العائلات الفقيرة في أمريكا تصارع لتلبية الاحتياجات الأساسية

الأحد 26 أكتوبر 2025 - 03:00 م

العائلات الفقيرة في أمريكا تصارع لتلبية الاحتياجات الأساسية

ناصر البادى

عندما فتح متجر «بيلسن» للأغذية في شيكاغو أبوابه، كان يوليسيس مورينو قد انتظر هناك لمدة ساعتين برفقة طابور من المتسوقين. ويبلغ مورينو 39 عاماً، وقد فقد وظيفته في قطاع البناء مؤخراً. يوجد لديه ثلاثة مراهقين في المنزل، وكان يريد التأكد من قدرته على تخزين الطعام، خاصة أن ميزانية الأسرة لم تعد تكفي.

وعلى بعض الأميال، في شارع ماغنيفيسنت مايل بشيكاغو، يبدو أن الحياة مختلفة. حيث تعج الفنادق الفاخرة بالنشاط، وتزدحم المتاجر والمطاعم بالعملاء الذين يستمتعون بالطعام الفاخر. هذا التناقض لافت للنظر بالنسبة لإيفلين فيغيروا، الطبيبة التي أسست وتدير متجر بيلسن للأغذية. تقول: "بالنسبة لأشخاص مثلي، الاقتصاد في وضع ممتاز".

ليست الفجوة بين الأغنياء والفقراء جديدة في الولايات المتحدة، لكنها ازدادت وضوحًا في الآونة الأخيرة. فالأسر ذات الدخل المرتفع، التي تستفيد من السوق المالي القوي، تستمر في الإنفاق ببذخ، بينما العائلات ذات الدخل المنخفض تعاني من التضخم وتراجع سوق العمل. ووفقًا لمؤسسة موديز، فإن 10% من الأسر الأميركية تستحوذ الآن على نحو نصف إجمالي الإنفاق.

تراجع ثقة المستهلك بين الأسر ذات الدخل المنخفض، بينما زادت بين الأسر ذات الدخل المرتفع، مما يدل على وجود انقسام واضح. وبحسب ليندسي أوينز، المديرة التنفيذية لمجموعة «غراوندورك كولابوراتيف»، فإن الاقتصاد مثل «المكان المختبئ لانعدام الأمن والاستقرار».

في القطاعات المختلفة، يُلاحظ الانقسام: المسافرون الأثرياء يقبلون على المقاعد الغالية بينما تكافح شركات الطيران لملء المقاعد الأرخص. وتتنافس شركات بطاقات الائتمان على جذب أصحاب الدخل المرتفع، بينما الأسر ذات الدخل المحدود تكافح لسداد ديونها. ويرى المديرون التنفيذيون أن هذه التوجهات ربما يكون لها تداعيات سلبية.

وأشار كريستوفر كيمبزينسكي، الرئيس التنفيذي لمطاعم «ماكدونالدز»، إلى انخفاض زيارات الأفراد ذوي الدخل المحدود لمطاعم الشركة هذا العام. وأكد أن هذا الانقسام في قاعدة المستهلكين هو سبب استمرار توخي الحذر حيال توجيهات المستهلكين الأميركيين.

تقلّص التفاوت الاجتماعي خلال جائحة كورونا بفعل المساعدات الحكومية، إلا أن العمال ذوي الأجور المنخفضة يفقدون هذه الفوائد مع تباطؤ سوق العمل. وترتفع الأجور ببطء للعاملين ذوي الأجور المنخفضة، مما يُثقل كاهل العائلات الأميركية. وتزيد نسبة اعتماد الأميركيين على بطاقات الائتمان لدفع الفواتير اليومية.

وفي حين أن الأعباء المالية لم تصل إلى حد حالات التخلف الكبيرة عن السداد، فإن الديون المرتفعة تعني أن المجال ضيق أمام الاقتراض في المستقبل إذا ارتفعت تكلفة المعيشة. لذا، تجد الأسر ذات الدخل المنخفض نفسها مضطرة لتقليص الإنفاق على الاحتياجات الأساسية.

التحديات تواجه العائلات ذات الدخل المنخفض حتى قبل العودة الثانية للرئيس دونالد ترامب. فسياساته، مثل الحرب التجارية مع الصين، كان لها تأثير سلبي على بعض القطاعات. والإجراءات الهجرية المعقدة قد أثرت على الشركات والمجتمعات التي تعتمد على العمال المهاجرين.

في حي بيلسن بشيكاغو، شهدت إجراءات الهجرة المشددة تراجعًا في الحركة. وتشهد الشركات انخفاضًا في عدد العملاء، وفقًا لما ذكرته إيفلين فيغيروا، صاحبة متجر بيلسن. الطلبات لتوصيل البقالة تتزايد لأن العائلات تخشى الخروج.

ظل الاقتصاد الأميركي في وضع جيد بوجه عام، ولكن تحذيرات عدة ظهرت بشأن الاعتماد المفرط على الإنفاق من قبل أصحاب الدخل المرتفع. إذا انخفضت أسعار الأسهم أو حدثت صدمة اقتصادية، فإن الأزمة قد تتفاقم بالنسبة للأسر ذات الدخل المنخفض. يذكر ديرين باتكي من "الاحتياطي الفيدرالي" أن الوضع الحالي يخلق هشاشة اقتصادية ملحوظة.

الفجوات الاجتماعية تمثل تحديًا لصانعي السياسات النقدية في الولايات المتحدة. فالطلب القوي من المستهلكين قد يؤدي إلى زيادة التضخم، بينما قد تؤدي السياسات النقدية الصارمة إلى تفاقم التفاوت في سوق العمل. الزيادة الطفيفة في البطالة الشهرية تتسبب في عدم يقين السوق، خاصة إذا بدأت الشركات في تسريح عدد كبير من الموظفين.

تحذيرات خبراء الاقتصاد تشير إلى أن أي تصعيد في عمليات التسريح وزيادة البطالة وتباطؤ الأجور قد يفسد الوضع المالي حتى للأسر التي لا تزال تتلقى دعماً مالياً، مما يسرّع تحول الأزمة الاقتصادية. هذا الخطر يجعل التخلص من التناقض الحالي تحدياً سياسياً واقتصادياً كبيراً.


مواد متعلقة