إرسال قوات سلام من الناتو إلى أوكرانيا: خيار محفوف بالمخاطر

السبت 19 أبريل 2025 - 03:49 ص

إرسال قوات سلام من الناتو إلى أوكرانيا: خيار محفوف بالمخاطر

منى شاهين

تبدو فكرة تحقيق أوكرانيا نصراً يعيد الأراضي المفقودة لصالح روسيا منذ عام 2014، غير واقعية. في ظل الحرب المتواصلة وتعثر المفاوضات، بدأت بعض الأطراف في الترويج لفكرة نشر قوات حفظ سلام كحل بديل. اجتمع كبار مسؤولي الدفاع في المملكة المتحدة لبحث تشكيل "ائتلاف من الدول الراغبة" في مهمة حفظ السلام.

الباحث بينس نيميث من جامعة "كينغز كوليدج" لندن أكد أن القادة الأوروبيين لن يرسلوا قوات إلى أوكرانيا إلا إذا تم تحقيق سلام دائم، وهو ما استبعده الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خصوصًا إذا كان السلام يتضمن وجود قوات غربية في أوكرانيا. ولكن يجب فهم أن مهمة حفظ السلام ليست بديلاً للمفاوضات أو القوة العسكرية.

نجاح مثل هذه المهمة يعتمد على وجود اتفاق سلام حقيقي يمكن حفظه. في أحسن الأحوال، يمكن لقوات حفظ السلام أن تعزز الثقة بين الأطراف المتحاربة، لكنها لا تستطيع فرض نفسها بالقوة ولا تأتي قبل الاتفاق السياسي. أما بالنسبة لدور حلف "الناتو" الدفاعي، فهو فعال ضمن دوله الأعضاء من خلال الردع العسكري والتخطيط الدفاعي.

في الظل عدم استعداد الحلف لاستخدام كل قوته، وهو قرار محفوف بالمخاطر خصوصًا مع روسيا، فإن قرار إنهاء الحرب يبقى بيد بوتين. السؤال هنا، هل يجب على "الناتو" إرسال قوات إذا تحقق اتفاق سلام؟ الفكرة تعتبر منطقية في حال كان الهدف تفادي خسائر بشرية كبيرة مقابل مكاسب ضئيلة.

بعض دول "الناتو" قد أبدت استعدادها للمشاركة بقوة تصل إلى 30 ألف جندي لهذا الغرض. بالنظر إلى "القوة متعددة الجنسيات في سيناء"، قد تكون مهمة مشابهة بين روسيا وأوكرانيا ممكنة، لكن التحدي يأتي من الحدود الطويلة الممتدة لأوكرانيا مع روسيا والتي تصل إلى 1600 كيلومتر، وهو نطاق واسع مقارنة مع سيناء.

وفي هذا الإطار، تبرز بعض التساؤلات الهامة: أولًا، "الناتو" ليس طرفًا مباشرًا في الحرب، بل يقدم دعماً لأوكرانيا عبر أعضائه بشكل فردي. من غير المتوقع موافقة جميع الدول الأعضاء على مهمة مشتركة. ثانيًا، من غير المرجح أن توافق روسيا على هذا؛ بوتين يرى تواجد قوات "الناتو" قرب حدوده تهديدًا مباشرًا.

ثالثًا، حتى لو تم الاتفاق على نشر 30 ألف جندي، من أين ستأتي هذه القوات؟ معظم الدول الأعضاء ملتزمة بالفعل بمهام الدفاع داخل "الناتو"، مما يجعل من الصعب توفير هذه القوات في الوقت الحالي.

رغم أن "الناتو" يمتلك الخبرة والقدرة لتنظيم مثل هذه المهمة، الاعتبارات السياسية والعسكرية تجعل الخيار صعبًا حاليًا. قد يكون من الأنسب أن تتولى الأمم المتحدة أو منظمة محايدة أخرى هذه المهمة، مما قد يجعلها أكثر قبولًا من الجانب الروسي. بهذا الشكل، يمكن توجيه الموارد العسكرية لدعم حدود "الناتو".

يبدو أن بعض أعضاء "الناتو" قد يكون لديهم رغبة في المشاركة، ولكن الابتعاد عن اتفاق مباشر بين روسيا وأوكرانيا ربما يكون أفضل سياسيًا واستراتيجيًا. توجيه الموارد العسكرية لتعزيز حدود الحلف قد يكون خيارًا أكثر أمانًا من مغامرة غير محمودة العواقب في أوكرانيا.


مواد متعلقة