صراع الهيمنة: لغة الجسد بين كارني وترامب
الجمعه 09 مايو 2025 - 04:40 ص

زيارة رئيس الوزراء الكندي الجديد، مارك كارني، للبيت الأبيض، كانت تبدو في البداية وكأنها زيارة دبلوماسية عادية، لكنها في الحقيقة كانت ساحة للرئيس الأميركي، دونالد ترامب، ليُظهر فيها قوته على المسؤول الكندي، حسب ما يؤكد خبراء لغة الجسد.
في المكتب البيضاوي، اجتمع ترامب مع كارني يوم الثلاثاء الماضي اجتماعاً بدا ظاهرياً وكأنه احتفال بالصداقة بين الولايات المتحدة وكندا، لكن خلف الكواليس وتحت الابتسامات، عكست الحركات الدقيقة والتعابير وجهاً آخر للقصة.
قبل حتى وصول كارني إلى واشنطن، بدأ ترامب كما تصفه خبيرة لغة الجسد، جودي جيمس، بـ"مناوشاته" المعتادة مع القادة الزائرين قبل "مبارياته معهم"، حيث نشر ترامب تعليقات وصفتها الخبيرة بـ"العدوانية" على وسائل التواصل الاجتماعي حول سياسة كندا التجارية.
أوضحت الخبيرة أن هذه الاستراتيجية كانت بمثابة "نوع من إنهاك الخصم" قبل الانقضاض عليه، إذ فاجأ ترامب ضيفه بتصريحات متهورة قبل أن يُظهر له "يد الصداقة" المزعومة، لتشير إلى أن المصافحة لم تكن على نفس المستوى.
قالت جيمس: "وجّه ترامب يده الكبيرة نحو كارني بزاوية منحنية، وهي حركة تقليدية توحي بالقوة والمكانة الأعلى".
وأضافت: "حافظ كارني على مسافة لكن كان يمكنه أن تكون يده على ذراع ترامب هي السفلى لتعمل كمكبح للقوة، لكنه بدا كأنه يريد التخلص من القبضة، وقلّد حركة (قبضة القوة) لترامب بشكل ضعيف".
لحظة اختلال التوازن جاءت عندما اعترف كارني بشعوره بالتوتر قائلاً بابتسامة: "أنا أجلس على حافة مقعدي"، مما جعل ترامب يتولى زمام المبادرة ويربت على ركبة كارني مؤمناً له في تحرك مسرحي.
بيّنت جيمس أن هذا الاعتراف أوجد رد فعلٍ عفوي من ترامب، فالتربيت على رجل متوتر من البداية منحه ميزة، واجعله يمارس إذلال كارني بينما كان كارني يتلوى من السخرية اللاذعة لترامب. ورد كارني بهمهمة وضحكة مكتومة وابتسامة موافقة، ما عزز سيطرة الرئيس الأميركي.
قالت جيمس: "طوال الاجتماع، وإن كان ودّياً، حافظ كارني على سلوك مهني ظاهري، لكن إيماءاته كانت تكشف عن لحظات من المقاومة".
عندما أشار ترامب إلى أن الولايات المتحدة لا تتعامل كثيراً في التجارة مع كندا، أو عندما طرح فكرة أن تصبح كندا الولاية "رقم 51"، كشف وجه كارني عن مشاعره الحقيقية، حسب الخبيرة.
أوضحت جيمس أن لغة جسد كارني كانت توحي بأسلوب سلبي عدواني، تشير إلى عدم الموافقة عبر إيماءات دقيقة، مثل تحريك العين تعبيراً عن المفاجأة والرمش والتجعيد وإمالة الرأس للإشارة إلى وجود آراء أخرى.
لفتت إلى أنه حتى أثناء حديث ترامب، كان كارني يراقب ردود فعل الرئيس الأميركي، وينظر إليه مراراً وتكراراً. كانت لحظة صدق عندما استخدم كارني إشارة يديه للتعبير عن العلاقات الثنائية القوية خلال البيان حول التعاون الأميركي الكندي، لكن ترامب واصل الدعوة إلى أن تصبح كندا الولاية الثانية والخمسين.
ثم كرر كارني التزامه بالدفاع عن السيادة الكندية، قائلاً لترامب: "كما تعرف من سوق العقارات، هناك أشياء لا تُباع أبداً"، في إشارة إلى خلفية الرئيس كمطور عقاري.
أشار كارني إلى تفويضه من الانتخابات الفيدرالية الكندية الأخيرة التي عكست تنامي المشاعر المناهضة لترامب بين الناخبين الكنديين. وقال عن بلاده: "الشعب الكندي منحني التفويض خلال الانتخابات الأخيرة، ولن أسمح ببيع بلدي.. بلدي ليست للبيع أبداً ولن تكون كذلك."
خلال النقاش حول أن تصبح كندا الولاية الثانية والخمسين، شوهد كارني يهز ركبته أثناء حديث ترامب. وقالت جيمس إن "هز الركبة طقس من طقوس الانزعاج أو القلق، ويمثل لفتة عدوانية سلبية تشير إلى كبت المشاعر مع رغبة في إثبات وجهة نظر قوية دون إثارة العداء."
أضافت أن كارني حاول التمسك بموقفه، لكن ترامب تجاهل ذلك بضحكة خفيفة وتحدث مجدداً عن ديكور البيت الأبيض الذهبي. وبدا الأمر وكأن ترامب يستضيف مؤتمراً لعرض الديكور بدلاً من التركيز على السياسة والتجارة والتعاون الدولي.
على الرغم من محاولة كارني التمسك بموقفه، تجاهل ترامب تلك المحاولة بضحكة خفيفة وعاد ليتحدث عن ديكور البيت الأبيض الذهبي. في هذه الأثناء، بدا كارني متردداً بشكل واضح، حيث عبّر بابتسامات مهذبة وتعليقات مقتضبة حول العلاقات بين البلدين.
خلصت جيمس إلى أن نهج كارني كان مهذباً، حيث إن المؤتمر الصحافي بالرغم من انتهى بابتسامات ومصافحة قوية، إلا أن النبرة الضمنية كانت واضحة، حيث استمتع ترامب بكونه المضيف والشخصية الاستعراضية والقوة المهيمنة في الغرفة.
مواد متعلقة
المضافة حديثا