صراخ وطوابير في غزة: معاناة الجوع المستمر في طابور التكيات

الإثنين 28 أبريل 2025 - 06:41 م

صراخ وطوابير في غزة: معاناة الجوع المستمر في طابور التكيات

منى شاهين

يسرع الطفل الفلسطيني يوسف النجار، البالغ من العمر عشر سنوات، حافي القدمين وحاملاً قدرا مهترئا، ليلتحق بطابور مطبخ خيري في مدينة غزة مع بزوغ الفجر، ليجد المئات قد سبقوه.

ويقول الطفل بصوت خافت: "الناس يتزاحمون، ويخافون أن يخسروا دورهم. هناك أطفال صغار بين الأقدام، وأشخاص يسقطون أرضا بسبب التزاحم، والصراخ يعم المكان".

ويهـــرع الآلاف من سكان غزة وبينهم العديد من الأطفال إلى المطابخ الخيرية في الساعات الأولى من الصباح كل يوم، من أجل تحصيل الطعام لعائلاتهم، بينما حذّر برنامج الغذاء العالمي من أن مخزوناته الغذائية في القطاع قد نفدت بسبب الحصار الشامل على دخول المساعدات إلى غزة.

وقال المدير العام للجنة الدولية للصليب الأحمر بيير كراهنبول إن "شرارة جحيم جديد" انطلقت مع تجدّد الحرب في غزة في الثاني من مارس، متحدّثا عن "موت وإصابات ونزوح متكرر وأطراف مبتورة... وجوع وحرمان من المساعدات والكرامة على نطاق واسع".

وتفاقمت الأزمة الإنسانية في غزة بشكل كبير منذ أن أوقفت إسرائيل دخول المساعدات بعد استئناف الحرب.

ويهـــرول الطفل يوسف النجار الذي قتل والده في الحرب، كل صباح إلى المطبخ الخيري. ويقول "من شدّة الازدحام أحيانا يقع القدر من يدي، وكل الطعام يسقط على الأرض، وأعود الى عائلتي خالي الوفاض.. عندها أشعر بالقهر أكثر".

ووثّقت عدسة فرانس برس مشاهد لتجمهر العشرات من الأطفال حول تكية في مدينة غزة. يتدافعون بأوانيهم في محاولة يائسة للحصول على طعام يسدّّون فيه جوعهم. في محاولة لدفع الحشد إلى الوراء، يضرب أحدهم صبيّا عندما يقترب من وعاء مملوء بالأرز الطازج.

وتقول عايدة أبو ريالة، من منطقة النصيرات: "لا يوجد عندي أي كسرة خبزة. لا طعام لعائلتي. لذلك أضطر إلى الذهاب إلى التكية رغم معاناتي في الزحام والصراخ والتصادم. الأعداد كبيرة، وكلّهم جائعون مثلنا. أنتظر مع ابني دورنا في طابور التكية. وأحيانا كثيرة أعود بلا طعام لانتهاء الكمية".

وفي منطقة خان يونس يقول علاء أبو عميرة، النازح من بيت لاهيا: "عندما أصل طابور التكية، تكون الشمس لم تشرق بعد"، مضيفا "الناس يتزاحمون، وتحصل حالات تدافع خطيرة. رأيت طفلة وقع عليها طبق الطعام وأحرقها فنقلت إلى المستشفى."

وفي لاهاي قال السفير الفلسطيني عمار حجازي لمحكمة العدل الدولية في مستهل أسبوع من جلسات الاستماع المخصصة لالتزامات إسرائيل الإنسانية تجاه الفلسطينيين، إن إسرائيل تستخدم منع وصول المساعدات الإنسانية إلى الفلسطينيين في غزة "كسلاح حرب"، بعد أكثر من 50 يوما على فرضها حصارا شاملا على دخول المساعدات إلى قطاع غزة الذي مزقته الحرب.

وأضاف السفير حجازي: "أُجبرت جميع المخابز التي تدعمها الأمم المتحدة في غزة على إغلاق أبوابها".

وتابع أن "تسعة من كل عشرة فلسطينيين لا يحصلون على مياه شرب آمنة. ومنشآت التخزين التابعة للأمم المتحدة والوكالات الدولية الأخرى فارغة".

وأكد: "نحن أمام عملية تجويع. تُستخدم المساعدات الإنسانية كسلاح حرب".


مواد متعلقة