جامعة فرنسية تستقطب باحثين أمريكيين معارضين للسياسات الجديدة في الولايات المتحدة

الأربعاء 02 يوليو 2025 - 07:29 ص

جامعة فرنسية تستقطب باحثين أمريكيين معارضين للسياسات الجديدة في الولايات المتحدة

منى شاهين

وصل مؤخرًا إلى فرنسا أول الأكاديميين الأميركيين الذين يعارضون سياسات إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب. وأعلنت جامعة إيكس مارسيليا مؤخرًا عن ثمانية باحثين مقيمين في الولايات المتحدة كانوا في المرحلة الأخيرة من الانضمام إلى برنامج المكان الآمن للعلوم التابع للجامعة، والذي يستهدف جذب الباحثين الذين يخشون من تقليص التمويل خلال إدارة ترامب.

توفر الجامعة الفرنسية الشهيرة وعداً للباحثين الوافدين بـ"مستقبل أكثر إشراقًا" في المدينة الساحلية المشمسة المطلة على البحر الأبيض المتوسط.

رغم إطلاق فرنسا والاتحاد الأوروبي خططًا بملايين الدولارات لجذب الباحثين منذ تولي ترامب رئاسة الولايات المتحدة في يناير الماضي، كانت مبادرة جامعة إيكس مارسيليا هي الأولى من نوعها في البلاد، مما يعني أن الباحثين الثمانية يُعتبرون من أوائل اللاجئين الأكاديميين الذين يخططون لترك الولايات المتحدة والانتقال إلى فرنسا.

قال الدكتور إريك بيرتون، رئيس الجامعة، في خطاب له من مختبر الفيزياء الفلكية، إن الوضع مشابه لموقف الأكاديميين الأوروبيين الذين فروا من اضطهاد النازية قبل وخلال الحرب العالمية الثانية، قائلاً: "ما يحدث هنا اليوم لا علاقة له بفترة مظلمة أخرى من تاريخنا".

لقد ضغط بيرتون والرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند من أجل إنشاء وضع "لاجئ علمي".

وبما أن معظم الباحثين الذين حضروا خطاب بيرتون لم يوقعوا بعد عقودهم مع جامعة إيكس مارسيليا، فقد طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم، لحماية مناصبهم البحثية في الولايات المتحدة إذا لم يُقبلوا أو في حال رفضهم عرض الجامعة.

كان من بين المتقدمين جيمس، وهو عالم مناخ في إحدى الجامعات البحثية المرموقة في أميركا، وزوجته التي تدرّس تقاطع الأنظمة القضائية والديمقراطيات. قال جيمس إنهما تقدما بالطلب لعملهم في مجالات مستهدفة قد تكون عرضة لخفض التمويل.

قال جيمس، الذي لم يرغب في استخدام كُنيته، إنه لا يعتبر نفسه وزملاءه الأكاديميين "لاجئين"، ولكنه أعرب عن قلقه العميق بشأن مستقبل البحث الأكاديمي في ظل حكم ترامب.

كان من المفترض أن يقضي بريان ساندبرغ، أستاذ التاريخ في جامعة شمال إلينوي الشمالية الذي يبحث في التغيّر المناخي خلال الفترة من القرن الـ16 إلى القرن الـ19، عامًا في مرسيليا كأستاذ زائر، ولكنه بعدما علم ببرنامج جامعة إيكس مارسيليا قرر التقدم بطلب للالتحاق بها.

"إن نظام البحث العلمي والتعليم في الولايات المتحدة يتعرض للهجوم بالفعل"، قال ساندبرغ.

وتفيد الجامعة أن 298 باحثًا من جامعات مرموقة، مثل ستانفورد ويايل، تقدموا بطلب للالتحاق بالبرنامج، رغم عدم شهرة الجامعة خارج فرنسا مثل بعض الجامعات الباريسية.

قال بيرتون إن العدد الكبير من المتقدمين يشير إلى "إلحاح" الوضع عبر المحيط الأطلسي. خصصت الجامعة بالفعل 15 مليون يورو لدفع كلفة البرنامج، وتضغط على الحكومة الفرنسية لمضاعفة هذا الرقم، ما سيمكنها من زيادة عدد الموظفين المخطط له في البرنامج من 20 إلى 39.

رغم ذلك، الانتقال إلى بلد جديد لا تُعتبر الإنجليزية لغته الرسمية يُعدّ خطوة كبيرة، وهناك أيضًا مسألة الرواتب الأقل للأكاديميين في فرنسا مقارنة بأميركا، والأموال القليلة للأبحاث.

قالت عالمة أنثروبولوجيا بيولوجية أميركية، التي فضلت عدم الكشف عن اسمها، إنها لاتزال تنتظر تفاصيل العقد من جامعة إيكس مارسيليا بسبب تفاوت الرواتب، رغم ارتياحها كون تكلفة المعيشة أقل في فرنسا والتعليم لأطفالها مجاني.

أكد بيرتون أن المشاركين في برنامج "المكان الآمن للعلوم" سيحصلون على الأجور نفسها التي يحصل عليها الباحثون الفرنسيون.

سعى البيان إلى تهدئة المخاوف داخل المجتمع الأكاديمي الفرنسي بأن الأموال قد تُركز الآن على جذب العلماء الأميركيين، بينما الباحثون المحليون اشتكوا منذ زمن من عدم كفاية التمويل.

لكن الباحثة الأنثروبولوجية قالت إن حياة أكثر راحة يمكن أن تعوض عن انخفاض الراتب، موضحة أنه سيكون هناك ضغط أقل بكثير من الناحية السياسية والأكاديمية.

جامعة إيكس مارسيليا هي مؤسسة تعليمية مستقلة ممولة من الدولة الفرنسية، تأسست بموجب قانون التوجيه الفرنسي لعام 1968، لإصلاح التعليم العالي، وتطورت من جامعة بروفانس التي أسسها لويس الثاني ملك بروفانس عام 1409 جامعة عامة.

تطورت الجامعة من القرن الـ15 إلى القرن الـ18 كمؤسسة للتعليم الكلاسيكي والفنون الحرة واللاهوت والقانون والطب، وأُلغيت خلال الثورة الفرنسية ثم أُعيد تأسيسها وأصبحت تُعرف باسمها الحالي.

تقدم 298 باحثًا من جامعات مرموقة بطلبات للالتحاق بالبرنامج، رغم عدم شهرة جامعة إيكس مارسيليا خارج فرنسا.


مواد متعلقة