أوكرانيا تواجه تحديات متزايدة في مسيرتها نحو الاتحاد الأوروبي
السبت 22 نوفمبر 2025 - 05:18 ص
تراكمت تبعات فضيحة الفساد التي عصفت بحكومة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بشكل كبير، ما أدى إلى تراجع موجة التفاؤل التي أثارها الثناء الأوروبي على التقدم الذي أحرزته أوكرانيا في مسار الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. في 12 نوفمبر، قدم وزيرا الطاقة والعدل استقالتهما، قبيل بدء تحقيق واسع في قطاع الطاقة.
وجهت هيئة مكافحة الفساد الأوكرانية اتهامات لثمانية مسؤولين بتهم تتعلق بإساءة استخدام السلطة وتلقي الرشى وتحقيق ثراء غير مشروع. شكل هذا ضربة لإدارة زيلينسكي في وقت تخوض فيه أوكرانيا معارك على الجبهات العسكرية.
في الوقت ذاته، نشرت المفوضية الأوروبية تقريرها السنوي الخاص بتقييم مسيرة أوكرانيا نحو العضوية، والذي جاء متفائلاً للغاية، قبل أيام من ظهور اتهامات الفساد التي طالت المستويات الحكومية الرفيعة.
حصلت أوكرانيا على صفة الدولة المرشحة للاتحاد الأوروبي قبل ثلاث سنوات، وبدأت مفاوضات الانضمام في ديسمبر 2023. رغم الحرب المشتعلة، حققت كييف تقدماً أكبر نحو الانضمام مقارنة ببعض دول البلقان.
ووفقاً لتقرير الاتحاد الأوروبي، فقد حققت أوكرانيا تقدماً ملحوظاً في الفصول الـ33 الخاصة بمفاوضات الانضمام. ويعتبر الخبير السياسي الألماني ستيفن وولف هذا التقدم إنجازاً كبيراً، مشيراً إلى عدم تسجيل أي ركود في الفصول.
حددت أوكرانيا هدفاً طموحاً يتمثل في إتمام عملية الانضمام بحلول عام 2028. وصفت مفوضة التوسيع الأوروبية احتمال عضوية أوكرانيا بأنه مرتفع جداً حتى بحلول عام 2030.
أشادت مسؤولة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي بشجاعة الإصلاحات الأوكرانية، مؤكدة عدم وجود دولة مرشحة نفذت إصلاحات بالسرعة ذاتها في ظل ظروف حرب. لكن تراجعت هذه الإشادة عند التطرق إلى سيادة القانون والإصلاح الإداري ونضج المؤسسات الديمقراطية.
حذر الاتحاد الأوروبي من الضغوط التي مورست على الوكالات المتخصصة في مكافحة الفساد وعلى المجتمع المدني، مشيراً إلى محاولة الحكومة تقييد صلاحيات مكتب مكافحة الفساد المستقل الصيف الماضي.
بروز فضيحة الفساد يؤكد أن أمام أوكرانيا مساراً أطول وأكثر تعقيداً مع تقارير التقدم. مسار الإصلاحات لا يزال هشاً. التحديات تتجاوز الفساد إلى الوضع العسكري والاقتصادي المتدهور.
الجيش الأوكراني في وضع دفاعي على الجبهات، ومدن تعاني انقطاع الكهرباء والتدفئة. الشرط الأساسي لعضوية الاتحاد الأوروبي، وهو استعادة أوكرانيا لجميع أراضيها من روسيا، ما زال بعيد المنال.
يرى الأستاذ في جامعة أوديسا الوطنية أن تقرير بروكسل الأخير، رغم نبرته الإيجابية، يحتوي على انتقادات حادة. أشار التقرير إلى أن التطورات الأخيرة تلقي بظلال الشك على التزام أوكرانيا بمسار مكافحة الفساد.
المفوضية الأوروبية دافعت عن كييف، مؤكدة أن الفساد ليس حكراً على دولة دون أخرى والعبرة في كيفية التعامل معه. التحقيقات الجارية دليل على أن أجهزة مكافحة الفساد تعمل بشكل فعّال.
ورغم ذلك، تبدو العقبات التي تعترض احتمالات انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي بحلول 2030 أكبر من أن يتم تجاهلها. فلم ينضم أي عضو جديد للاتحاد منذ عام 2014.
خوفاً من استغلال اليمين المتطرف للقضية في انتخابات 2027، فرنسا متشككة بشأن التوسع شرقاً. أظهرت استطلاعات الرأي أن 46% من سكان النمسا وفرنسا والتشيك يعارضون التوسع.
معارضة شعبية في بولندا لانضمام أوكرانيا، خصوصاً بسبب الخلافات حول الصادرات الزراعية. حزب البديل لأجل ألمانيا، المؤيد لروسيا، يتصدر المشهد بين من يرفضون عضوية أوكرانيا.
يرى منتقدون أن إبداء الاتحاد الأوروبي تفاؤلاً مبالغاً فيه تجاه أوكرانيا، دون دعم فعلي، قد يكرر أخطاء الماضي. لا تريد مفوضة التوسيع الأوروبية أن تُذكر باعتبارها من سمح بدخول حصان طروادة إلى الاتحاد، في إشارة للتجربة السلبية مع المجر.
الاتحاد الأوروبي يواجه مهمة شاقة لإقناع الرأي العام بأن انضمام أعضاء جدد سيقوي الاتحاد بدلاً من إضعافه. أوكرانيا تواجه عجزاً تمويلياً كبيراً وقد تستنفد احتياطاتها بحلول فبراير المقبل.
أوكرانيا تحتاج إلى حوالي 61 مليار دولار لتغطية عجز ميزانيتها حتى عام 2027، خاصة مع انسحاب الإدارة الأميركية من دعم كييف. بلجيكا تعارض استخدام الأصول الروسية المجمدة.
دعا المؤرخ في جامعة ريغنسبورغ الألمانية، أولف برونباور، إلى التفكير في شكل جديد من العضوية الكاملة وهو «الانضمام التدريجي»، خصوصاً أن أوكرانيا تعامل كعضو في العديد من المجالات.
ورغم أن هذا الطرح لا يرقى إلى ما يسعى إليه الرئيس الأوكراني زيلينسكي، الذي يعتبر عضوية الاتحاد الأوروبي هدفاً استراتيجياً يوفر ضمانات سياسية ودفاعية لبلاده، إلا أنه قد يشكل خياراً وسطاً معقولاً يُبقي أوكرانيا ضمن الفضاء الأوروبي.
مواد متعلقة
المضافة حديثا