كوريا الجنوبية تطمح لموازنة مستقبل الطاقة بشكل فعّال

الأحد 24 أغسطس 2025 - 09:01 ص

كوريا الجنوبية تطمح لموازنة مستقبل الطاقة بشكل فعّال

ناصر البادى

شهد العالم في الأعوام الأخيرة تحولات كبيرة في ديناميكيات الطاقة. وأدت النزاعات الجيوسياسية الكبرى، مثل الأزمة الروسية الأوكرانية، وتوترات الشرق الأوسط، لا سيما بين إسرائيل وإيران، والصراعات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، إلى استخدام موارد الطاقة كوباء.

تستخدم روسيا صادراتها من الغاز الطبيعي كأداة استراتيجية، بينما تُستخدم تدفقات النفط في تعزيز النفوذ السياسي. تهيمن الصين على إمدادات المعادن الأساسية العالمية، من الليثيوم إلى المعادن النادرة، والتي تعد حيوية لصناعة البطاريات والطاقة المتجددة.

تظهر كوريا الجنوبية في موقف ضعيف، حيث تعتمد على شركائها البعيدين لأكثر من 60% من واردات النفط الخام، وعلى الصين لنحو 8% من المعادن الأساسية لصناعات التكنولوجيا النظيفة والبطاريات.

بينما يتخلف قطاع الطاقات المتجددة في كوريا الجنوبية عن نظيره في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، إذ وفر 10.5% فقط من إجمالي الطاقة في 2024، ويستمر الاعتماد على الوقود الأحفوري المستورد.

يتحول عصر العولمة، المدعوم بسلاسل التوريد الفعالة، نحو نموذج جديد قائم على المرونة. وساهمت جائحة كوفيد-19 مع السياسات التجارية الحمائية، مثل آلية تعديل الكربون الأوروبية والتحفيزات الأميركية في بناء شبكات إمدادات مرنة تجاه الصدمات السياسية والاقتصادية.

لذا، تهدف كوريا الجنوبية إلى تنويع وارداتها من الطاقة بجلب الدعم من الولايات المتحدة وأستراليا وجنوب شرق آسيا، وتسريع البحث والتطوير في الطاقة المتجددة والبطاريات وإقامة شراكات استراتيجية جديدة.

تركز السياسة الوطنية على تقليل المخاطر عبر تخفيض الاعتماد على الصين للحصول على المواد الأساسية وتأمين الاحتياطي الاستراتيجي لمدة لا تقل عن 120 يوماً.

يزداد الطلب على الكهرباء في كوريا الجنوبية بوتيرة سريعة، بفضل ظهور مراكز البيانات والاقتصاد المرتكز على الذكاء الاصطناعي. وتقدر التوقعات بأن استهلاك الكهرباء في مراكز البيانات سيرتفع بمعدل 11% سنوياً حتى 2028.

من المتوقع أن يرتفع استهلاك الولايات المتحدة للطاقة بنسبة تزيد عن 25% بحلول 2030، ويرجع ذلك بشكل رئيسي إلى التقنيات الحديثة. هذا الطلب المتزايد يزيد الضغوط لتأمين مصادر طاقة موثوقة ومنخفضة الكربون.

تعمل كوريا الجنوبية على تعزيز استخدام الطاقة المتجددة، والمحافظة على الطاقة النووية، والاستثمار في الهيدروجين لإزالة الكربون من الصناعة والكهرباء.

يتقدم الاتحاد الأوروبي نحو عدم الاعتماد على الغاز الروسي، وتوسيع نطاق الطاقة المتجددة لتغطية 42.5% من مزيج الطاقة بحلول 2030، مع إعادة الاستثمار في الطاقة النووية.

أعلنت الولايات المتحدة حالة طوارئ وطنية في مجال الطاقة بهدف الحصول على 400 غيغاواط من الطاقة النووية، وتعزيز سلاسل التوريد مع الدول الحليفة. فيما تعمل اليابان على تنويع وارداتها وزيادة الاعتماد على الطاقة المتجددة بنسبة تصل بين 40% و50% بحلول 2040.

قامت الصين بسن تشريعات واسعة في مجال الطاقة وتطمح لتوليد 1200 غيغاواط من الطاقة المتجددة بحلول 2030، و200 غيغاواط من الطاقة النووية بحلول 2040، مع التركيز على سلاسل التوريد العالمية للمعادن الأساسية ومكونات الطاقة النظيفة.

تركز استراتيجية الطاقة في كوريا الجنوبية على عوامل ثلاثة: الأمن، القدرة على تحمل التكاليف، والاستدامة. يجب على السياسات التركيز على مزيج متنوع من الطاقة، واستخدام الطاقة النووية لضمان موثوقية المصادر، والطاقة المتجددة من أجل الاستدامة البيئية، وكفاءة الطاقة لتعزيز التنافسية الاقتصادية.

تستثمر كوريا في منصات الطاقة المتنوعة، وبناء شبكات طاقة متطورة، وتطوير قطاع البطاريات، والطرق السريعة للطاقة.

من جانب آخر، تسعى الحكومة لتقليل الاعتماد على الصين في الحصول على المواد الأساسية، مع تأمين احتياطيات استراتيجية لا تقل عن 120 يوماً للحفاظ على استقرار الطاقة في البلاد.


مواد متعلقة