بدور القاسمي: رائدة إماراتية تقود المرأة نحو العالمية بالثقافة والتنمية
الأحد 17 أغسطس 2025 - 01:11 م

في يوم تختص فيه الإمارات بالاحتفال بالمرأة وعطاءها، تأتي قصة الشيخة بدور القاسمي لتكون من أبرز القيادات النسائية التي عبرت إنجازاتها الحدود، ومثّلت وطنها في أعلى المستويات التاريخية، وعززت مكانة الثقافة والمعرفة كأداة من أدوات القوة الناعمة لدولتها.
نجحت الشيخة بدور في نقل رؤية الإمارات إلى العالمية، وأعادت صياغة مكانة المرأة العربية في مجالات الثقافة والتعليم وريادة الأعمال. منذ تأسيسها "مجموعة كلمات" المتميزة في نشر كتب الأطفال، سجلت حضورًا ثقافيًا عربيًا كبيرًا. ثم أصبحت أول امرأة عربية وثاني امرأة في تاريخ الاتحاد الدولي للناشرين التي تتولى رئاسته.
امتد دور الشيخة بدور القاسمي إلى الريادة من خلال قيادتها لهيئة الشارقة للاستثمار والتطوير (شروق)، حيث أشرفت على العديد من المشاريع التنموية الضخمة. كما قادت مركز الشارقة لريادة الأعمال (شراع) فتحولت الإمارة إلى بيئة خصبة للابتكار، وقادت التطوير الأكاديمي في الجامعة الأميركية في الشارقة.
وعندما مثّلت الإمارات في جهود إدراج موقع الفاية الأثري على قائمة اليونسكو للتراث العالمي، جسدت بدور القاسمي مسيرة طموحة للمرأة الإماراتية في إحداث تغييرات جذرية محليًا وعالميًا، وقدمت نموذجًا رياديًا للقيادة التي تدمج بين قوة المعرفة والرؤية المستقبلية.
شكل النشر أولى محطات الشيخة بدور القاسمي نحو الريادة الثقافية. منذ تأسيسها "دار كلمات" عام 2007، كانت تهدف إلى تعزيز القراءة باللغة العربية، وتقديم مواد ذات جودة عالية بمعايير عالمية. نجحت "كلمات" في الحصول على جوائز عالمية وأدت إلى ترسيخ موقع الشارقة كمنطقة حيوية لصناعة الكتاب.
نفوذ الشيخة بدور لم يتوقف عند حدود الإمارات. فقد قامت بتأسيس جمعية الناشرين الإماراتيين في العام 2009، وأسست مبادرات لتمكين الفئات المهمشة مثل "مؤسسة كلمات"، التي فتحت آفاقًا جديدة لتوزيع الكتب في مخيمات اللاجئين والمكفوفين.
تميز دورها عالميًا حين انتُخبت رئيسةً للاتحاد الدولي للناشرين في 2021، لتصبح أول امرأة عربية تتقلد هذا المنصب. وخلال ولايتها، أطلقت مبادرات مثل PublisHer لتمكين المرأة في صناعة النشر، وأعدت الميثاق الدولي لاستدامة النشر.
اختيار اليونسكو للشارقة كعاصمة عالمية للكتاب في 2019 كان تتويجًا لمسار عمل الشيخة بدور، إذ لعبت دورًا كبيرًا في إعداد ملف الترشيح. كما أطلقت مشاريع مثل "بيت الحكمة" الذي أصبح رمزًا للعمارة والثقافة المتكاملة.
نموذج الشيخة بدور في القيادة الثقافية رسخ مكانة الشارقة كمركز عالمي لصناعة الكتاب. كرئيسة لمجلس إدارة هيئة الشارقة للكتاب، وضعت سياسات عززت موقف معرض الشارقة الدولي للكتاب كواحد من أضخم ثلاث معارض في العالم.
امتد تأثيرها إلى الاقتصاد والاستثمار، إذ أشرفت عبر "شروق" على مشاريع مثل تطوير واجهة خورفكان السياحية. من خلال قيادة "شراع" منذ تأسيسه، دعمت مئات الشركات الناشئة، مركزة على تمكين القيادات النسائية الشابة.
التعليم يعد محورًا رئيسيًا في مسيرة الشيخة بدور القاسمي، إذ تترأس الجامعة الأميركية في الشارقة ومجلس أمنائها منذ 2023، ساعية إلى تحويل الجامعة إلى منصة للبحث والابتكار.
حصلت جامعة ليستر في بريطانيا على لقب "أستاذ فخري" للشيخة بدور تقديرًا لإنجازاتها في تمكين المرأة ونشر القراءة، وأسست مراكز بحثية في الذكاء الاصطناعي والاستدامة، معززاً الشراكات مع القطاعات الصناعية والحكومية.
إدراج موقع الفاية ضمن قائمة التراث العالمي في 2025 جاء نتيجة جهود الشيخة بدور القاسمي. قدمت الفاية كشاهد حي على بداية الهجرة البشرية، مما يعكس قدرة الإمارات على عرض تراثها بلغة علمية حديثة.
الشيخة بدور القاسمي، بما تحمله من رؤية عالمية وأصول إماراتية متجذرة، تثبت أن المرأة الإماراتية اليوم قادرة على أن تكون صوتًا للعالم وصانعة أثر يتجاوز حدود الوطن، مبرهنة على أن القيادة النسائية تمتد إلى آفاق جديدة في العالم الحديث.
مواد متعلقة
المضافة حديثا