"طوابير الانتظار تشهد ازدياداً بسوريا بسبب أزمة السيولة"
الجمعه 18 أبريل 2025 - 04:30 م

يجلس أبو فارس على قارعة الرصيف ليستريح بعدما انتظر ساعات في طابور أمام مصرف حكومي في دمشق، دون الحصول على جزء ولو يسير من راتبه، حاله كحال سوريين كثر يختبرون المشقة ذاتها يوميا بسبب نقص في السيولة تعانيه البلاد.
يقول الموظف المتقاعد لوكالة فرانس برس "أنا هنا منذ نحو أربع ساعات، ولم أستطع استلام راتبي بعد". ويضيف الرجل البالغ 77 عاما أثناء انتظاره تحت أشعة الشمس مع عشرات آخرين أمام فرع المصرف التجاري الحكومي السوري وسط دمشق "هناك طوابير طويلة من الناس المنتظِرة، ولا أموال كافية في الصرافات الآلية".
فرض المصرف المركزي في فبراير قيودا على سحب الأموال النقدية من المصارف والصرافات الآلية، ما وضع السوريين أمام أزمة نقدية تضاف إلى سلسلة من المشكلات الاقتصادية التي يعانونها، موروثة في غالبها من حكم الرئيس بشار الأسد الذي أطاحته فصائل معارضة في ديسمبر.
في بلد يعمل في قطاعه العام نحو مليون و250 ألف شخص بحسب السلطات، يُضطر هؤلاء الموظفون للوقوف ساعات في طوابير أمام فروع المصارف الحكومية أو أجهزة الصراف الآلي. ويأخذ بعضهم إجازة من عملهم لقضاء يوم كامل في محاولة لسحب جزء بسيط من رواتبهم.
يوضح أبو فارس "هناك مرضى وكبار في السن، ولا نستطيع أن نبقى على هذه الحالة".
أنهك النزاع في سورية الذي امتد 14 عاما الاقتصاد المحلي، وزادت أزماته حدة عقوبات فرضتها دول عدة خصوصا الغربية منها، على النظام السابق. وعمّم البنك المركزي على المصارف الالتزام بسقف يومي بسحب 200 ألف ليرة للفرد.
تقول موظفة في مصرف خاص طالبة عدم كشف هويتها "هناك نقص واضح في السيولة، وليس لدينا تحكم بكامل إيداعات مصرفنا في البنك المركزي"، موضحة "بالتالي نتحرك مع عملائنا ضمن ميزانية محددة لا يمكن تجاوزها".
ضاعفت هذه الأزمة أعباء السوريين في بلد يعيش 90% من سكانه تحت خط الفقر. ووقف نحو ثلاثمئة شخص في طوابير متداخلة أمام كوة المصرف التجاري الحكومي.
تؤكد الموظفة الحكومية عفراء جمعة أنها تنفق الأموال التي تتمكن من سحبها لدفع أجرة الطريق. تقول "الأوضاع صعبة ونحن بحاجة لقبض رواتبنا وسحب ودائعنا بأسرع وقت ممكن".
تضيف "نضطر لتأخير التزاماتنا حتى نحصل على أموالنا، وهذا الأمر ليس متاحا دائما، والناس تطالبنا بالايجارات وإغلاق الديون المتراكمة".
عقب اندلاع النزاع وفي ظل العقوبات الاقتصادية على الحكم السابق، باتت طباعة الأوراق النقدية السورية تتمّ حصرا في روسيا. وبعد الإطاحة بالرئيس السوري، تلقت دمشق شحنة واحدة من الأموال النقدية المطبوعة في روسيا.
وأفاد المصرف المركزي السوري بوصول "مبالغ مالية من فئة الليرة السورية قادمة من روسيا"، من دون أن يكشف عن كميتها أو حجمها.
يعزو الخبير الاقتصادي جورج خزام نقص الكتلة النقدية المتداولة إلى تعمد الصرافين "تجفيف السيولة بالليرة السورية بهدف إحداث تقلبات سريعة في السوق".
يوضح "كلما كانت كمية الأموال المتداولة بالليرة السورية بالأسواق قليلة، كلما زادت قدرة الصرافين على إحداث التقلب المطلوب في سعر صرف الدولار".
يعد تحسين سعر صرف الليرة من أبرز التحديات المالية في سوريا بعد تدهور قيمتها مقابل الدولار. ويناهز سعر الصرف الرسمي 10 آلاف ليرة مقابل الدولار.
من بين الواقفين خارج المصرف التجاري الموظفة منتهى عباس التي تتقاضى راتبا قدره 500 ألف ليرة. ووفق قيود السحب، تحتاج عباس إلى ثلاث محاولات لأخذ راتبها الشهري كاملا.
انتظرت السيدة التي تضع حجابا أبيض اللون خمس ساعات، تمكنت من الحصول على 200 ألف ليرة على أن تكرر محاولة أخذ ما تبقى في اليوم التالي.
تقول عباس "هناك الكثير من الصرافات في دمشق، لكن ما يعمل منها هو عدد قليل بسبب نقص كميات الأموال". تضيف "حياتنا باتت عبارة عن طوابير".
والأوضاع تبقى صعبة على الناس في سوريا، مسألة سحب الرواتب والودائع أصبحت تحديا كبيرا للسوريين الذين يعانون أشد المعاناة في ظل النزاع المستمر.
مواد متعلقة
المضافة حديثا
الأكثر مشاهدة اليوم