الجامعات الأميركية تشهد انخفاضاً في الإقبال الدولي وتأثيرات اقتصادية متوقعة

السبت 06 ديسمبر 2025 - 03:51 ص

الجامعات الأميركية تشهد انخفاضاً في الإقبال الدولي وتأثيرات اقتصادية متوقعة

منى شاهين

يعيش طلاب الثانوية حول العالم هذه الفترة مرحلة حاسمة من حياتهم، حيث يستعدون لاتخاذ أحد أهم القرارات في حياتهم: الانضمام إلى الجامعة. على مدى عقود طويلة، ظل حلم الدراسة الجامعية في الولايات المتحدة يجذب الكثير من الطلاب الدوليين الباحثين عن التميز والفرص الواعدة.

كانت الولايات المتحدة دائماً وجهةً مفضلةً للطلاب الأجانب بفضل بيئتها التعليمية الغنية وطموحاتها العالية. في العام الماضي فقط، استقطبت الجامعات الأميركية نحو 1.1 مليون طالب دولي، من كليات المجتمع حتى جامعات النخبة.

لكن الطلاب الدوليين لا يأتون للحصول على الشهادات فقط؛ يساهمون أيضاً في مجتمع علمي يشارك في تشكيل الابتكار العالمي، من وادي السيليكون إلى مختبرات أبحاث السرطان.

إلا أن هذه الجاذبية بدأت تتراجع نتيجة للتغيرات الصعبة على سياسات السفر والدراسة في الولايات المتحدة.

بحسب "نيويورك تايمز"، انخفض عدد الطلاب الدوليين الوافدين إلى الولايات المتحدة في أغسطس الماضي بنسبة 20% مقارنة بالعام السابق، وهو تراجع لم يُشهَد له مثيل باستثناء فترة جائحة "كورونا".

المؤسسات التعليمية بدأت تحس بتأثير هذا الانخفاض؛ فجامعة "نياغرا" في نيويورك لاحظت تراجعاً بنسبة 45% من عدد الطلاب الدوليين، بينما شهدت جامعة "دي بول" في شيكاغو انخفاضاً بنسبة 62%.

هذا الانخفاض ليس مجرد صدفة؛ بل هو نتيجة مباشرة لسياسات إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب. اتخذت الإدارة سياسات جعلت الدراسة في أميركا أكثر تعقيداً.

الإدارة اقترحت إلغاء نظام "مدة الإقامة" الذي سمح للطلاب بالبقاء طوال دراستهم دون الحاجة لتجديد متكرر للتأشيرات، فضلاً عن رسوم مرتفعة على بعض طلبات التأشيرة.

في ظل هذه السياسات، أصبح من الطبيعي أن يعيد الطلاب الدوليون التفكير في "الحلم الأميركي"، ما أدى إلى تراجع أعدادهم.

العام الماضي، ساهم الطلاب الدوليون بما يقرب من 43 مليار دولار في الاقتصاد الأميركي و375 ألف وظيفة في مختلف القطاعات. إذا استمر هذا التراجع، فقد تخسر الولايات المتحدة 7 مليارات دولار من الإيرادات و60 ألف وظيفة مرتبطة بالتعليم الدولي.

لقد أظهرت دراسات أن القيود على الهجرة قد تؤثر سلباً على القوى العاملة في العلوم والهندسة والرياضيات، ما يؤثر بدوره على النمو الاقتصادي الذي قد يخسر 240 إلى 481 مليار دولار سنوياً.

كما توضح الدراسات أن الطلاب الدوليين يسهمون في خلق فرص عمل بعد تخرجهم، وأظهرت دراسة أن كل موظف بتأشيرة "H-1B" يُسهم بتوفير 5 وظائف جديدة.

المهاجرون كانوا دائماً ركيزة الابتكار في الولايات المتحدة، و40% من الحاصلين على "نوبل" في الفيزياء والكيمياء والطب كانوا مهاجرين.

النصف الآخر من الشركات الناشئة التي تتجاوز قيمتها مليار دولار أسسها مهاجرون. إذا وضعنا العراقيل، فإن هذا لا يحمي المصالح الأميركية بل يعرقل النمو والابتكار.

وفي المقابل، تتبنى دول أخرى سياسات أكثر انفتاحاً لجذب المواهب العالمية. كما أن المنافسة زادت بين الدول مثل كندا وأستراليا والمملكة المتحدة.

لكن هذا التراجع ليس محتوماً؛ يمكن للكونغرس والحكومة الحالية اتخاذ خطوات لعكس المسار، مثل إعطاء الأولوية لتأشيرات الطلاب ورفع القيود عن السفر.

تستطيع الجامعات والشركات التعبير عن دورها في دعم الاقتصاد والابتكار. هذا يمكن أن يغيّر النظرة إلى الطلاب الدوليين من كونهم تهديداً إلى اعتبارهم فرصة.

الولايات المتحدة كانت دائماً مرحبة بالمواهب من جميع أنحاء العالم، وإذا فقدت هذه السمعة، سيتراجع اقتصادها وابتكارها. كل خريف يُقيّم ملايين الطلاب خياراتهم ولكن التحديات الأميركية بارزة.

السؤال المطروح الآن: هل ترغب البلاد في الحفاظ على مكانتها كوجهة أولى للمواهب العالمية، أم ستراقب تلك المواهب وهي تتجه نحو دول أخرى؟

إذا استمرت السياسات على هذا النحو، قد نجد أن العلماء والمبتكرين المستقبليين قد يختارون تطوير مواهبهم في مكان آخر بعيداً عن الولايات المتحدة.


مواد متعلقة