باحثون يستقصون تأثير الضغط العصبي على تطور السرطان
الثلاثاء 15 أبريل 2025 - 09:49 ص

قبل قرابة ألفي عام، تحدث الطبيبان اليونانيان أبوقراط وجالينوس عن الاحتمال بأن الحزن أو الاكتئاب، الذي يتسبب فيه ما أسمياه العصارة السوداء، قد يؤدي إلى الإصابة بالسرطان. منذ ذلك الحين، أخذ العلماء والأطباء في البحث عن العلاقة بين السرطان والحالة النفسية للشخص. حتى أن البعض اقترح أن هناك شخصيات تميل للإصابة بالسرطان.
ورغم أن معظم الباحثين الآن يرفضون فكرة الشخصيات المعرضة للإصابة بالسرطان، إلا أنهم يواصلون البحث عن العلاقة بين التوتر والعوامل النفسية وبين احتمالات الإصابة بالمرض. وقد ربطت العديد من الدراسات بين السرطان والاكتئاب والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتدنية والعوامل التي تسبب توترات عصبية.
تقول جوليان بوار استاذة طب النفس بجامعة كاليفورنيا إن الباحثين أجروا دراسات على الخلايا والحيوان لكشف آليات تأثير التوتر على الأورام. وتوصلوا إلى أن العوامل النفسية يمكن أن تؤثر على الجوانب البيولوجية للورم، وأن مكافحة الإشارات الكيميائية التي يسببها التوتر يمكن أن تحسن فرص العلاج.
وتؤكد الطبيبة إليزابيث راباسكي من مركز روزيل بارك في نيويورك أن التوتر المزمن يمكن أن يؤدي إلى نمو سرطاني. وجدت الباحثة إريكا سلون من جامعة موناش بأستراليا أن الفئران المصابة بالتوتر المزمن تزيد فيها الوصلات بين أورام الثدي والنظام الليمفاوي، مما يعزز انتشار السرطان.
وتبيّن أن أدوية حاصرات مستقبلات بيتا المستخدمة لعلاج ارتفاع ضغط الدم يمكن أن توقف نشاط جزيئات رئيسية في النظام العصبي السيمبثاوي وتمنع انتشار السرطان لدى الفئران. وأكدت فرق بحثية أخرى أن التوتر يسبب تغييرات على مستوى الجزيئات داخل الجهاز المناعي، مما يعزز من نمو الخلايا السرطانية.
كما يوضح الباحثون أن التوتر يعرقل نشاط الخلايا المناعية المسؤولة عن مقاومة السرطان. وقد أظهرت دراسات أن التوتر والاكتئاب يثبطان قدرة الخلايا المناعية على مقاومة السرطان، وخصوصاً لدى مرضى سرطان المبيض.
وتشير الأبحاث إلى أن الدعم النفسي والاجتماعي لمرضى السرطان يمكن أن يسهم في تقليل نمو الأوعية الدموية التي تغذي الأورام السرطانية، وهذا الاكتشاف يحمل الأمل في تحسين العلاجات المتاحة.
وجدت الأبحاث أن التوتر يزيد من تكوين الأوعية الدموية التي تغذي الأورام، ولكن الأدوية مثل حاصرات مستقبلات بيتا قد تساعد في مقاومة هذه التأثيرات وخاصة في سرطان المبيض.
وأظهرت أبحاث أخرى أن الأدوية نفسها قد يكون لها تأثير إيجابي على أنواع أخرى من السرطان مثل سرطان الدم والبروستاتا. ويرى الباحثون أن ارتفاع معدلات هرمونات التوتر يمكن أن تنشط الخلايا السرطانية الكامنة داخل الجسم.
وتشير الأبحاث إلى أن التوتر يمكن أن يسرع سلسلة من التغيرات الكيميائية الحيوية داخل الجسم، مما يهيئ بيئة مواتية لانتشار السرطان. وتوضح الأبحاث أن إشارات التوتر والبيئة البيولوجية المحيطة لها تأثير على جميع التفاعلات المتعلقة بالسرطان.
وخلال بعض التجارب السريرية، وجد أن حاصرات مستقبلات بيتا تساعد في زيادة فعالية العلاج المناعي للسرطان. وأظهرت نتائج مبدئية أن هناك انخفاضاً في مؤشرات انبثاث السرطان وزيادة في الخلايا المناعية المقاومة للسرطان عند استخدام هذه الأدوية.
ورغم أن الدراسات حول حاصرات مستقبلات بيتا واعدة، لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت هذه الأدوية تناسب جميع أنواع السرطان، حيث أن بعض المرضى لديهم استجابة سلبية، خصوصا مرضى الربو وأمراض القلب.
توضح باتريشيا مورينو خبيرة النفس في جامعة ميامي أنه لا يمكن الجزم بأن التوتر يؤدي مباشرة للإصابة بالسرطان، ولكن المختصون ينصحون بدمج العلاج النفسي في خطط علاج المرضى، خاصة ممن يعانون من التوتر، كجزء من برامجهم العلاجية.
مواد متعلقة
المضافة حديثا
الأكثر مشاهدة اليوم