الأمريكيات يتخلين عن وظائفهن بسبب فقدان المرونة الوظيفية
الخميس 14 أغسطس 2025 - 09:01 ص

وفقًا للبيانات الحديثة، حوالي 212 ألف امرأة غادرت وظائفهن في الولايات المتحدة في الأشهر الأخيرة. هؤلاء النساء البالغة أعمارهن 20 عامًا فأكثر تركن سوق العمل منذ بداية يناير 2025، وذلك وفقًا لأحدث تقارير الوظائف التي أصدرها مكتب الإحصاءات في بداية أغسطس. الأرقام تعكس تقلبات حديثة حيث شهدت زيادة في عدد النساء، خاصة الأمهات، الباحثات عن وظائف بدوام كامل.
تشير الإحصائيات إلى أنه بين يناير ويونيو 2025، معدل مشاركة النساء تتراوح أعمارهن بين 25 و44 سنة ولديهن أطفال دون سن الخامسة انخفض بنسبة تقارب ثلاث نقاط مئوية من 69.7% إلى 66.9%، بحسب الخبيرة الاقتصادية ميستي هيجينيس من جامعة كانساس.
مشاركة النساء في العمل شهدت تزايُد كبير من عام 2022 إلى 2024، حيث بلغت ذروتها في يناير 2025 بفضل سياسات العمل المرنة التي ساعدتهن في التوظيف وتوليد الدخل اللازم لدعم أسرهن.
عام 2025، التخلي عن المرونة في العمل كان واسع النطاق. الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمر الموظفين الفيدراليين بالعودة إلى المكتب خمسة أيام في الأسبوع في يناير، رغم أن العديد منهم تفاوضوا على ترتيبات العمل عن بُعد، وبعض الموظفين انتقلوا بعيدًا عن مواقع العمل.
عادت عموم الشركات الأمريكية لنظام العمل الكامل في المكتب بشكل واسع، وفقًا لمؤشر "فليكس" الذي يتابع سياسات العمل عن بعد، حيث أشارت شركات كبيرة مثل "أمازون" و"جيه بي مورجان" إلى عودتها لنظام العمل خمسة أيام في الأسبوع 2025.
هذا التغير أثر بشكل خاص على النساء الحاصلات على درجات علمية حيث ارتفع معدل عملهن الذي كان متراجعاً لسنوات قبل جائحة كورونا، إذ بلغ 70.3% في سبتمبر 2024. تراجع المعدل منذ ذلك الحين ليصل إلى 67.7% في يوليو 2025 وفقًا لتقرير الوظائف الأخير.
تقول جولي فوغتمان، مديرة جودة الوظائف في المركز الوطني للمرأة، إن انخفاض مشاركة المرأة في القوى العاملة يتزامن مع اختفاء المرونة في العمل. المرأة استفادت من العمل عن بعد في الجائحة، لكن الآن كثيرات منهن يعانين في الحفاظ على وظائفهن.
فوغتمان أكدت أن النساء يحتملن النصيب الأكبر من مسؤوليات الرعاية، وهن أكثر قدرة من الرجال على الوفاء بتلك المسؤوليات أثناء العمل، وتكون عرضة للشعور بضرورة ترك العمل إذا أصبح التوازن بين العمل والحياة مفقودًا.
لم تثبت السياسات الجديدة لعودة العمل في المكتب أنها تزيد من إنتاجية الشركات. دراسة في 2024 على شركات مثل "مايكروسوفت" وجدت أن سياسة العودة للعمل أدت إلى هجرت موظفين كبار، مما شكل تهديدًا لقدرة الشركات على المنافسة.
قرابة ثلثي المديرين التنفيذيين أشاروا إلى أن أوامر العودة إلى العمل تسببت في عدد غير متوازن من النساء اللاتي قدمن استقالاتهن، وفقًا لاستبيان منفذ من قبل وكالة جمع البيانات "والر" في 2024.
فيما صرح العديد من التنفيذيين الذين أبلغوا عن استقالات النساء بالصعوبة في شغل الوظائف وفقدانهم لمثابرة الأيدي العاملة مما قلل إنتاجية القوى العامل لديهم بشكل عام.
ميستي هيجينيس من جامعة كانساس، تقول: "عندما أسمع عن هذه الشركات التي تجبر الجميع على العودة للمكتب، يغلب عادة أن يتخذ القرار رجل ذو امتيازات كرعية توفر له إدارة منزله بالكامل".
بجانب نقص المرونة، انخفاض مشاركة النساء في القوة العاملة عام 2025، جزء منه ناتج عن النساء ذوات الدخل المحدود اللائي كان يعملن في وظائف كان يجب حضورها دوائما حتى في فترة الجائحة.
تلك النساء تأثرت بشكل خاص لأن الأموال المخصصة لرعاية الأطفال انخفضت بشكل حاد في 2025، مما جعل العديد من مراكز الرعاية تغلق أو ترفع الرسوم الدراسية، مما ترك الخيارات محدودة للعائلات.
عمليات الترحيل الجماعي للمهاجرين أثرت على مقدمي الرعاية للأطفال حيث يشكل المهاجرون حوالي 20% منهم. البعض يخشى الذهاب للعمل رغم وضعهم القانوني وآخرون فقدوا الرعاية لأطفالهم، مما اضطرهم للبقاء في المنزل.
ساهم التمويل الفيدرالي في تخفيض تكاليف مقدمي الخدمات، لكن نفقات رعاية الأطفال تعاود الزيادة الآن. حجم الأموال المُنفقة من الأسر الأمريكية على الرعاية سجلت انخفاضاً في 2023 و2024 وبدأت تزيد مرة أخرى في نهاية 2024.
تقول فوغتمان: "امامنا مجموعة من النساء العاملات يواجهن صعوبة في تأمين أساسيات الحياة مثل الغذاء والمواصلات والسكن".
ترك العمل أحيانًا يكون مفيدًا لبعض النساء، وخاصة اللواتي أزواجهن لديهم وظائف مستقرة بدخل جيد، ما يتيح لهم الوقت للبقاء مع عائلاتهم أو بدء أعمالهم الخاصة.
سارة ويدج من نيويورك تركت عملها عندما طلبت شركتها العودة للمكتب. والأمر جعلها تعمل بشكل حر يقرب من الوقت الذي تستطيع قضائه مع ابنتها البالغة من العمر ثلاث سنوات.
تضيف ويدج: "كوني أم، أستمتع بالعمل الحر، فالجدول الزمني المرن هو ميزة رائعة". يجب ان تعترف بأن المغادرة القسرية للنساء من سوق العمل تُسبب قلقًا شديدًا بسبب تأثيرها على اقتصاد الأسرة والأمة.
أظهرت الأبحاث أن النساء مرجحات لقبول وظائف ذات أجر أقل إذا توفر لهن العمل عن بعد والمرونة. من دون راتبين قد تجد العائلات صعوبة.
مغادرة النساء القوى العاملة يوصد الأبواب أمام جهود إدارة ترامب لحث النساء على الزواج وزيادة الإنجاب، في مسعى لوقف انخفاض معدل الولادات في البلاد.
هيجينيس ترى أن العودة القسرية للعمل يناقض ما تحاول الإدارة الوصول إليه على المستوى السياسي، إذا كانت تهتم حقاً برفع معدلات الولادة.
وقف الدعم الفيدرالي لرعاية الأطفال أرغم العديد من المراكز على الإغلاق أو رفع الرسوم الدراسية، مما ترك العائلات بدون خيارات تُذكر.
مواد متعلقة
المضافة حديثا