كندا تتجه نحو الصين وسط تداعيات حرب ترامب التجارية

الإثنين 17 نوفمبر 2025 - 06:11 م

كندا تتجه نحو الصين وسط تداعيات حرب ترامب التجارية

منى شاهين

تدهورت العلاقات بين الصين وكندا في عام 2018 عندما ألقت الشرطة الكندية القبض على المديرة التنفيذية لشركة صينية، منغ وانزو، في مدينة فانكوفر بتهم احتيال أميركية. وبعد ذلك بأيام، احتجزت بكين رجلين كنديين، مايكل كوفريغ ومايكل سبافور، بتهم تجسس وصفتها كندا بأنها ملفقة.

تم إطلاق سراح كوفريغ وسبافور بعد نحو ثلاث سنوات، وذلك بعد قيام الولايات المتحدة بإسقاط طلب تسليم منغ. أثار هذا الحدث توترًا دبلوماسيًا بين كندا والصين، وأدى إلى فقدان الثقة بين البلدين. لكن مع تصاعد الحرب التجارية الأمريكية مع كندا، سعت كندا إلى الصين لإيجاد فرص اقتصادية مشتركة.

في الشهر الماضي، زارت أنيتا أناند، زعيمة الدبلوماسية الكندية، بكين والتقت بنظيرها الصيني، وانغ ييي. وأعقب زيارة أناند لقاء رئيس الحكومة الكندية، مارك كارني، بالرئيس الصيني، شي جينبينغ، على هامش قمة التعاون الاقتصادي لدول المحيط الهادئ في كوريا الجنوبية.

كان هذا الاجتماع بين كارني وجينبينغ الأول من نوعه منذ ثماني سنوات، حيث اتفق الطرفان على تحسين العلاقات بين الدولتين وتعزيز التعاون التجاري. وهذا يشمل زيارة مقررة لكارني إلى الصين، بجانب زيارات وزارية أخرى واتصالات هاتفية رفيعة المستوى بين البلدين.

في خطوة لتعزيز السياحة بين البلدين، أعادت الصين كندا إلى قائمة السفر المعتمدة للمجموعات السياحية، وهو ما من شأنه جلب دفعة اقتصادية لكندا. ومع ذلك، لا تزال هناك مخاوف من استغلال الصين لكندا في هذه الفترة الحرجة من الناحية الاقتصادية.

حذر مايكل كوفريغ، الذي أفرج عنه مؤخرًا من الاعتقال في الصين، من أن الصين تسعى إلى "خلق شقاقات بين كندا والولايات المتحدة". أكد كوفريغ على عدم رغبة الصين في وجود عالم غربي موحد يمكن أن يحد من طموحاتها العالمية.

كلا البلدين يمتلكان حوافز اقتصادية لاستعادة العلاقة المتوترة. فرضت كندا العام الماضي ضريبة 100% على السيارات الكهربائية الصينية بالتنسيق مع الولايات المتحدة لحماية سوقها من المنافسة غير العادلة.

في المقابل، ردت الصين بفرض رسوم جمركية انتقامية على المنتجات الكندية، منها زيت الكانولا، ما أثر بشدة على المزارعين الكنديين وأغلق عمليا ثاني أكبر سوق للكانولا في كندا.

ضمن هذا السياق التجاري المتوتر، كانت هناك محاولات للتفاوض بين الولايات المتحدة وكندا. فكان هناك تقدم ملموس حتى أوقف ترامب المحادثات فجأة بعد جدل متعلق بالرسوم الجمركية.

وإزاء الضغط الأمريكي المتزايد، بدأت كندا تبحث عن قنوات اقتصادية بديلة، مما جعل الصين خيارًا مغريًا. وأشارت لينيت أونغ من جامعة تورنتو إلى تحول جذري في موقف كندا تجاه الصين في الأشهر الأخيرة. وأضافت أن هناك نية لإعادة النظر في العلاقة بشكل جدري وفق ما تقتضيه الضرورة.

الرأي العام الكندي يميل إلى رؤية الولايات المتحدة كتهديد أكبر مقارنة بالصين. ففي استطلاعات الرأي، أعرب 46% من الكنديين عن قلقهم إزاء السياسات الأمريكية مقارنة بـ34% تجاه الصين.

ولكن، ومع كل ذلك، فإن الانحياز بشكل أكبر للصين قد يؤدي إلى عزل واشنطن، كما يوضح فين هامبسون من جامعة كارلتون. وأشار إلى أن الصين قد تغير من سياستها الخارجية لتكون أكثر مرونة منذ عودة ترامب إلى الرئاسة.

في الوقت الذي يزيد فيه الضغط على العلاقات الخارجية للصين، يبدو أن الرئيس الصيني شي جينبينغ يميل إلى تقارب جديد مع الدول الغربية وحلفاء الولايات المتحدة، كما شوهد في المحافل الدولية الأخيرة.

يرى بعض المحللين أن هناك فرصة لكندا للمناورة بشكل استراتيجي بين الصين والولايات المتحدة. لكن أي تعاون تجاري مع الصين سيكون مشروطًا باحترام المصالح الأساسية للصين، مثل تحاشي الانتقاد فيما يتعلق بحقوق الإنسان.

أما في البيت الأبيض، فيجب أن يكون هناك حذر في كيفية التعامل مع العلاقات الجيوسياسية لأمريكا. فلا ينبغي لها التوقع من أقرب حلفائها الاقتصاديين إلا أن يبحثوا عن شركاء جدد إذا أحسوا بالتهميش.


مواد متعلقة