الكهرباء بعيدة المنال عن سكان الأمازون الأصليين

الخميس 25 ديسمبر 2025 - 03:16 ص

الكهرباء بعيدة المنال عن سكان الأمازون الأصليين

ناصر البادى

ارتفعت أبراج السفن الراسية في الجهة القريبة من جزيرة أكيتا في البرازيل، لتبدو كمدن عائمة مضيئة. هذه السفن تحولت إلى فنادق مؤقتة لآلاف المشاركين في قمة المناخ المنعقدة الشهر الماضي، حيث ناقش المسؤولون بداخلها سبل تأمين وزيادة مصادر طاقة نظيفة.

ورغم هذا المشهد المضيء، يعيش بجوار الخليج أناس لم تصلهم الكهرباء إلا هذا العام، بينما يظل آخرون في انتظار دورهم. هذا الوضع يعكس حال مئات الملايين حول العالم المحرومين من الكهرباء رغم أهميتها البالغة.

ولدَت جولما مورايس أنجو وعاشت في جزيرة أكيتا، وأكدت أن الكهرباء لم تصل لمنزلها بشكل منتظم إلا قبل تسعة أشهر. في النقاشات المناخية تقول: يكاد الأمر يبدو وكأننا في مؤتمر الحفاظ على المناخ.

وفي الوقت الذي يعيش 17 مليون شخص في الجزء الغربي من العالم دون كهرباء تماماً، يعتمد 60 مليوناً على مولدات الديزل، أحد أكثر مصادر الطاقة تلويثاً للبيئة.

في منطقة الأمازون البرازيلية وحدها، هناك نحو مليون شخص بلا كهرباء، ويعتمد مليونا آخرين على الديزل للتوليد. هذه المجتمعات تتكون من سكان أصليين أو منحدرين من أصول إفريقية.

رغم أن إسهام هذه الفئات في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري ضئيل، تظل معاناتها كبيرة بسبب نقص الطاقة. فالثلاجة الأميركية العادية تنتج انبعاثات تفوق مجتمع كامل منهم.

ولكن تظل مسألة إيصال الكهرباء للفقراء ضرورة ملحّة، فقد أصبح الاعتماد على الحطب للطهي من عوامل إزالة الغابات الرئيسية في المناطق الفقيرة.

دافعت حكومات الدول النامية عن حقها في استغلال الوقود الأحفوري لتسريع إيصال الكهرباء للجميع رغم المخاوف المناخية المتزايدة.

الحصول على الكهرباء يمثل الخطوة الأولى للاندماج في اقتصاد أوسع وأكثر استقراراً، حيث توفير وسائل العيش الحديثة والتواصل.

على مستوى المجتمع، يترجم ذلك في مكبرات صوت أو الإنترنت اللاسلكي أو آلات كهربية تزيد كفاءة الإنتاج وتساعد السكان على تحسين دخلهم.

في فعالية أخيرة قبالة سفن قمة المناخ، أقيمت بطولة كرة قدم في جوتوبا وباكيتا، وكانت الجائزة ثور هزيل بسبب غياب الإضاءة انتهت البطولة مبكراً بتقاسم لحم الثور.

ورغم الصور الرومانسية لنمط الحياة التقليدي، قالت إيزابيل بلتران إن الواقع مختلف، وإذا أتيحت الفرصة للناس للحصول على الكهرباء، فإن قلة قليلة تختار العيش بدونها، لأنها لا تتعلق فقط بتسهيل الحياة بل بفرص كسب الرزق.

تجربة أنطونيا مايا توضح الواقع بجلاء، عاشت دون كهرباء حتى حصلت هذا العام على نظام يعمل بالطاقة الشمسية، وقالت: كنا نعتمد على الملح أو الثلج لحفظ السمك.

تعيش أنطونيا على ساحل جزيرة باكيتا، وحصلت هذا العام على أنظمة بطاريات، ضمن برنامج "النور للجميع" لإيصال الكهرباء للمناطق الريفية في البرازيل.

هذا البرنامج أصبح أبرز المشروعات الاجتماعية في البلاد، أطلقه الرئيس البرازيلي لتوفير الكهرباء في المناطق الريفية.

«النور للجميع» الذي يركز بشكل خاص على منطقة الأمازون قد وفر الكهرباء لملايين الأشخاص، واستخدمت أنظمة بطاريات تعمل بالطاقة الشمسية.

رغم الانتظار الطويل، كان وصول الكهرباء لحظة سعادة للعائلات التي استفادت منه، مثل عائلة مايا الكبيرة في جزيرة باكيتا.

كانت مايا سعيدة للغاية بوصول الكهرباء لمنزلها وفقدت القدرة على إحصاء أحفادها لكثرتهم. في يوم توصيل الكهرباء، احتفلت العائلة وزارت البطولة الكروية.

عند العودة، بدأت البطاريات الشمسية العمل، كانت مايا مستمتعة ببرنامجها التلفزيوني "فانتاستيكو"، واستمرت أصوات هواتف أبنائها المحمولة في العمل.

شهد العالم تحسناً كبيراً في توفر الكهرباء منذ عام 2000، حيث ارتفعت النسبة من 75% إلى 90% بحلول 2020 وفق البنك الدولي.

لكن لا يزال هناك تحديات كبيرة في توفير الكهرباء بشكل دائم وبأسعار معقولة، لضمان استفادة الجميع في حياتهم اليومية.

أظهرت الدراسات أن «فقر الطاقة» يطال 1.18 مليار شخص لا يستطيعون استخدام الكهرباء بفعالية، وهذا يعكس الحاجة لاستثمار جهد أكبر.

التحدي لا يكمن فقط في توصيل الكهرباء، بل في ضمان توفرها بكفاءة لتلبي احتياجات السكان اليومية والأنشطة المختلفة مثل الطهي والتعليم.


مواد متعلقة