أوروبا والصين: الشراكة لتعزيز الاقتصاد وضمان المصالح المشتركة
الثلاثاء 16 سبتمبر 2025 - 09:05 م

كشفت أكبر شركة لتصنيع البطاريات عن بطارية جديدة للسيارات الكهربائية يمكنها توفير مدى قيادة مذهل يصل إلى 520 كيلومترًا بعد خمس دقائق فقط من الشحن. يأتي هذا الإعلان بعد شهر من إطلاق شركة بي واي دي الصينية الرائدة لنظام الشحن فائق السرعة الخاص بها.
وفي مجال الطاقة الشمسية، فإن الأرقام مذهلة أيضًا حيث يمكن للشركات الصينية الآن إنتاج أكثر من 1200 غيغاواط من الألواح الشمسية سنويًا. هذه الإنجازات هي نتيجة لسباق التكنولوجيا الخضراء العالمي الذي تتصدره الصين بفارق كبير.
ويقول البعض إن هناك مشكلة تكمن في فائض العرض الصيني، لكن من منظور آخر، فإن بقية العالم لا ينشر هذه التقنيات بالسرعة الكافية. فبينما يعمل محرك التصنيع الأخضر في الصين بسرعة عالية، يتباطأ بعض شعوب العالم.
في ضوء ذلك، تواجه أوروبا خياراً استراتيجياً حيث يمكنها الرد بسياسة صناعية دفاعية. يتضمن ذلك تأمين سلاسل التوريد ورفع الرسوم الجمركية ومحاولة اللحاق بالركب دون جدوى.
أو قد تصوغ أوروبا أجندة تنافسية تسمح لها باستخدام نقاط قوتها فيما يتعلق بوضع القواعد والمعايير وبناء التحالفات من أجل توسيع الصناعات الخضراء وتوجيه أطر الاستثمار الأخضر.
وعلى الرغم من انهيار العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والصين في السنوات الأخيرة، فإن فكرة التعاون في التجارة النظيفة ليست بعيدة المنال. يعتبر التحول المناخي التحدي السياسي والاقتصادي الأهم في القرن الواحد والعشرين.
وقد ضغطت أوروبا لإزالة الكربون ما قد يترك الأصول الصينية عالقة. بينما قد تواجه الصين رداً إذا رفضت التعاون مع العالم. السؤال الآن هو إمكانية تشكيل ترابط بناء بينهما.
هناك حاجة لإقامة شراكة مناخية تعزز المصالح الاقتصادية لكل طرف. بالنسبة للاتحاد الأوروبي، يعني ذلك تحسين قدراته وتقليل الاعتماد على الواردات الصينية.
بالنسبة للصين، يعني ذلك الحفاظ على إمكانية الوصول إلى سوق تصدير عالية القيمة في ظل بيئة تجارية متغيرة. يتطلب النجاح براغماتية من كلا الجانبين.
تعتمد فاعلية التعاون بين الاتحاد الأوروبي والصين على عوامل عدة. أولاً يجب عليهما التوصل إلى اتفاق بخصوص متطلبات المنتج المحلي. ينبغي للاتحاد الأوروبي استهداف إنتاج التقنيات الخضراء بتكلفة أقل ولكن بجودة عالية.
ثانياً يجب أن تفتح الشراكة الباب أمام المشروعات المشتركة التي ساعدت الصين في الوصول إلى آفاق التكنولوجيا المتقدمة. هذه المشروعات آخذة في الظهور بالفعل في الاتحاد الأوروبي في قطاعي البطاريات والسيارات.
ثالثاً يجب النظر في التدابير التجارية بعناية. فرض الاتحاد الأوروبي تعريفات جمركية تصل إلى 45.3% على المركبات الكهربائية الصينية، ولكن حواجز الاستيراد وحدها لا تكفي لسد فجوات القدرة التنافسية.
في أحسن الأحوال يمكنها أن تُكمل جهود القوانين الاستراتيجية مثل الشراكات الصناعية. إذا لم تنفذ هذه الإجراءات بشكل صحيح، قد تضعف موقف أوروبا التكنولوجي.
رابعاً هناك حاجة إلى برامج فعالة لتنقل الكفاءات. بدأت بعض الدول الأوروبية بتقييد تأشيرات المهندسين الصينيين. تمكين الشركات الأوروبية من استضافة المواهب الصينية يضمن إجراء البحث في أوروبا.
في نهاية المطاف، إيجاد طريقة للتعاون في إزالة الكربون يحقق مكاسب اقتصادية للجانبين. التعاون مع الصين يعزز مرونة أوروبا ويكون قائدة في مجال التكنولوجيا النظيفة.
ستتمكن الصين من التخلص من فائض السلع الخضراء وتأمين الوصول إلى الأسواق. على الرغم من تراجع الولايات المتحدة عن العمل المناخي، تظل الصين ملتزمة بالنمو الأخضر.
يبدو أن الاتحاد الأوروبي والصين متوافقان أكثر مما يُدركه الكثيرون. كلاهما مستورد للوقود الأحفوري وكلاهما منتج لتقنيات خالية من الكربون. لديهما مصلحة للحفاظ على الطلب العالمي على المنتجات الخضراء.
في ظل تزايد حالة عدم اليقين، يراهن كلاهما على التحول في مجال الطاقة كمسار مُجدي للتنافسية والابتكار. راهنت أوروبا والصين بمستقبلهما على النمو الأخضر.
لجعل هذا الرهان رابحًا والاستفادة من إزالة الكربون يجب عليهما إيجاد قضية مشتركة بشأن التجارة والاستثمار النظيفين، وهو مجال يلتقي فيه المصالح الذاتية مع المنافع العامة.
مواد متعلقة
المضافة حديثا