سلامة المزروعي: تراث الخروفة يعزز القيم التربوية عبر الأجيال

الخميس 01 مايو 2025 - 11:25 م

سلامة المزروعي: تراث الخروفة يعزز القيم التربوية عبر الأجيال

احمد الشعالى

في أحد أركان معرض أبوظبي الدولي للكتاب، تلتقي رائحة الورق بحكايات الزمن، حيث جلست الفنانة الإماراتية، سلامة المزروعي. بثوبها التراثي، وبرقعها الذي يغطي ملامحها، تقوم بنسج "خراريفها" الشعبية، التي تربط بين التراث والأصالة، والتشويق والخيال، بينما تهمس للأطفال بلطف وحماس: "يا عيالي، اليوم عندنا (خروفة).. من الزمان اللي ما تعرفونه".

سلامة المزروعي اسم يُذكر كمرادف للرواية الإماراتية الناجحة، لم تأتِ كنجمة تلفزيونية، بل كأم تسرد قصص الجدات الدافئة، المحملة بعبق الماضي. بعد تجربة ناجحة في برنامج تلفزيوني امتد لـ17 حلقة، عادت لتسرد قصص "الخراريف" و"السنع"، مازجة بين الخيال والحكمة بلهجة إماراتية أصيلة.

تقول سلامة إن "الخروفة" ليست مجرد قصة، بل هي عبرة مغلفة بالخيال والدهشة؛ تهدف لحفرها في ذاكرة الطفل. "هي ليست مجرد قصص، بل هي بوصلة تُحفظ اللغة وتحيي العادات، مقدمة للطفل مفاتيح لفهم العالم من حوله بلغته القريبة مشوقة". تضيف قائلة: "إنها خلاصة أجيال وتجسيد لذاكرة الوطن".

خلال جلسات معرض أبوظبي للكتاب، قدمت سلامة حكايات حافلة بالخيال والعبر، مثل "أم الدويس"، "مشيليف وإخوانه"، و"بنت السماك". كل جمعة تحوّلت الجلسات إلى مسرح مصغر، حيث تؤدي سلامة دور الحكواتي، مستخدمة تغييرات صوتية وحركات تمثيلية بما يصف الأطفال بالمشوق والملهم.

أشارت سلامة إلى تفاعل الأطفال إيجابياً مع الحكايات، قائلة: "الأطفال كانوا يحدقون وينصتون، يشاركون ببعض الخجل في البداية، لكن تدريجياً بدؤوا بتقليد الأصوات وطرح أسئلة مفاجئة، ما منحهم الثقة للإبداع في صناعة 'خراريفهم' الخاصة".

تؤيد سلامة الرأي القائل بأن "الخروفة" ليست مجرد سرد قصصي، بل هي شعلة تضيء الوعي، وجسر بين العبرة والإمتاع الذهني. تؤمن أن الحكايات تحمل في طياتها العبر والأخلاق، وتساهم في ربط الطفل بجذوره وثقافته الخاصة، مغروسة في تربة ذاكرته.

اختارت الفنانة سلامة أن تكون ممثلة بصرية للزمن الذي تحكيه، بظهورها في الملابس التقليدية لتعكس الماضي بروح جديدة، مؤكدة أنه لا بد من الجمع بين التراث والتمثيل لتسليط الضوء على القصص الخالدة وإيصالها للقلوب.

ترى سلامة المزروعي في "الخراريف" مشروعاً تربوياً حقيقياً، له مكانه في المناهج الدراسية أو الأنشطة المدرسية. تقول إن هذا النوع من السرد يعلم الطفل الجغرافيا بطرق غير مباشرة، حيث يستذكر الطفل أسماء البيئات والمناطق المحلية، مما يسهم في توثيق روابطه بثقافته وبيئته المتنوعة.

رداً على تحفظ البعض بشأن استخدام الرعب في القصص للأطفال، تعتقد سلامة أن الخوف يُستخدم بحكمة في "الخروفة"، كي ينبه الطفل على الفرق بين ما ينبغي الحذر منه وما يجب عليه تجنبه، بهدف زراعة الحذر وليس الفزع.

تؤكد أن الرواية الشفوية ليست أقل أهمية من المكتوبة، فهي الأصل الذي خرجت منه القصص والكتب. تدعو إلى إعطاء"الخروفة" حقها في التعليم والوسائل الإعلامية، مؤكدة أنه بين الكلمات والأصوات، يتعلم الطفل ويرتبط بجذوره. "الخروفة" بوابة نحو عالم أكبر، تحمل هوية الوطن وتاريخ الأجداد بين دفتيها.


مواد متعلقة