"الجيش الأميركي في المركز 38 عالمياً كمصدر للانبعاثات الغازية"

السبت 26 يوليو 2025 - 09:46 ص

الجيش الأميركي في المركز 38 عالمياً كمصدر للانبعاثات الغازية

منى شاهين

وفقاً للتحليل الذي أجرته مؤسسة المناخ والمجتمع الأميركية، فإن الزيادة الأخيرة في إنفاق وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) ستؤدي إلى إنتاج نحو 26 مليون طن من الغازات التي تعمل على رفع حرارة العالم، وهو ما يعادل الانبعاثات الصادرة عن 68 محطة طاقة تعمل بالغاز أو المنبعثة عن دولة كرواتيا بأكملها.

يتوقع أن ترتفع ميزانية البنتاغون إلى نحو تريليون دولار، بزيادة قدرها 17% أو 150 مليار دولار عما كانت عليه في عام 2023، مما سوف يؤدي إلى زيادة حجم انبعاثات الغازات الدفيئة لتصل إلى 178 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون، ليجد الجيش الأميركي وأجهزته الصناعية يحتلان المرتبة الثامنة والثلاثين بين أكبر مصادر الانبعاثات في العالم.

ستلحق هذه الانبعاثات أضراراً اقتصادية تُقدر بـ47 مليار دولار، بما في ذلك الآثار السلبية على الزراعة، والصحة البشرية، والممتلكات نتيجة للطقس المتطرف، وذلك بحسب وكالة حماية البيئة الأميركية.

لكن التأثيرات الفعلية الناتجة عن البنتاغون ستكون بالتأكيد أسوأ من تقديرات مؤسسة المناخ والمجتمع الأميركية، إذ أن الحسابات لا تأخذ في الاعتبار الانبعاثات الناجمة عن التمويل العسكري التكميلي المقدم من الولايات المتحدة، مثل نقل الأسلحة إلى إسرائيل وأوكرانيا في السنوات الأخيرة.

تشمل دراسة مؤسسة المجتمع والمناخ الأميركية النفقات الخاصة بالجيش الأميركي فقط، بينما يشهد الإنفاق العسكري في دول حلف شمال الأطلسي (الناتو) ارتفاعاً كبيراً. وتعهدت الدول الأعضاء الـ32 في الناتو في قمة لاهاي بزيادة إنفاقها العسكري إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2035.

من المتوقع أن يرتفع الإنفاق العسكري لحلف الناتو في أوروبا وكندا من حوالي 500 مليار دولار إلى 1.1 تريليون دولار في عام 2035، مما سيجعل ميزانيات الدفاع الموحدة للدول الـ32 الحليفة تقريباً تعادل ميزانية البنتاغون.

تمثل كل دولار أو يورو يتم إنفاقه في السياق العسكري استعداداً لحلف الناتو لحروب محتملة مع الصين أو روسيا فرصة ضائعة للإنفاق على أهداف بيئية.

نلاحظ أيضاً أن القادة العسكريين الأميركيين يرغبون دائماً في إنفاق المزيد، وهذا ما يفسر بدوره تضخيم التهديدات في الاجتماع الأخير لقادة الصناعات العسكرية في فيسبادن بألمانيا.

أكد الجنرال الأميركي ألكسوس ج. غرينكويش مرة أخرى على الحاجة إلى زيادة الإنفاق العسكري بحجة أن روسيا والصين قد تشن حروباً في أوروبا والمحيط الهادي في المستقبل القريب.

يرى غرينكويش أن الوضع الحالي يتطلب من الحلفاء التحضير لمواجهة تحديات أمنية متوقعة قد تحدث في عام 2027، قائلاً: «سنحتاج إلى كل ما يمكننا الحصول عليه من معدات وذخائر للتفوق في هذا السباق».

أشار الجنرال كريستوفر دوناهو، قائد القوات الأميركية في أوروبا وأفريقيا، إلى مبادرة عسكرية جديدة بعنوان "خط الردع الشرقي" تهدف إلى تعزيز القدرات العسكرية لحلف الناتو في أوروبا.

حذر دوناهو من أن حلف الناتو قد يتطلب السيطرة على منطقة كالينينغراد بالسرعة اللازمة إذا لزم الأمر، رغم مضي الحرب على روسيا قدماً بموارد مقيدة، مما يشير إلى تباين بين إدعاءات النقص في الموارد والتباهي بقدرة الناتو على التصدي للهجوم الروسي.

تملك الولايات المتحدة حالياً نحو 870 قاعدة عسكرية خارج حدودها، وهي ضعف ونصف الأعـدادات التي تمتلكها باقي دول العالم، كما أن نفقات دول الناتو العسكرية تمثل 55% من الميزانية العسكرية العالمية.

وقد تم تجاهل العلاقة بين الإنفاق العسكري والآثار المناخية في فعالية فيسبادن، حيث لم تكن هناك أي إشارة إلى التأثير البيئي الذي تسببه الزيادة في الإنفاق العسكري.

كتب وزير الدفاع في إدارة ترامب، بيت هيغسيث، تدوينة قال فيها: «لا تكترث وزارة الدفاع للترهات المتعلقة بتغير المناخ. نحن هنا للتدرب على الحرب».

سوف تترتب عن هذا التدريبات وشن الحروب عواقب كارثية على المناخ، تشمل شح المياه وارتفاع مستويات البحار وتصحير مساحات واسعة، مما سيؤدي بدوره إلى انعدام الاستقرار السياسي وزيادة الهجرة القسرية.

لا يمكن تجاهل آثار الناتو السلبية على المناخ. ينبغي أن تلتزم الدول الأعضاء في الحلف بالشفافية بشأن انبعاثاتها والعمل بجدية للحد منها.

بدلاً من زيادة التوترات، يجب أن يوجه قادة الناتو السياسيين للاستثمار في حلول دبلوماسية غير عسكرية لمواجهة الأزمات السياسية.

كما يبين محللو مؤسسة المناخ والمجتمع، يمكن إعادة توجيه الزيادة في النفقات العسكرية نحو تدابير بيئية حقيقية، مثل تطوير وسائل النقل العامة والطاقة المتجددة والإسكان الاجتماعي الأخضر.


مواد متعلقة