أسرار الأمثال الشعبية تجسيد للذاكرة الإماراتية الحية

الأحد 24 أغسطس 2025 - 12:58 ص

أسرار الأمثال الشعبية تجسيد للذاكرة الإماراتية الحية

مريم صوفان

تُعد الأمثال الشعبية جزءاً مهماً من التراث الثقافي والذاكرة المشتركة لأهل الإمارات، حيث تعبر عن حكمة وتجارب عميقة بخطوات بسيطة ومختصرة. هذه الأمثال تختزل تجارب الماضي بأسلوب يمكن لكل من الكبار والصغار الاستفادة منه، وتتناقلها الأجيال طويلة.

الأمثال ليست مجرد وسيلة لنقل التجارب، بل هي أداة للحفاظ على التراث الثقافي والعادات والتقاليد التي كانت سائدة في المجتمع الإماراتي في فترات مختلفة. فهي تشير إلى المهن التراثية، سواء في البحر أو البادية، وتبرز أهمية التمور والنخلة في حياة الناس.

الأمثال الشعبية تغطي موضوعات متعددة تأثرت بحياة الناس اليومية وعاداتهم، وتحض على التمسك بالأخلاق والعمل الجاد. من أشهر الأمثال: "اللي ما يعرف الصقر يشويه"، للمواقف التي يظهر فيها الجهل بقيمة الأشياء، و"من كبّر اللقمة.. غص"، يصف الطمع.

"من جاء بدون عزيمة قعد بدون فراش"، ينبه إلى أهمية التخطيط والعمل المسبق. ويشير مثل "اللي ما يزرع الدبّاس ما ياخذ بنات الناس" إلى قيمة العمل. ويحث المثل "اللي ما عنده عمل يكاري له جمل" على الابتعاد عن الفراغ.

الأمثال مهمة في الثقافة المحلية ولذلك وثّقت في الكتابات والأبحاث المختلفة، مثل "المتوصف" لعبدالله بن دلموك، حيث يحتوي على 534 مثلاً شعبياً. وقد حرص الكتاب على تقديم تفسير سهل للأمثال مع مراعاة التنوع الجغرافي للدولة.

وثقت الشيخة صباح الخييلي في مؤلفها "وين الطروش" مجموعة كبيرة من الأمثال الشعبية، موضحة المغزى من كل مثل والاستخدامات في الحياة اليومية. من أمثلتها: "الباب ييك منه الريح سده واستريح"، يحث على الابتعاد عن الأذى.

في سياق مشابه، نجد مثل "شهر ما لك فيه صدقة لا تعد أيامه" الذي يُقال للشخص غير المتوقع منه خير. والأمثال تركز أيضاً على القناعة والإيمان بالنصيب مثل "لو تركض ركض الوحوش غير رزقك ما تحوش"، مما يشجع على الرضا.

الشاعر والباحث فهد المعمري تناول في كتابه "مختارات من الحكم والأمثال في الشعر الشعبي الإماراتي" أمثالاً تعزز من قيم الكرم مثل "إذا بغيت الجود دق أهله". كما يدعو المثل "الزبيبة ما تشبع لكنها تطيب الخاطر" إلى مساعدة الآخرين.

المأثولات تدعو للابتعاد عن السيئين من الناس مثل "السمكة الخايسة تخيس السمك كله". وتؤكد على أهمية الصحبة الجيدة والأخلاق مثل "الصديج قبل الطريج". و"العنز ما تشوف ذيلها" يصف الأشخاص الذين يرون عيوب الآخرين ولا يلاحظون عيوبهم.

الكلمة الجميلة الأخرى تشجع على حسن اختيار الأصدقاء والشركاء في الحياة مثل "حلاة الثوب رقعته منه وفيه". بينما تشير "اللي ما يعرفك ما يثمنك" إلى قلة تقدير من لا يعرفون الشخص جيداً، وهذه الأمثال كلها تبين أهمية العمل الاجتماعي.


مواد متعلقة