مواطن ينقذ 3 أشخاص بتبرعه بأعضاء طفلته المتوفاة، وطفلة تخلص سيدة من الفشل الكلوي

الجمعه 14 نوفمبر 2025 - 05:59 ص

مواطن ينقذ 3 أشخاص بتبرعه بأعضاء طفلته المتوفاة، وطفلة تخلص سيدة من الفشل الكلوي

عبد الله الغافرى

في دولة الإمارات، كشف الدكتور علي العبيدلي، رئيس اللجنة الوطنية للتبرع وزراعة الأعضاء، عن قصص إنسانية مؤثرة في مجتمع الإمارات. هذا الجهد البشري يعكس قيم الرحمة والعطاء التي تتجسد من خلال البرنامج الوطني للتبرع وزراعة الأعضاء والأنسجة البشرية المعروف بـ"حياة".

واحدة من القصص الملهمة تتعلق بأب مواطن فقد ابنته البالغة من العمر خمس سنوات، وبدلاً من الانغماس في الحزن، قرر التبرع بأعضائها لإنقاذ حياة ثلاثة أشخاص. في لحظة مؤثرة، قال: "أنا متعلق بابنتي، وأرغب في أن تترك أثراً".

في قصة أخرى، أصر والدا رضيعة لم تتجاوز أسبوعين على التبرع بكليتيها بعد وفاتها. هذه الكليتين أعطتا حياة جديدة لسيدة تبلغ من العمر 48 عاماً، كانت تعاني من الفشل الكلوي. تحول هذا الفعل النبيل إلى حياة جديدة للمريضة.

وأوضح العبيدلي أن هذه المواقف النبيلة جعلت من أصحابها "سفراء العطاء"، ومكنت برنامج "حياة" من أن يصبح نموذجاً عالمياً يحتذى به في زراعة الأعضاء. الإمارات تعتبر الآن فخراً في المحافل الطبية الدولية.

منذ انطلاق البرنامج في 2017، تمت أكثر من 2034 عملية زراعة أعضاء في الإمارات. عدد المتبرعين المسجلين تجاوز 36 ألف شخص، وهو ما يعكس ثقة المجتمع في النظام الصحي والتشريعي المتين في الدولة.

يعلل العبيدلي هذا النجاح بوجود منظومة تشريعية متوافقة مع الفتاوى الشرعية وتأهيل الكوادر الطبية. حتى الآن، تم تدريب أكثر من 10 آلاف مختص للتأكد من تطبيق أعلى معايير الزراعة العالمية.

اليوم، تستطيع الإمارات إجراء جميع أنواع زراعات الأعضاء المعقدة، بما في ذلك زراعة القلب والرئتين والبنكرياس والكبد والكلى، وحتى العمليات المزدوجة مثل زراعة كبد وكلية في آن واحد.

على صعيد عالمي، لا تتجاوز نسبة الأعضاء المتبرع بها 10% من الاحتياج الفعلي. يعود السبب لتزايد الأمراض المزمنة وارتفاع متوسط الأعمار مقارنة بالإمكانات الفنية المحدودة لبرامج الزراعة في الدول.

هناك فجوة أيضاً في "ثقافة التبرع". رغم أن 70 إلى 90% من الناس يدعمون فكرة التبرع بالأعضاء، فإن عدد المسجلين أقل بكثير. يتطلب الأمر تمكين الناس بالمعلومة المناسبة لتحويل هذا الشعور الإنساني إلى قرار فعلي بالتسجيل.

يؤكد العبيدلي أهمية الوعي المجتمعي في الوقاية من أمراض الفشل العضوي، مشيراً إلى أن تغييرات في نمط الحياة، الغذاء الصحي، والنشاط البدني يمكن أن تقلل من هذه الأمراض.

الإمارات تمكنت من بناء نموذج فريد في هذا المجال، يجمع بين تهيئة القطاع الطبي والثقة المجتمعية قبل إطلاق حملات التسجيل. تجربة الإمارات تظهر أن الوعي المجتمعي ليس جديداً في المنطقة.

وفق دراسة أجريت بجامعة محمد بن راشد في 2016، 68% من أفراد المجتمع كانوا مستعدين للتبرع بعد الوفاة. هذه النسبة توازي المعدلات العالمية.

كما أن المرصد الدولي لإحصاءات التبرع بالأعضاء أبرز النمو السريع للإمارات مقارنة بدول أخرى. هذا يضع الإمارات في مقدمة الدول التي بنيت فيها منظومات مستدامة لزراعة الأعضاء.

وأخيراً، دعا الدكتور علي العبيدلي المجتمع للتسجيل في برنامج "حياة"، مؤكداً أن هذه الخطوة الصغيرة قد تنقذ حياة شخص آخر. وقال: "التبرع بالأعضاء أعظم ما يمكن أن يقدمه الإنسان بعد وفاته، لأنه يمنح الحياة لمن ينتظرها".


مواد متعلقة