائق، يكون الحل في تقليل المواد التي يمكن للنيران الاتكاء عليها. نائبة عميد كلية مهندسي الغابات في إسبانيا أكدت أن الحرائق الحالية هي نتيجة الهجرة الريفية وإهمال إدارة الغابات.

مع انتقال المزارعين والرعاة إلى المدن، سيطر الغطاء النباتي غير المنضبط على الغابات والمروج والأراضي الزراعية المهجورة، وهو ما يوفر الوقود للحرائق. خبير الغابات إدواردو برياليس يؤكد أن "الكتلة الحيوية في إسبانيا زادت بنسبة 160% خلال السنوات الخمسين الماضية". وقف هجر الأراضي يعد أساسياً لمنع الحرائق، لكن من المتوقع أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم سكان الريف في السن.

أستاذ هندسة الغابات فيكتور ريسكو دي ديوس صرح بأنه "نحتاج إلى قطاع زراعي قوي". وأوضح أن الغابات والبساتين كانت تقليديًا تعمل كحواجز للحرائق، ومع هجر المناطق الريفية قلّت هذه الموانع. انتشار الغابات البرية الصغيرة في الظاهر طبيعي، لكنه يحمل خطرًا كبيرًا بسبب عدم إدارتها بفعالية.

الخبراء يؤكدون أن ترك الطبيعة تنمو بحرية دون تدخل يعزز الحرائق. الوقاية تتطلب خلق مناظر طبيعية متنوعة، مع زراعة الأشجار وإنشاء حواجز لمكافحة الحرائق، وضمان الدعم الاقتصادي للمزارعين والرعاة. بترك بعض الحرائق تحترق إذا كانت تحت السيطرة يمكن تحسين مواجهة الحرائق المستقبلية.

المنطقة المتوسطية تشهد حرائق في الماضي والحاضر، وينبغي أن تستعد لها في المستقبل. هذا يتطلب تغيير السياسات تجاه إدارة الأراضي والاعتراف بأن قطع الأشجار ليس دائمًا ضارًا. بل يجب أن نفهم أن إدارة الأراضي بشكل فعال يقلل من احتمالية وقوع حرائق كبيرة وكارثية في المستقبل.


مواد متعلقة