سيناريوهات خيالية لحرب بين أمريكا وكندا يرسمها خبراء استراتيجيات
الإثنين 12 مايو 2025 - 06:29 ص

على مدار القرن الماضي، تمتعت الولايات المتحدة وكندا بعلاقة صداقة قوية، وبدا أن احتمالية اندلاع حرب بينهما كانت خيالياً. لكن كانت هناك دائماً مخاوف لدى الاستراتيجيين العسكريين على جانبي الحدود. تعود تلك المخاوف جزئياً إلى الحروب التي خاضها البلدان معاً في الماضي.
اليوم، تفاقمت هذه المخاوف بعدما أعلن الرئيس دونالد ترامب عن رغبته في توسيع حدود الولايات المتحدة باتجاه القطب الشمالي. يعتقد ترامب أن غرينلاند ستكون أكثر أماناً كإقليم أميركي، ويرى أن كندا يمكن أن تنضم إلى الاتحاد الأميركي كولاية رقم 51، مصرّاً على أن هذا يمكن أن يحدث بوسائل سلمية.
لا يرغب الكنديون في ذلك. بعد وقت قصير من تنصيب ترامب، ارتفعت عمليات البحث في «غوغل» عن "غزو كندا" بشكل كبير. يدعو بعض الكنديين إلى ضرورة تسليح مواطنيهم للتحضير لأي طارئ محتمل.
مع ذلك، فإن احتمالية نشوب حرب بين البلدين الحليفين لا تزال ضئيلة للغاية، لكن المفكرين الاستراتيجيين في جوانب الحدود يبحثون في شكل هذا الصراع المحتمل.
في نهاية المطاف، التخطيط للحرب والطوارئ لا يعني بالضرورة أن ذلك سيحدث، لكن التخطيط يأخذ في الاعتبار كل السيناريوهات المتخيلة، بما في ذلك السيناريو غير المرجّح. المرة الوحيدة التي خاضت فيها الولايات المتحدة حرباً مع جارتها كانت في عام 1812.
عندما بلغت الحرب ذروتها، أبحرت القوات البريطانية عبر خليج «تشيسابيك»، ودخلت واشنطن العاصمة. اقتحموا البيت الأبيض المهجور، واحتفل الجنود بتناول عشاء الرئيس جيمس ماديسون وشرب نبيذه، ثم أشعلوا النار في معظم أنحاء العاصمة.
الاجتماع في بلجيكا لإجراء محادثات سلام اتهم البريطانيون الولايات المتحدة بإعلان الحرب وسعيها «لغزو كندا وضمها». نفى ذلك ممثلو الولايات المتحدة، لكن تصريحات الجنرالات شككت في موقفهم.
اتفاقية السلام أعادت الحدود إلى ما كانت عليه، ومع مرور الوقت، تضاءلت المخاوف، لكن الحروب ظلت مرجحة طوال معظم القرن الـ19.
في الحرب الأهلية، تورطت بريطانيا في أزمة دبلوماسية بعد احتجاز مبعوثَين كونفيدراليين، كانت الحرب وشيكة لدرجة أن حاكم كندا نقل قواته إلى الحدود.
سادت السكينة في النهاية، لكن التوتر عاد بعد غارات واغتيالات نفذتها «جماعة الإخوان الفينيين» في نيويورك، في أواخر القرن الـ19، وهي منظمة سعت لإنشاء جمهورية ديمقراطية مستقلة في إيرلندا.
رئيس الوزراء الكندي، جون أ. ماكدونالد، خشي الغزو فعلاً، فبدأ بإعداد كندا لذلك بإنشاء خط سكة حديد يربط بين الشرق والغرب لنقل القوات عند الحاجة.
كما أسس شرطة الخيالة الملكية الكندية لتكون «ميليشيا» دائمة للحماية من الغزو المحتمل من الجنوب.
في عام 1921، بدأ المقدم الكندي، جيمس باستر ساذرلاند براون، بإعداد «خطة الدفاع رقم 1». رغم أنها لم تكن خطة معتمدة رسمياً، استغلت القوات الكندية الحدود الطويلة ضعيفة الدفاع.
كانت الخطط تقتضي تنظيم هجوم على خمس جبهات جنوباً للسيطرة على خطوط السكك الحديدية والاتصالات الحيوية، ثم تراجع سريع للقوات الكندية لتنتظر وصول التعزيزات البريطانية.
نُظر إلى الخطط على أنها مثيرة للجدل، وأمرت بإلغائها بعد وقت قصير من إنشائها.
بعد أقل من عقد، بدأ الاستراتيجيون الأميركيون في تطوير نسخة طبق الأصل من هذه الخطط، سميت الخطة الحربية «الحمراء» والتي درست صراعاً عالمياً بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة. أُطلقت على كندا اسم رمزي «القرمزي».
يتناول التخطيط الأميركي تفاصيل غزو بحيرات نوفا سكوشا ومدينة سولت سانت ماري لرؤية احتمالية غزو محتمل.
لكن بمرور الوقت، تضاءلت المخاوف من حرب مع كندا.
في عام 1940، وقعت الولايات المتحدة وكندا اتفاقية تحمل المسؤولية المشتركة للدفاع عن «النصف الشمالي من الكرة الأرضية» وأنشأتا مجلساً للدفاع المشترك.
منذ ذلك الحين، تكاملت جيوش الولايات المتحدة وكندا بشكل عميق، ليشكل أرضية مشتركة للتعاون في عدة مجالات.
طوال الحرب الباردة، كانت العلاقات الأمريكية الكندية قوية بحيث لم تكن كندا تُعتبر تهديداً.
لكن خلافاً نشأ فيما يتعلق بالقطب الشمالي، المنطقة التي كانت محل خلاف رئيسي في العلاقات، خاصة بعد نصب شبكات رادار الإنذار المبكر بسبب الحرب الباردة وقرب روسيا.
اعتبرت كندا أن المياه بين أرخبيل أراضيها الشمالية هي مياه سيادية، بينما كانت الولايات المتحدة ترى أنها «مضايق دولية».
أثبتت أزمة «بولار سي» أن هناك إمكانية للخلاف، رغم التبادل الدبلوماسي الذي ساد عام 1988 بأن الولايات المتحدة تطلب الإذن عندما تسافر عبر القطب.
في حال تزايدت التوترات بين الولايات المتحدة وكندا مستقبلاً، ستكون على الأغلب حول السيادة على القطب الشمالي.
وبالنسبة لترامب، فإن الدولة التي لا تستطيع الدفاع عن نفسها ليست دولة حقيقية، مما يزيد من احتمال أن محاولات لاثبات السيطرة الأميركية قد تتزايد.
لكن رغم كل هذه الاحتمالات، لا يتوقع أن تُبصر خطط الحرب بين البلدين النور في هذا العقد، وربما حتى في هذا القرن.
مواد متعلقة
المضافة حديثا