الولايات المتحدة وأوكرانيا تعيدان صياغة استراتيجيات مواجهة الطائرات المسيرة
الإثنين 06 أكتوبر 2025 - 10:02 م

في ظل التطورات الحديثة، أصبحت الطائرات المسيّرة (الدرون) جزءاً لا يتجزأ من الساحة الحربية في القرن الحادي والعشرين. لقد شغلت هذه الطائرات حيزاً كبيراً في روسيا وأوكرانيا، حيث استبدلت دور الطائرات التقليدية في العديد من المواقف. هذا التحول أصبح ذا أهمية كبيرة في تاريخ الحروب المعاصرة.
وفي أغسطس الماضي، تم رصد اختراق طائرات روسية مسيّرة للمجال الجوي البولندي، حيث تم إسقاطها بالقرب من الحدود. هذا الحدث يعزز الحذر والتوتر في أوكرانيا، لاسيما أنها ليست الحادثة الوحيدة المتعلقة بطائرات الدرون. ففي الدنمارك والنرويج، تم تسجيل تعطيل مطارات يشتبه أن مصدره طائرات مسيرة بدعم محتمل من الكرملين.
هذه الحوادث ليست مجرد استفزازات منفردة، بل هي جزء من اختبارات لقدرات حلف الناتو الدفاعية أمام تهديدات جديدة ومتطورة. القادة العسكريون الغربيون يغمرهم القلق حيال تصاعد استخدامات الطائرات المسيّرة، ما يتطلب على الناتو دمج هذه الابتكارات في خططه الدفاعية.
أصبحت الطائرات المسيّرة عنصراً أساسياً في الحروب الحديثة، خاصة في ظل الخبرة التي اكتسبتها أوكرانيا في هذا المجال. إذ أدت الحرب بينها وبين روسيا إلى تحول جوهري في طبيعة هذه الحروب الجوية، حتى أن الولايات المتحدة، بقوتها الدفاعية الهائلة، واجهت تحديات جديدة في مواجهة الاستخدام المكثف لطائرات الدرون.
يتفوق الجيش الأميركي في تصنيع الطائرات التقليدية والأسلحة المتطورة، ولكنه يتخلف عندما يتعلق الأمر بصنع الأنظمة الرخيصة والسريعة في التبديل. كما تفتقر القوات الأميركية إلى الخبرة القتالية في تشغيل الدرون، وهو أمر اضطر الأوكرانيون للتكيف معه سريعاً.
واعترف البنتاغون بوجود فجوة في مجاله، وأصدر وزير الدفاع في يوليو الماضي خطة لتسريع تبني الجيش للطائرات المسيّرة وتحديثها لمواجهة الحروب المستقبلية. وكانت من بين الإجراءات تجربة طائرات ميسّرة مطبوعة بتقنية ثلاثية الأبعاد، والتدريب على أجهزة المحاكاة.
على النقيض، اعتمدت أوكرانيا على استراتيجية تطوير سريعة في مجال الدورنات، حيث تصنع أكثر من 95% منها محلياً. تلعب التغذية الراجعة من الجنود في الميدان دوراً مهماً في تصميم النماذج الجديدة، لتتماشى مع احتياجات المعركة مع تعزيز القدرات التكتيكية.
من أبرز الأمثلة على التطور الأوكراني هو تطوير طائرات درون للمعارك الليلية، والتي أطلق عليها "بابا ياغا". هذه الطائرات تقبع بين أخطر الأسلحة في ساحات الحرب، حيث تمتلك قدرات مدمرة وترهيبية.
الطائرات المسيّرة الأوكرانية مثل "كازان بات" تمتاز بقدرتها على قصف الأهداف وحمل أنواع متعددة من الذخيرة، كما تتمتع بمرونة كبيرة أمام الصواريخ الإلكترونية. تطور هذا السلاح أصبح ضرورة وسط المواجهات المتصاعدة في المنطقة.
ومع الخطر المتزايد الذي تشكله روسيا، تدرك الناتو أنه لابد من الاستفادة من الاستراتيجيات الدفاعية الأوكرانية. في ظل التغيرات الحديثة في الحروب، يبدو المستقبل غير مأهول بالبشر، حيث بات الإبداع الأوكراني عنصراً حيوياً للناتو في التحضير للمستقبل.
يعكس قانون المصالحة الدفاعية، الذي أقره الكونغرس، التوجه نحو الاستثمار في أنظمة الطائرات بدون طيار وإيجاد فرص جديدة للتعاون مع أوكرانيا. يسعى الغرب لتسريع دمج الطائرات المتطورة في قوات الناتو وإنشاء قواعد إنتاج متفوقة.
الحرب في أوكرانيا كشفت عن الثغرات والفرص في الصراعات الحديثة، وتصاعد وتيرة الطائرات الروسية بدون طيار أظهر الحاجة الملحة لتطوير القدرات التسليحية لمجابهة هذه التحديات.
التعاون بين الولايات المتحدة وأوكرانيا قد يُعزز الاستعدادات للحروب المستقبلية، بفضل الموارد الأميركية والخبرة الأوكرانية الميدانية. هذه المشاركة قد تعيد تعريف مفاهيم الردع في عصر الدرون.
ولكي تنجح هذه الشراكة، يجب على أوكرانيا تعزيز قدرتها الحربية مع إصلاح الساحة السياسية، مع إزالة العقبات التي تزعزع الاستثمارات الأجنبية في قطاع الدفاع.
أوكرانيا أظهرت قدرة لا مثيل لها في التكيف مع ظروف الحرب بسرعة مذهلة. وعليها الآن تطبيق هذا النهج في سياساتها لضمان مستقبل آمن لحلف الناتو.
مواد متعلقة
المضافة حديثا