راشد بن سعيد: القائد الذي حوّل الصحراء إلى ذهب
الثلاثاء 07 أكتوبر 2025 - 02:04 ص

في كل عام، تتوقف دبي والإمارات عند يوم السابع من أكتوبر، لتستلهم من ذكرى رجل لم يكتفِ برؤية المستقبل فحسب، بل قام ببنائه بعزيمة لا تلين.
إنه الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، رحمه الله، الذي حوّل الحلم إلى واقع ملموس، فقام بتحويل الرمال إلى ذهب، ليقود نهضة دبي الحديثة.
كان الشيخ راشد مهندس تحول دبي من إمارة صحراوية إلى مركز عالمي حديث، عبر رؤيته الثاقبة وتحقيقه للبنية التحتية وتنوع الاقتصاد بعيداً عن النفط.
خلال ثلاثة عقود، لم تتطور فقط دبي، بل تغيرت مفاهيم القيادة والتنمية الاقتصادية في المنطقة بأسرها.
لم يكن الشيخ راشد قائداً عادياً، بل كان مهندساً ومخططاً اقتصادياً وحضرياً، واضعاً أول خريطة لنهضة دبي، محولاً قرية صيد إلى مفترق طرق للتجارة العالمية.
تحيي الإمارات اليوم الذكرى الـ35 لوفاة الشيخ راشد بن سعيد، الذي حول دبي إلى مدينة عالمية تنموية.
وُلد الشيخ راشد في الشندغة بدبي في أوائل القرن العشرين، تحت ظل أسرة آل مكتوم التي تميّزت بقيم البساطة والتجارة.
توفي الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم في السابع من أكتوبر عام 1990 عن عمر يناهز 78 عاماً، خدم خلالها وطنه ومواطنيه بإخلاص.
بدأ الشيخ راشد مسيرته في وقت حرج، عندما كانت دبي تعاني من انهيار تجارة اللؤلؤ والحصار البحري بعد الحرب العالمية الثانية.
واجه الشيخ راشد تحديات ضخمة، فكانت عوائد النفط غير كافية لتمويل طموحاته.
آمن الشيخ راشد بمبدأ ثوري، حيث اعتبر أن الموقع الجغرافي أهم من النفط، مستهدفاً تحويل دبي إلى مركز تجاري.
كان من أوائل خطواته إدراكه أن التوسع العشوائي لن يحقق الاستدامة، لذا استعان بشركة استشارية بريطانية لوضع مخطط دبي العصري.
لم ينتظر الشيخ راشد تدفق النفط، بل أطلق مشروعاته العملاقة من خلال قروض خارجية، رهناً مستقبل الإمارة بقدرته على الإنجاز.
ومن أبرز الإنجازات تعميق خور دبي (1959-1970) وهو القلب التجاري للإمارة.
بدأت أعمال الحفر للخور في 1959 بقرض قدره نصف مليون جنيه إسترليني، لتمكن دبي من استقبال كبريات السفن.
كما أطلق الشيخ راشد سلسلة من مشاريع الموانئ مثل ميناء راشد (1972) وميناء جبل علي (1979)، ليجعل من دبي مركزاً لإعادة الشحن في المنطقة.
ولم تقتصر إنجازاته على البحار، بل شمل بناء الدولة عبر تأسيس مطار دبي الدولي (1959) وبناء الطرق والجسور.
أنشأ الشيخ راشد دائرة الأراضي والأملاك وبلدية دبي وبنك دبي الوطني، ما جعل الإدارة الحكومية أكثر كفاءة.
شهد عهده إنشاء مركز دبي التجاري العالمي (1978)، معلناً دخول دبي إلى عالم الأعمال الدولي.
قفز عدد سكان دبي من 59 ألف نسمة في 1968 إلى 278 ألفاً في 1980، مما دفع الشيخ راشد لتطوير البنية التحتية.
كان الشيخ راشد شريكاً أساسياً في تأسيس دولة الإمارات إلى جانب الشيخ زايد بن سلطان.
تجسدت رؤيتهما في الاتحاد، لتعلن الإمارات في 2 ديسمبر 1971.
تبنى الشيخ راشد سياسة حكيمة واقتصادية تُعرف بأن "كل درهم له قيمة"، ما ساهم في تمويل مشاريع دبي رغم محدودية الموارد.
كان قريباً من شعبه بتقديره للأعمال الإنسانية وحب الخير، مما أكسبه ثقة التجار والمستثمرين.
شجع الشيخ راشد الجيل القادم ونقل ثقافة القيادة لنجله الشيخ محمد بن راشد، الذي واصل المسيرة.
عندما توفي الشيخ راشد بن سعيد عن عمر 78 عاماً، ترك دبي كمدينة متكاملة واقتصاد متين.
بصماته باقية في ملامح دبي الحديثة، محولاً إياها إلى منارة تجارية عالمية.
تذكير سنوي بأن النهضة تُبنى بالتخطيط والعمل، والريادة تحتاج لمشروع مستمر وإرادة قوية.
لم تقتصر رؤية الشيخ راشد على البنية التحتية، بل امتدت لبناء مجتمع سليم وتعليم شامل.
بنى الشيخ راشد أول المستشفيات والمدارس، مثل "المدرسة الأحمدية" ومدرسة "السعدية"، مستثمراً في التعليم الإماراتي.
مجلس الشيخ راشد في قصر زعبيل كان مفتوحاً للجميع، ليقدم حلولاً ويحافظ على العدالة.
تجلى عدل الشيخ راشد في الاستماع للجميع، حتى دون اعتبار للجنسية، لتقديم الحلول والمساعدة.
كان الشيخ راشد مثلاً للحلم والصبر، مفضلاً البساطة والتواضع، مما أكسبه محبة شعبية كبيرة.
في 32 عاماً، تحوّلت دبي إلى مركز عالمي للاقتصاد والمال والأعمال والعيش الكريم.
ساهمت الأعمال الإنسانية في نهج راشد، إذ أنه كان رفيقاً للشيخ زايد في تأسيس الاتحاد.
كانت قيادة راشد متميزة بالعدل والإنسانية، مما أكسبه ثقة جميع الناس حوله.
مواد متعلقة
المضافة حديثا