الشفاء جاء من الوطن بعد رحلة علاج في أمريكا

كانت معاناة حقيقية خاضها سيف عبدالله النويس، حيث قدم نموذجاً فريداً في تحدي الصعوبات وتحقيق الأهداف، بعد أن فقد حاسة السمع في سن مبكر. تحدى الأمر بعزيمة وصبر، ولم يدع إعاقته تكون عائقاً له، بل حافزاً لتحقيق النجاح.

بمساندة أسرته والمجتمع، استعاد سيف السمع وتعلم النطق، وحقق نجاحات دراسية ومهنية مذهلة. أصبح إيحاءً لشباب الإمارات بأن التحديات لا تقف في وجه الطموحات، بل تعزز الإصرار والإيمان بإمكانية تحقيق المزيد.

كشف سيف قصته في لقائه مع "الإمارات اليوم"، حيث تحدث عن معاناته من فقدان السمع، قائلاً إنه عندما كان صغيراً أصيب بحمى شديدة أدت إلى عزله صوتياً عن العالم. كانت تحاول والدته التواصل معه لكنه لم يكن يستجيب، ما أثار القلق في الأسرة.

رغم عدم وجود مؤشرات سابقة لمشكلة صحية، بدأ والديه رحلة طويلة من الفحوصات، لكن للأسف أخبرهم الأطباء أنها حالة حرارة عابرة. لكن الحقيقة كانت فقدانه تماماً للسمع، ليعيش في صمت مطلق.

ثم أخذ والدا سيف القرار بالبحث عن علاج في الخارج، وذهبوا به إلى الولايات المتحدة. لكن لم يجدوا حلاً واضحاً، إلا أن الخلاص أتى من الوطن بفضل الله والمغفور له الشيخ زايد. تمت زراعة قوقعتين في أذنيه ليستعيد السمع.

وبعد أن نجحت هذه العملية عندما بلغ سيف عمر الأربع سنوات، بدأت معه مشكلات في النطق والتعلم. ولكن عائلته لم تستسلم بل سعوا استثمار قدراته، فكانت أمه البطلة التي بدأت تعليمه من المنزل.

بفضل جهود والدته، تعلم سيف النطق والتحق بالمدرسة وتفوق على مراحل، متجاوزاً تنمّر زملائه الذين كانوا يضحكون عليه. لكن أمه كانت تثق به وتدعمه عاطفياً، مؤكدة على قوته الداخلية وتميزه.

رغم العقبات، تميز سيف دراسياً وتخرج من جامعة زايد بشهادة بكالوريوس في التسويق وريادة الأعمال، وحقق نجاحات مهنية متميزة. يصف تجربته المهنية بأنها فرصة لتحقيق الذات، قائلاً إنه منذ البداية واجه مشكلات التشويه بشكل إيجابي.

عمل سيف في مطار زايد الدولي كضابط تفتيش، حيث تعلم من هذه التجربة الكثير عن الانضباط والمسؤولية. يؤكد أن ما مر به ساعده في اكتساب مهارات ساهمت في تشكيل شخصيته وتطوير مهاراته العملية.

رغم استعادته للسمع، لا يزال يشعر سيف براحة في الصمت عندما ينزع السماعة، إذ استفاد من هذه الحالة في تنمية قدرته على قراءة الشفاه وفهم حركات الوجه. يؤمن بأن الصمت ليس عجزاً بل وسيلة مختلفة للفهم.

يدعو سيف كل من يمر بتجربة مماثلة إلى عدم الاستسلام، معتبراً الإعاقة شكل مختلف للبداية. مشدداً على أهمية الأسرة ودعم المجتمع في مواجهة التحديات، مؤكداً أن كل لحظة تجربة وفرصة لتقدير النعم في الحياة.