موسكو تواصل الضغط على واشنطن لإزالة العقوبات عن الطيران الروسي

الأربعاء 23 أبريل 2025 - 04:02 ص

موسكو تواصل الضغط على واشنطن لإزالة العقوبات عن الطيران الروسي

منى شاهين

تضغط موسكو على الولايات المتحدة لفتح أجوائها أمام شركات الطيران الروسية، كجزء من اتفاق وقف إطلاق النار مع أوكرانيا.

إلا أن هناك عائقًا كبيرًا في هذا المخطط، فالاتحاد الأوروبي غير متحمس، ومن دون دعم أوروبا لن يكون من السهولة على شركات الطيران الروسية السفر إلى الولايات المتحدة.

وقد ذكر مسؤول في المفوضية الأوروبية، دون الكشف عن هويته، أن عقوبات الاتحاد الأوروبي ثابتة ضد روسيا، وتشمل حظراً على تحليق شركات الطيران الروسية فوق المجال الجوي للاتحاد الأوروبي.

إضافةً إلى القرارات السياسية المتعلقة بالعقوبات، لفت مسؤول الاتحاد الأوروبي أيضاً إلى قضايا رئيسة ترتبط بالسلامة والأمن، وإمكانية إعادة فتح المجال الجوي للاتحاد الأوروبي أمام الطائرات الروسية.

وأشار إلى أنه من غير المعروف ما إذا كانت الطائرات التابعة لشركات الطيران الروسية وخدمات الحركة الجوية قد حظيت بصيانة سليمة على مدى السنوات الثلاث الماضية، مما يضع صلاحية الأسطول الروسي للطيران موضع تساؤل جدي.

وكذلك منذ الحرب الروسية على أوكرانيا، في فبراير 2022، مُنعت شركات الطيران الروسية من التحليق فوق أراضي الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وكذلك من الحصول على قطع غيار للطائرات من الشركات المصنعة الغربية مثل بوينغ وإيرباص.

وقد رد الكرملين بمنع شركات الطيران الغربية من دخول مجاله الجوي.

وفي هذا السياق، قال مدير شركة سيغ أفيايشن الاستشارية، ساندر ستارفيلد، محذراً من المخاطر التي تهدد سلامة الطيران: "نتيجة لذلك، هناك احتمال كبير بأن يكون هناك استخدام لقطع غيار مزيفة في الطائرات العاملة داخل السوق المحلية الروسية".

وأضاف أن السماح لهذه الطائرات بالعمل تجارياً في أوروبا ليس أمراً غير آمن فحسب، بل يخاطر أيضاً بإدخال قطع غيار مقلدة إلى الاتحاد.

ومن الناحية العملية، فإن إعادة فتح أجواء أوروبا أمام شركات الطيران الروسية، مثل شركة الطيران الوطنية إيروفلوت، سيلقي بعبء كبير على وكالة سلامة الطيران التابعة للاتحاد الأوروبي.

وأكد ستارفيلد أن الوكالة ستكون ملزمة بضمان أن تتمتع الطائرات الروسية بمستوى من السلامة يعادل الطائرات العاملة بالفعل في الاتحاد الأوروبي.

مشيراً إلى أن هذه العملية تستغرق وقتاً، لاسيما بالنظر إلى حجم العمل المطلوب.

وأوضح أنه إضافة إلى مسائل السلامة والتصديق، قد لا تتمكن العديد من الطائرات الروسية من الهبوط في أوروبا مرة أخرى، لأنها في الواقع ليست روسية، بل تعود إلى شركات تأجير طائرات، تم الاستيلاء عليها بعد الحرب.

وأضاف ستارفيلد: "قد تُصادر بعض الطائرات فور هبوطها في أوروبا بسبب قرار روسيا الأحادي الجانب بتأميم الطائرات المستأجرة"، مشيراً إلى "وجود ديون ضخمة مستحقة لشركات التأجير الغربية".

توقعاً بأن تلك الشركات ستسعى لاسترداد أكبر قدر ممكن من الأصول.

رغم هذه المشكلات، تطالب روسيا باستئناف الرحلات الجوية المباشرة إلى الولايات المتحدة كجزء من أي اتفاق لوقف القتال.

وصرّح وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، في 11 أبريل بأن هذه الخطوة "يجب أن تكون نتيجة لرفع العقوبات عن شركة إيروفلوت".

وقال: "درس الأميركيون الأمر، لكن لم نر أي خطوة حتى الآن".

وأفادت التقارير بأن روسيا طلبت من واشنطن السماح لها بشراء طائرات من إنتاج بوينغ، وقد تعهدت بدفع الثمن من أصول الدولة الروسية المجمدة منذ بداية الحرب، شريطة التوصل إلى وقف لإطلاق النار.

حتى الآن، لم ترفع إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، أي عقوبات عن روسيا، لكن هناك بعض المؤشرات التي تعطي الكرملين أملاً.

وفي مارس الماضي، دعا رئيس غرفة التجارة الأميركية في روسيا، روبرت آغي، علناً إلى رفع العقوبات عن قطاع الطيران.

وقال آغي لصحيفة روسية محلية: "تمتلك روسيا أسطولاً ضخماً من الطائرات الغربية، معظمها من طراز بوينغ، ونعتقد أنه يتعين علينا توفير قطع الغيار والدعم الفني لها، لذلك سنسعى إلى رفع هذه العقوبات".

وأضاف: "هذه ليست رغبة تجارية بقدر ما هي ضرورة إنسانية، فالمواطنون العاديون يعانون في المقام الأول".

أي جهد أميركي لتخفيف القيود المفروضة على شركات الطيران الروسية من شأنه أن يزيد الضغط على شركات الطيران الأوروبية لاتخاذ خطوات مماثلة.

ولطالما اشتكت هذه الأخيرة الكلفة الإضافية لتجنب المجال الجوي الروسي الواسع عند السفر إلى آسيا، ما منح شركات الطيران الصينية أفضلية.

رغم هذه المخاوف التنافسية، تبدي بروكسل حذراً من الدخول في مفاوضات مع موسكو بشأن الوصول إلى مجالها الجوي، جزئيًا بسبب الطبيعة غير الآمنة للأجواء الروسية.

ووصف مسؤول في المفوضية الأوروبية، أمن المجال الجوي الروسي بأنه "إشكالي"، مشيراً إلى حادثة سقوط طائرة تابعة للخطوط الجوية الأذربيجانية يوم عيد الميلاد، بعد تلقيها ضربة من صاروخ دفاع جوي روسي مزعوم، مما دفع وكالة سلامة الطيران الأوروبية إلى نصح شركات الطيران بتجنب التحليق في جميع أنحاء غرب روسيا.

اعتذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن الحادث، ولكنه لم يحمل روسيا المسؤولية عنه.

وفي يناير الماضي، أصدرت وكالة سلامة الطيران التابعة للاتحاد الأوروبي تحذيراً جديداً لشركات الطيران غير الأوروبية بخصوص التحليق داخل المجال الجوي الغربي لروسيا، نظراً إلى خطر استهدافها عن غير قصد من قِبل أنظمة الدفاع الجوي الروسية.

ونددت هيئة الطيران المدني الروسية بهذا التحذير، معتبرةً إياه فرضاً جديداً للعقوبات على الشركات الروسية، ومحاولة لتمكين شركات الطيران الغربية من استعادة أسواقها المفقودة.

وذكرت وكالة سلامة الطيران الأوروبية أن حادثة سقوط طائرة تابعة للخطوط الجوية الأذربيجانية، بعد أن أطلقت الدفاعات الجوية الروسية النار على طائرات أوكرانية مسيرة، يظهر المخاطر الكبيرة المحتملة، وقد لقي ما لا يقل عن 38 شخصًا حتفهم.

وأضافت: "يشكل الصراع الدائر في أعقاب الحرب الروسية الأوكرانية خطر استهداف الطائرات المدنية عن غير قصد في المجال الجوي للاتحاد الروسي، نظراً إلى احتمالية وجود نقص في التنسيق بين السلطات المدنية والعسكرية، واحتمالية حدوث خطأ في تحديد الهوية".

وأوصت وكالة سلامة الطيران الأوروبية بعدم التحليق داخل المجال الجوي للاتحاد الروسي الواقع غرب خط الطول 60 درجة شرقاً على جميع الارتفاعات.

وكان هذا التحذير موجهاً لشركات الطيران من دول أخرى، والمرخص لها من قبل وكالة سلامة الطيران الأوروبية، نظراً لإغلاق المجال الجوي الروسي أمام شركات طيران الاتحاد الأوروبي، منذ أن فرض الاتحاد عقوبات تتعلق بأوكرانيا تستهدف قطاع الطيران الروسي.

في غضون ذلك، أكدت هيئة الطيران المدني الروسية أن سلامة الطيران تأتي في مقدمة اهتماماتها، واشارت إلى أن هذه التوصية غير مبررة.

وكتبت الوكالة على تطبيق تليغرام: "هذه التوصية ليست سوى استمرار لسياسة العقوبات التي تفرضها الدول الغربية على قطاع الطيران في الاتحاد الروسي".

وأضافت أن وكالة سلامة الطيران الأوروبية تسعى إلى ضمان خفض عدد رحلات شركات الطيران الآسيوية إلى وجهات الاتحاد الأوروبي باستخدام طريق سيبيريا.

وقالت: "تحاول وكالة سلامة الطيران الأوروبية، من خلال هذه التوصية، ببساطة استعادة ميزتها التنافسية المفقودة لشركاتها".

وفي تصريحات لوكالة رويترز، الشهر الماضي، ذكرت أربعة مصادر مطلعة على النتائج الأولية لتحقيق تحطم طائرة الخطوط الجوية الأذربيجانية، أن الدفاعات الجوية الروسية أسقطت الطائرة عن طريق الخطأ.

لا يزال من غير المعروف ما إذا كانت الطائرات الروسية وخدمات الحركة الجوية قد حصلت على الصيانة اللازمة على مدى السنوات الثلاث الماضية.


مواد متعلقة