تحديات القطاع الصحي تتفاقم في بريطانيا بسبب الفقر والتهميش

الجمعه 04 يوليو 2025 - 12:10 ص

تحديات القطاع الصحي تتفاقم في بريطانيا بسبب الفقر والتهميش

منى شاهين

تواجه هيئة الخدمات الصحية الوطنية في بريطانيا مشكلة تتجاوز حدود الخدمات الطبية التقليدية، حيث تُروى قصص مؤلمة عن شابات وعائلات وأفراد يعيشون على هامش المجتمع. تسلط هذه القصص الضوء على الرابط الواضح بين الفقر المستمر وتدهور الصحة العامة.

في مستشفى فورنيس بمقاطعة كمبريا، أصبحت مجموعة مؤلفة من 11 شابة تتراوح أعمارهن بين 19 و35 عامًا مشهدًا مألوفًا لموظفي قسم الطوارئ، فقد يترددن باستمرار لطلب الرعاية.

معظم تلك الشابات مررن بتجارب مضطربة، بعضهن نشأن في دور رعاية، بينما يعاني البعض الآخر من اضطرابات نفسية شديدة وغياب الدعم الاجتماعي. كما أن معظمهن فقيرات وبحاجة إلى دعم نفسي، مما دفعهن إلى استخدام أساليب خطيرة للبقاء في المستشفى.

بالرغم من قلة عدد أفراد هذه المجموعة، إلا أنها شكّلت 9% من أصل أكثر من 45.2 ألف زيارة لقسم الطوارئ في مستشفى فورنيس خلال عام واحد، بتكلفة تجاوزت 250 ألف جنيه استرليني.

يعتبر قادة الصحة في بريطانيا هذا السلوك جزءًا من "نمط مخيف" من إيذاء النفس بين بعض الفئات المهمشة، ويعتقدون أن المستشفى المحلي أصبح ملجأ دائمًا لهذه الفئات.

الأمر لا يتوقف عند الشباب فقط، فبعض المسنات الموجودة في الأجنحة الطبية يهملن صحتهن عمدًا أملًا في الحصول على رعاية شاملة داخل المستشفى، خاصة في فصل الشتاء حين ترتفع فواتير التدفئة بشكل كبير.

وفي ظل تراجع نظام الرعاية الصحية في بريطانيا، أجرت صحيفة الغارديان تحقيقًا استمر شهورًا، تحدثت خلاله مع أطباء وممرضين وأخصائيين اجتماعيين في أكثر المناطق حرمانًا في البلاد، مثل بلاكبول وبيرنلي وبارو.

كشف التحقيق عن أمراض مهملة يصفها الأطباء بأنها "تشبه أمراض العصور الوسطى"، حيث يعتمد السكان على قسم الطوارئ كملاذ أخير في ظل نقص عدد الأطباء والممرضات.

قد تضاعفت زيارات الطوارئ في بعض المناطق منذ عام 2010، وارتفعت استدعاءات سيارات الإسعاف بنسبة 61%، وتزامن ذلك مع مطالب الحكومة خفض ميزانيات بعض الهيئات الصحية للنصف.

التحديات كبيرة في بريطانيا، فهي تمتلك أدنى متوسط عمر متوقع في أوروبا الغربية، كما سجلت أعلى المعدلات بين الدول الغنية للوفيات التي يمكن تجنبها بالوقاية والعلاج.

أسر بريطانية تعيش في فقر مدقع تضطر لإطعام أطفالها حليبًا معاد التسخين وإغلاق الثلاجات ليلاً لتوفير الكهرباء، مما يعرّضهم لخطر التسمم الغذائي.

ذكر أحد قادة الخدمات الصحية: "هناك شعور باليأس بين المهنيين، ونحن نبذل جهدًا، لكنني لست متأكدًا بما يمكن فعله، إنها مشكلة متجذرة".

الخدمات الصحية تركز على العلاج بدلاً من الوقاية، إلا أن بعض المناطق مثل لانكشاير وجنوب كمبريا أطلقت مبادرات وقائية.

استمرت الممرضة المجتمعلي ليزي هولمز في إقناع سكان حي رايلاندز الفقير بإجراء فحوص طبية مجانية، حيث تاريخياً كان السكان غير مرئيين للهيئة الصحية الوطنية.

موظفة الرعاية الصحية كلير نيبيسكي من لانكشاير وجنوب كمبريا أكدت على دعم الرعاية الصحية وقالت: "لولا إصرار ليزي على طرق باب الرجل لكان من الممكن العثور عليه ميتاً في منزله".

النموذج الوقائي يُعتبر السبيل لإنقاذ منظومة الصحة البريطانية التي تنفق الآن سبعة مليارات جنيه سنوياً على إعانات العجز.

يتلقى واحد من كل 10 أشخاص في بريطانيا وويلز إما إعانة الإعاقة أو إعانة العجز، وقد ارتفع العدد من 2.8 مليون شخص في عام 2019 إلى أربعة ملايين حالياً.

مع تفاقم الفقر في بريطانيا تزداد تحديات الخدمات الصحية البريطانية، حيث تشير دراسة إلى أن الإنفاق على الرعاية الصحية مرتبط بالمناطق الأكثر فقراً.

من الواضح أن الفقر لا يهدد فقط جودة حياة الأفراد، بل يضع عبئًا هائلاً على نظام الرعاية الصحية. بدون إصلاحات حقيقية تركز على الوقاية سيظل الاستشفاء ملاذًا للفقراء.

سكان بلاكبول يعانون من حصول على علاج، حيث يعد معدل الوفيات بين من هم دون سن 75 عامًا الأسوأ في بريطانيا.

وقد كانت الوفيات الناجمة عن الكحول أو المخدرات أو الانتحار هي الأعلى في بريطانيا.

وزير الصحة الذي تلى وزير الصحة السابق وعد بتوجيه التمويل المحلي إلى المناطق الفقيرة لمعالجة قلة الأطباء وطول فترات الانتظار.

يُعتبر استخدام منطقة بلاكبول للقيمين على المجتمع والآباء المحليين الذين توظفهم الجمعية الوطنية لمنع القسوة على الأطفال أمرًا بالغ الأهمية لصحة الأطفال.

قالت العالم الاجتماعية جيني بوباي إن "انعدام ثقة الفئات المهمشة اجتماعياً بالحكومة أمر مفهوم".


مواد متعلقة