الإمارات وكوريا: تحالف استراتيجي نحو الطاقة والتكنولوجيا الدفاعية والفضاء والذكاء الاصطناعي

الخميس 20 نوفمبر 2025 - 09:35 م

الإمارات وكوريا: تحالف استراتيجي نحو الطاقة والتكنولوجيا الدفاعية والفضاء والذكاء الاصطناعي

عائشة الغانم

عقد صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، ورئيس جمهورية كوريا، لي جيه ميونغ، اجتماعاً بقصر الوطن في أبوظبي، الثلاثاء الماضي، وذلك في إطار زيارة دولة قام بها الرئيس الكوري إلى دولة الإمارات.

أعرب الجانبان، خلال الاجتماع، عن تقديرهما للنمو المتسارع للتعاون بين البلدين في عدد من المجالات، التي تشمل الطاقة والبناء والبنية التحتية، والتجارة والاستثمار والدفاع، والتكنولوجيا الدفاعية والفضاء والتكنولوجيا المتقدمة، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي، إلى جانب الصحة والخدمات الطبية والزراعة والتعليم والتبادل بين الشعوب.

كما أشاد القائدان بالتطور الكبير الذي تشهده العلاقات الثنائية، خصوصاً بعد توقيع مشروع محطات براكة للطاقة النووية مع الشركات الكورية في عام 2009، وإرسال وحدة "الأخ" إلى دولة الإمارات في 2011.

وشدد الجانبان على عمق علاقات الصداقة بينهما على الصعيدين الآسيوي والشرق الأوسط، بناءً على الشراكة الاستراتيجية الخاصة التي تم تأسيسها عام 2018.

ويظهر هذا بشكل جلي من خلال التعاون الثنائي المستمر ضمن البرامج القائمة في قطاع الفضاء، والتي امتدت على مدار عقدين، حيث تُوِّج هذا التعاون بمشروعات حديثة، من أبرزها القمر الاصطناعي الراداري "اتحاد-سات" الذي تم تطويره بالشراكة مع شركة "ساتريك إنيشياتيف" الكورية عام 2025.

وتعكس الإنجازات السابقة، بما فيها إطلاق القمرين "دبي سات-1" و"دبي سات-2"، الجهود المشتركة في تطوير الأقمار الاصطناعية وتبادل المعرفة على نحو مستدام.

احتضنت جمهورية كوريا الاختبارات البيئية الخاصة بأول قمر اصطناعي إماراتي "خليفة سات"، الذي تم تطويره بالكامل داخل دولة الإمارات، حيث تُشكّل هذه الجهود ركائز للتعاون القائم بين البلدين.

في إطار الثقة الراسخة والاحترام المتبادل بما يعكس قيم التضامن، اتفق الجانبان على تعزيز الشراكة الاستراتيجية الخاصة بين دولة الإمارات وجمهورية كوريا، والارتقاء بها إلى آفاق جديدة وراسخة، بهدف البناء على علاقات مستدامة ووطيدة.

تسعى العلاقات الثنائية إلى تحمُّل التغيّرات الدولية، بما يعود بالمزيد من الخير والنماء والازدهار على البلدين والشعبين الصديقين.

وفي ضوء "مئوية الإمارات 2071"، التي تُمثّل خريطة طريق وطنية تهدف إلى تعزيز مكانة دولة الإمارات بين أفضل دول العالم بحلول 2071، أكّد الرئيسان على أن جمهورية كوريا شريك موثوق يتمتع برؤية مستقبلية.

في هذا السياق، أكّد الجانبان التزامهما بتعزيز التنسيق وتكامل الجهود بين البلدين، بما يُرسّخ التعاون، ويُعزّز شراكة تمتد إلى المئوية المقبلة.

اتفق الجانبان على توطيد إطار تعاون مستقبلي، يركّز على النمو المشترك والازدهار المتبادل في المجالات الاستراتيجية، مثل قطاع الدفاع والتكنولوجيا الدفاعية، والتقنيات المتقدمة والناشئة.

تهدف الدولتان إلى تعزيز التعاون في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي والكمّي، والطاقة النووية والصحة العامة والرعاية الطبية والأمن الغذائي والتبادل الثقافي.

كان هناك تأكيد على التزامهما بتعزيز الشراكة القائمة على الثقة المتبادلة والازدهار المشترك، ومواءمة الخطط الاستراتيجية بعيدة المدى بين البلدين.

بهدف تسريع النمو المشترك والازدهار المتبادل، أكّد القائدان على العمل لتعزيز آلية تعاون عملية ومستدامة تعود بالنفع على الجانبين.

يتضمن ذلك تأسيس منصات مشتركة للبحث والتطوير وتنمية قطاع التكنولوجيا وتبادل الخبرات والمعرفة، وبناء سلاسل توريد للموارد الأساسية.

تهدف الدولتان في مجال الذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات إلى البحث في المشروعات التي تعمل على تعزيز التعاون وتلبية الاحتياجات والقدرات الاستراتيجية، بما في ذلك مبادرات الاستثمار والتطوير والتصدير المشتركة.

ستُطلق الدولتان حواراً وزارياً رفيع المستوى، لتوطيد التعاون في مجال حوكمة الذكاء الاصطناعي المسؤول والأمن السيبراني، بهدف تعزيز مرونة منظومة أشباه الموصلات.

في مجال الطاقة النووية المدنية، سيعمل الجانبان على توطيد التعاون في مجال الوقود النووي والصيانة والتحول الرقمي، لتعزيز كفاءة واستقرار عمليات محطة براكة للطاقة النووية.

وفقاً لأهداف الشراكة الاستراتيجية الشاملة للطاقة، شدد الجانبان على التزامهما بدعم أهداف الطاقة النظيفة على المستوى العالمي، والإسهام في النمو المستدام، وتطوير حلول خفض الانبعاثات الكربونية.

في مجال الدفاع الوطني والتكنولوجيا الدفاعية، ستعمل الدولتان على تطوير التعاون في هذا المجال، ليشمل الإنتاج المشترك والتطوير التقني ونقل المعرفة والتعاون في مجال التكنولوجيا والإنتاج المحلي.

أكد الجانبان أهمية برامج تبادل المعرفة وبناء القدرات، لدعم القدرات الدفاعية الوطنية المستدامة.

في مجال المياه، أكدّ الجانبان الأهمية المتزايدة لهذا القطاع ضمن جهود العمل المناخي والتنمية المستدامة، كما قاما بتسليط الضوء على الدور المحوري لمؤتمر الأمم المتحدة للمياه لعام 2026.

في مجال الصحة العامة والرعاية الطبية، ستعمل الدولتان على تشجيع إنشاء مركز لتقديم الرعاية ما قبل العلاج وبعده للمرضى المقيمين في دولة الإمارات، وبحث مجمّع طبي كوري شامل.

اتفق الجانبان على توسيع نطاق التعاون التنظيمي الشامل، ليشمل الصحة الحيوية، ومجالات التجميل، والمنتجات الطبية المدعومة بالذكاء الاصطناعي والأبحاث ذات الصلة.

في مجال التعليم، ستعمل الدولتان على تشجيع الزيارات المتبادلة وبرامج التدريب وتنمية المواهب، وتوفير فرص التدريب العملي للشباب بين المؤسسات الرئيسة والجهات التعليمية.

في مجال الثقافة والتبادل بين الشعوب، أكّدت الدولتان التزامهما بدعم الجهود المشتركة لتعزيز مكانة دولة الإمارات مركزاً للتبادل الثقافي مما يسهم في توطيد الروابط الثقافية بين كوريا والشرق الأوسط.

أعرب الجانبان الإماراتي والكوري عن تطلعهما إلى تطوير مشروعات مبتكرة، مثل "مدينة كي الإماراتية"، التي تجمع بين الثقافة والمأكولات الكورية، والأعمال والشركات المبتكرة والموارد البشرية المؤهلة.

يهدف الجانبان إلى البحث عن فرص التعاون من خلال تعيين مسؤولين رفيعي المستوى، وتشجيع تبادل الزيارات رفيعة المستوى بين الوزارات، بما يُعزّز التعاون الاستراتيجي بين الدولتين.

اتفق الجانبان على تشكيل فريق عمل رفيع المستوى في وزارة الخارجية في دولة الإمارات ووزارة الخارجية في جمهورية كوريا، لضمان تطبيق الاتفاق الذي تم التوصل إليه خلال الاجتماع.

أكّد الجانبان التزامهما بإجراء محادثات بناءة، بهدف تعزيز الحوار وروابط التعاون بما يسهم في ترسيخ أساس متين من السلام والازدهار للأجيال القادمة.


مواد متعلقة